الإثنين , ديسمبر 23 2024
الدكتور إيهاب أبو رحمة

وطار الدولار يا ولدى

د. إيهاب أبو رحمه 

لست خبيرا اقتصاديا ولا أدعى كما هو الحال مع الكثيرين الذين تمتلئ بهم الشاشات التليفزيونية يوميا ,و لكنى مواطن مصري أنقل انطباعي الشخصي عن أزمه حقيقيه قادمه على بسطاء هذا الشعب ,أنقل انطباعات شخصيه عن الوضع المستقبلي لمحدودي الدخل و الذين تغير مسماهم الان الى معدومي الدخل .

لماذا هذا الانهيار في قيمه الجنيه المصري أمام الدولار و غيره من العملات الأجنبية ؟؟

سؤال يسأله الكثيرون و لكن يبدو لي و أن الإجابة بسيطة جدا لأننا مجتمع استهلاكي بحت لا يعتمد على إنتاج قوت يومه لا يعتمد على ما تصنعه يديه ,انهارت منظوماتنا الصناعية و ضاعت مصانعنا الوطنية تحت اقدام الخصخصة ,أصبح الاستثمار في بلادنا عباره عن مصانع للأغذية و التي في أغلب الأحيان لا ترضى المستهلك المحلى ولا ترقى للتصدير إلى الخارج ,ضاعت أحلامنا الصناعية مع انهيار التعليم الصناعي و عدم الاهتمام به بل و احتقاره و اهمال منتسبيه حتى أصبح التعليم الصناعي ملجأ فقط لضعاف التعلم و الدراسة .

انهيار في المجال الزراعي بعد نقصان الرقعة الخضراء مع الزمن نتيجة لفكر عقيم و عدم تطبيق قوانين رادعه لحمايه الرقعة الخضراء ,اختفاء المصانع الوطنية و التي كانت تنافس بمنتجات قويه عالية الجودة حتى تركت السوق لمافيا كبار المستثمرين يتحكمون في الأسواق و في أسعار المنتجات و لما لا فلا منافس بأسعار اقل لينافسهم ,اصبحت مصانعنا الأن في أغلبها لتصنيع البطاطس و المقرمشات و أختفت تماما المصانع العملاقة .

اعتمدنا على سياحه متقلبه الظروف ,مع أننا نملك حجم هائل من الأثار يكفى لان يجعلنا في مقدمه دول العالم سياحيا و لكن لا نملك كيفيه إدارتها .

فها هي الاهرامات العظيمة تباع قطعا صغيره و بدلا من حمايتها تقدم مسئولو الاثار ببلاغ ضد من كشف هذا العمل التخريبي .الصين صنعت منطقه تشبه تماما منطقه الأهرامات و أبو الهول يزورها كل عام أكثر من خمسه عشر مليونا من السياح و نحن نملك الأصل ولا نجد من يقترب منه إلا لتكسير أحجاره .

مناطق أثريه لا يهتم بها أحد منذ سنوات ولا أنسى أحد الشوارع التاريخية و حزنت لما رأت عيني من إهمال غريب فاصبح أسوار تلك الاماكن الأثرية مسودا من اثار الأتربة و من اثار المطاعم التي تتخذ من هذه الاماكن مكانا للشواء ,كم هو أمر حزين أن نرى مناطق تتمنى العديد من البلدان أن تمتلك منطقه منها و نحن نهملها بهذا الشكل الفج .لدينا حضارة لا نقدر قيمتها ولا يعرف قيمتها من هم مخول لهم الاهتمام بها و تطويرها حتى أصبحنا نرمم المعابد كما لو كنا نرمم عمارات ايله للسقوط .

فلننظر حولنا إلى بلدان لا تمتلك حضارة ولا تاريخ و تحاول أن تصنع لنفسها تاريخا و مستقبلا و نحن من نمتلك تاريخا يمكننا من صناعه المستقبل لا نعرف قيمته ولمالا وقد أصبح المسئولين عندنا مجرد موظفين غير مبدعين ولا مبتكرين .

