الجمعة , نوفمبر 22 2024
الكنيسة القبطية
مايكل عزيز البشموري

القلنسوة السريانية وطمس الهوية الرهبانية المصرية .

تقرير : مايكل عزيز البشموري

تعتبر القلنسوة الرهبانية الشهيرة التى يرتديها الرهبان والأساقفة الاقباط ، زي دخيل ومستحدث عمل به المتنيح البابا شنودة الثالث ، وقام بفرضه عنوه على الرهبان المصريين منذ أن تولى منصبه البابوى بسبعينيات القرن الماضى .

ومن خلال إجراء دراسة بحثية مطولة عن تاريخ ونشأة القلنسوة الرهبانية المتعارف عليها الان ، أتضح لي بأن هذا الزي بشكله الحالي ، ليس ذات أصول مصرية خالصة ، فيرجع نشأته الحقيقية للكنيسة السريانية الارثوذكسية ، وكان يرتديه الرهبان والراهبات السريان منذ قرابة الألف عام وحتى يومنا هذا .

وتشير المصادر الكنسية ، انه بعد رسامة البابا شنودة الثالث بطريركاً للكنيسة القبطية 

قام بطريرك السريان الأسبق مار أغناطيوس بإهدائه غطاء الرأس الرهبانى 

فأعجب بها الانبا شنودة كثيراً ، فأصدر قراره البابوي بتعمَّيم هذا الغطاء على كل رهبان الأديرة القبطية 

وامتنع دير الأنبا مقار الذى كان يرأسه وقت ذلك  الاب متى المسكين 

عن إرتداء هذا الغطاء ، وأصر ”المسكين“ حينها المحافظة

على الشكل الرهباني المصرى المتعارف عليه 

والذى توارثه الاقباط عن أجدادهم جيلا بعد جيل 

كما رفضت غالبية أديرة الراهبات استخدام هذا الغطاء ” الأجنبي “ 

وإكتفائهم إرتداء الزي الرهبانى التقليدى مثل رهبان البرية .

وهناك رواية أخرى تقول : انه عندما زار الأنبا شنودة الثالث الكنيسة السريانية فى السبعينيات

من القرن العشرين ، وما يذكر أن قداسة البابا تعرف بأحد الأساقفة السريان وأسمه ياكوبوس

وإرتبط معه بصداقة قوية ، وأبدى الأنبا شنودة إعجابه بالقلنسوة السريانية التى يلبسها الرهبان السريان 

حينها أهداه الأسقف قلنسوة ، وعند عودته لمصر أمر جميع رهبان دير الأنبا بيشوى

بلبس القلنسوة السريانية التى لم يعرفها الرهبان الأقباط من قط 

ثم أعجبته منظرها على الرهبان فبدأ ينقلها للأديرة الأخرى ، ولم يحاول قداسة البابا فرض القلنسوة على رهبان دير أبا مقار الذى كان يرأسه حينها شيخ المطارنة الانبا ميخائيل مطران أسيوط 

والذى كان يعاونه فى إدارة الدير الأب متي المسكين ، لأن البابا كان يعرف مقدماً أنهم سيرفضون إرتداء هذا الزي وسيتمسكون بالزى القديم المعروف لديهم منذ مئات السنين .

وبالرجوع إلى التقليد القبطى المسلم به ، وبالنظر إلى الصور والمصادر الكنسية المعاصرة للرهبنة القبطية بالقرن العشرين ، يتضح لنا بأن جميع الرهبان القدامى ، لم يرتدوا على الإطلاق القلنسوة السريانية ، مثلما يدعى بعض تلاميذ المتنيح البابا شنودة الثالث .

* الفرق بين القلنسوة المصرية والقلنسوة السريانية :

وهنا نود الإشارة بأنه كان يوجد زي رهبانى موحّد ، كان يرتديه الرهبان والراهبات المصريين قديماً ، ويُعرف هذا الزي بإسم القباطى المصرية ( نسبتاً للاقباط ) ، أو القلنسوة المصرية ، وماتزال الراهبات القبطيات وشيوخ البريَّة القدامى ، يرتدون هذا الزى حتى تلك الساعة ، مفضلين إياه عن القلنسوة السريانية .

وتتكون ”القلنسوة المصرية“ من :

١- طاقية ( وهى طاقية مازال يرتديها الفلاحين المصريين حتى يومنا هذا) .
٢- لفحة سوداء توضع على الرأس والكتفين ( وكانت تزخرف قديماً بالصلبان والنجوم ) .

وللقلنسوة الرهبانية رمز روحى ووطنى ، فالطاقية التى يرتديها الراهب القبطى ، ترمز إلى الفلاح المصرى البسيط المرتبط بأرضه وبزرعه ، الذى يقوم دائماً بالزرع والحصاد فى أرضه ، فيكون كالشجرة المغروسة على مجارى المياة ، فيعطى الثمر في حينه ، وهكذا يجب أن يكون الراهب القبطى ان يظل دائما مرتبط بديره وبمرشده الروحى ، لينمو فى حياة الفضيلة والتقوى لكي يحصد ثمار الروح القدس .

وبالنسبة للفحة (أو التلفيحة) فتشير الى خوذة الجندى ، المستعد دائما للحرب ، فهكذا يجب على الراهب أن يكون متيقظا دائما للحروب الروحية التى يشنها الشيطان تجاهه ، ويعمل على مجابهة تلك الحروب كالجندى المستعد دوما للحرب والقتال فى أرض المعركة .

وأول من أستخدم (القلنسوة المصرية) ، هو الانبا أنطونيوس مؤسس الرهبانية ، وقد نقله عنها البابا أثناسيوس الرسولى ، واستخدم هذا الزى الأبائي ، قديسين عظماء مثل الانبا باخوميوس ورهبانه ، القديس أبو مقار ورهبانه ، والانبا شنودة رئيس المتوحدين ورهبانه ، وقامت الكنيسة الأثيوبية التوحيدية ، التى تعد الابن البكر للكنيسة القبطية بإستخدام القلنسوة المصرية البسيطة المكونة من الطاقية واللفحة بين الرهبان الاحباش في الاديرة الاثيوبية حتى وقتنا الحالى ، وبالعصر الحديث استخدم البابا كيرلس السادس القلنسوة المصرية دائماً وإشتهر بها .
أما بالنسبة للقلنسوة السريانية :

فهى مجرد غطاء يضعه الراهب ( أو الراهبة ) على رأسه ومرسوم عليه 12 صليب تشير إلى 12 تلميذ من رسل المسيح ، وفى كل ناحية من رأسه مزخرف ستة صلبان ، ومن وراء غطاء القنسلوة صليب كبير فى المنتصف ، و يشير إلى السيد المسيح وحوله 12 تلميذ .

* القلنسوة السريانية وطمس الهوية الرهبانية المصرية :

ويدعى بعض من تلاميذ المتنيح البابا شنودة الثالث ، بأن القلنسوة السريانية هى بالأصل قبطية ، ودائما نراهم يهاجمون عن جهل رهبان وتلاميذ الاب متى المسكين ( المحافظين على التقليد الرهباني المسلم ) ، ليتهمونهم زوراً بالخروج عن الأعراق والتقاليد الرهبانية ، بحجة عدم ارتداءهم القلنسوة السريانية 

وهذا الأمر غير صحيح بالمرة ، ويتنافى مع التقليد القبطى المسلم به ، فبالرجوع للتقليد وبمراجعة الأيقونات القبطية وصور أباء الكنيسة المعاصرين ، يتضح لنا عدم صحة تلك الادعاءات والاتهامات الباطلة 

وتبين لنا أن القلنسوة التى يتحدثون عنها هى من نسج خيالهم فقط ، وهناك أدلة بالصور تؤكد عدم مصداقية هؤلاء الاشخاص .

وتلك الأدلة كالآتي :

+مجموعة صور من رقم ( ١ : 6 ) : وتوضح مشاهير وأباء الكنيسة القبطية يرتدون القلنسوة المصرية المكونة من الطاقية واللفحة حول الرأس والكتفين .
……………………………………………………………………….
+مجموعة صور رقم ( 7 : 17 ) : رهبان قدامى بالعصر الحديث يرتدون الزى الرهبانى التقليدى قبل تغيير الشكل الرهباني الحالى وإستخدام القلنسوة السريانية .
……………………………………………………………..
+مجموعة صور رقم (18 : 23 ) :
راهبات الكنيسة القبطية ما زالوا يرتدون القلنسوة المصرية الشهيرة .
……………………………………………………………….
+مجموعة صور رقم (24 : 28 ) :
أباء رهبان معاصرين على قيد الحياة ومنهم قد تنيح ، كانوا محافظين على الزي الرهبانى التقليدي المتوارث عن أبائهم الرهبان .
………………………………………………………………..
+مجموعة صور رقم ( 29 : 32 ) :
رهبان وأساقفة الكنيسة الإثيوبية الارثوذكسية أخذوا التقليد الرهبانى كاملا من الكنيسة القبطية وحافظوا على الشكل الرهبانى القبطى ولم يضيفوا عليه سوى الجلاليب ذات الألوان ولا يوجد بينهم راهب أو أسقف يرتدى القلنسوة السريانية !
…………………………………………………………………..
مجموعة صورة رقم (33 : 34 ) :
توضح فرق الاختلاف بين القلنسوتين القبطية والسريانية .