هل نعلم أن أرباح شركات عملاقه كشركتي مرسيدس و بي ام دبليو أعلى من ميزانيات دولا متجمعة !! هذا هو الاستثمار الحق يا رجال الأعمال الوطنيين , لا تنبى الأوطان باستيراد فوانيس رمضان من الصين ولا باستيراد ابر الخياطة من الهند ولا بدفع مليارات الدولارات باستيراد الاساتك المطاطية ,تبنى الدول بتصنيع السلع القيمة .ماذا تبقى لنا من السلع التي كنا نعرف بها ؟؟؟لا شيء حتى القطن طويل التيلة و صناعاته انتهت و لا أنسى وزير سابق كان يتحدث في لقاء عن عيوب هذا النوع من القطن تبريرا لفشله .مصر التي كانت تطعم العالم قمحا لا تجد ما يكفيها ولا تجد العملة الدولار يه لتشتريه !!

زياده قيمه الدولار قد تفيد المستثمرين الأجانب إن قبلوا أن يستثمرون أموالا في مصر ,فمع انهيار قيمه الجنيه المصري انخفض أجر العامل المصري مع ثبات أرباحهم بالتأكيد ,كما أنه في مصلحه رجال الأعمال القائمين على استيراد السلع الاستهلاكية و الترفيهية فبعد أن كان هناك فارق كبير جدا بين السوق الموازية و السعر الرسمي في البنوك أصبحت خسارتهم أقل نسبيا مع أنهم في جميع الاحوال في مكاسب لأنهم لن يتحملوا خساره و سيحملونها بالطبع لأبناء وطنهم برفع قيمه سلعهم التي يستوردون , لكن هذا أدى الى انخفاض قيمه راتب المواطن المصري الشرائية مرات بارتفاع الاسعار أضعاف نسبه زياده قيمه الدولار في مقابل الجنيه المصري .

و مع هذا التخبط الاقتصادي تجد الخبراء يهللون لقرار خفض قيمه الجنيه بحجه الاستثمار و بحجه السيطرة على السوق الموازية و لكن ماهي الا أيام و عاودت السوق الموازية في رفع اسعارها لان المشكلة مازالت قائمه ألا وهى قله وجود الدولار من الاساس .

هل من حل؟؟؟
لابد وان تكون لنا سلعنا القوية التي نصدرها بعملتنا الوطنية ,سلع تنافس سلعا عالميه في الجودة حتى نرفع من قيمه عملتنا .

لابد من الاعتماد على أنفسنا لا أن نترك أسواقنا عرضه لحجم و كميه الدولار في البنوك المصريه,لابد من فرض عقوبات على استيراد سلع لا قيمه لها أو سلع ترفيهيه في بلد يعانى ملايين من شعبه الفقر و الجوع.
لابد من الاهتمام بالقطاع السياحي و المناطق التي تحيط بها و جعلها مناطق جاذبه ولا نتركها على حالها كما هي منذ مئات أو الاف السنين .

لابد من الاستقرار في مصر في شتى المجالات فلا استثمار دون استقرار ,لابد من استعاده ثقه المواطنين أولا فلا يعقل أن نستخدم فنانين يبحثون عن ملايين الجنيهات و يطلبون من الفقراء الصبر و التبرع لمصر .
لابد من اختيار المبدعين في الاماكن القيادية حتى لا نظل في تلك الحالة الجامدة التي نحن عليها ,ولا بد من الاستخدام الصحيح للمقومات الطبيعية التي حابى بها الله مصر.

يا ساده الأغنياء لن يتضرروا من تغيير سعر الجنيه المصري و انخفاض قيمته فهم يعرفون كيف و من أين سيحصلون على فروق هذا التغيير و لكن من يدفع ثمن هذا التغير هو البسطاء من محدودي و معدومي الدخل فهؤلاء الفنانين سيرفعون من قيمه ما يتحصلون عليه من اعمالهم و هؤلاء التجار ورجال الاعمال سيرفعون من قيمه بضائعهم و يبقى البسطاء مكتوفي الأيدي …

هذه وجهه نظر مواطن لا هو اقتصادي ولا سياسي و لكنه مواطن يرى أمامه البسطاء يرى أمامه وضعا اقتصاديا يخيفه شخصيا و يخيف غيره في وطنه و يأمل في إيجاد مخرج لهذه الأزمة .
حمى الله مصر وحمى شعبها
د. إيهاب أبو رحمه
للتواصل مع الكاتب أضغط هنا 

شاهد أيضاً

“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “

بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.