القلنسوة المصرية بوقتنا الحاضر :

يؤسفنا القول بإن عدد لابسى القلنسوة المصرية من الرهبان المصريين ، قد إنقرضوا الان ، ولم يتبقي منهم سوي عشرات من الرهبان الشيوخ ، الذي مازالوا يرتدون هذا الزي التقليدي ، والسبب في ذلك يرجع لقرارات المجمع المقدس للكنيسة القبطية برئاسة المتنيح البابا شنودة وإعتماد لجنة شئون الاديرة 

إرتداء القلنسوة السريانية دون غيرها داخل الأديرة القبطية بالسبعينيات ، وحاليا لم يتبقى من لابسي هذا الزي سوى عشرات الرهبان المتقدمين بالعمر من دير أبو مقار بوداى النطرون ، ودير وادى الريان بالفيوم ، ورهبان أخرين يعدون على الأصابع مثل أبونا فانوس الانبا انطونيوس ، وابونا روفائيل آفا مينا تلميذ البابا كيرلس السادس ورهبان آخرين ، ويتعرض هؤلاء الرهبان بين الحين والاخر لتحرشات أتباع المتنيح البابا شنودة الثالث الذى أستحدث الشكل الرهبانى الجديد داخل الكنيسة القبطية وتم فرضه على جميع الرهبان قصراً بشكل يتنافى مع التعاليم الرهبانية .

* دعوة للحفاظ على الهوية الرهبانية المصرية القديمة :

ندعو صاحب الغبطة والقداسة البابا المعظم تواضروس الثانى ، وأباء المجمع المقدس لكنيستنا القبطية الارثوذكسية ، ضرورة الحفاظ على الهوية القبطية الرهبانية ، الممثلة بالشكل الرهبانى القديم الذى كان يُعمل به سابقاً ، مع الآخذ فى الاعتبار إعطاء الحرية للرهبان الاقباط الاختيار بين إرتداء القلنسوتين القبطية أو السريانية ، وإعادة إستخدام القلنسوة القبطية من جديد بين عموم رهباننا المصريين ، الذى كان يرتديها يوماً عظماء كنيستنا الارثوذكسية .

وهنا نود إقتباس بعض من كلمات الاستاذ / عزت أندراوس ، مؤسس موسوعة تاريخ أقباط مصر بهذا الشأن : ” لقد أصبحت القلنسوة بشكلها الحالى ، ما هى إلا شكل ونسخة مهزوزة منقولة من الرهبنة السريانية التى أصبحت هزيلة 

ويضيف : ” لقد رأيت رهباناً وأساقفة أقباط أتوا إلى استراليا ورهبان من دير الأنبا أنطونيوس ما زال يخدمون في أستراليا وليسوا حتى فى مستوى خدام علمانيين ، مشيراً بإن التطور الحديث الذى حدث فى الأديرة قد أضر ليس بالزى الرهبانى وحسب ، بل أضر بمفهوم الرهبنة وروحانيتها عند الراهب وضاع معنى الرهبنة عند الشعب عبر إختصار معنى الرهبنة فى القلنسوة السريانية ” !

المراجع :

المصدر : موسوعة تاريخ أقباط مصر – الاستاذ عزت أندرواس – تاريخ السريان – دستور الكنيسة السريانية – صور نادرة 

شاهد أيضاً

جورج البهجوري بنكهة وطن !!

بقلم عبدالواحد محمد روائي عربي فنان تشكيلي كبير عاصر كل نجوم الثقافة العربية محيطا وخليجا …

تعليق واحد

  1. الم تعلم ياسيدي ان السيد المسيح له كل كرامه ومجد كان يستخدم الفحه فقط في غطاء الرأس ولم يستخدم الطاقيه بل انه استخدم تاج الشوك الذي وضع علي رأسه ومن هنا كانت رؤس تلاميذه الاثني عشر بلا غطاء تحت الفحه وهذا لا يدل علي ان كانت هناك شروط وقوانين لجعل زي موحد للرهبان (التلاميذ) لماذا الان نبحث في امور لا تفيد ايماننا وان كنا نقارن بين الطوائف المسيحيه والزي الذي ترتديه كل طائفه فهذه هي الهرطقة والبعد عن الايمان المسيحي الارثوزكسي الذي تسلمناه من ابائنا الرسل
    هل لو زوجتك كان اسمها (ش) وعندما غيرت ملابس الامس بملابس جديده هل هذا غير من اسمها او جنسها او عقيدتها وايمانها هكذا الراهب ايمانه الذي في داخله لم يتغير بتغيير القلنسوة السريانيه لان ايمانه ثابت بعقيدته الارثوزكسيه
    ايها المهرطقين ادخلوا الي العمق في الانجيل ولا تأخذوا القشور

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.