حينما تقرىء ما يكتبه ورؤيته نحو الاصلاح فى مصر والكنيسة المصرية تختلف أو تتفق معه ولكنك تشعر للوهلة الأولى أنك أمام رجل له من العمر والخبرات الكثير والكثير جدا، وليس شاباً عادياً، أنه مايكل عزيز الشاب المهموم بمشاكل وطنه وكنيسته
وفى أطار سلسلة الحوارات التى تدشنها الأهرام الكندي مع المغتربين المصريين بالخارج لمعرفة أمالهم وطموحاتهم ورؤيتهم لمصر وطنهم الأصلى ، وما هى الخدمات التى أستطاعوا تقديمها لوطنهم ولإخوانهم المغتربين ، وكيف ولماذا ومتى وأين سافروا أسئلة كثيرة سيقوم كل مغترب بالإجابة عليها .
والى نص الحوار
من أنت وما هو عملك بالغربة ؟
مايكل عزيز البشمورى ، متزوج ، وأنتمي للكنيسة القبطية الارثوذكسية ، درست بالمعهد العالي للدراسات المتطورة بشارع الهرم – الجيزة ، وكأي مواطن مصري خدمت بالقوات المسلحة المصرية ، وعملت كاتباً عسكري بالمحكمة العسكرية العليا بالمنطقة الشمالية بقطاع سيناء ، وكانت مهمتي العسكرية :
كتابة مسودات القضايا والأحكام الصادرة بحق الجنود والصف ضباط والضباط المحكوم عليهم بالقضايا العسكرية ، ومن ضمن عملي كتابة التقارير والمشاريع العسكرية ورفعها لقادتي العسكريين ، وكنت الجندي القبطي الوحيد الذي عمل بهذا السلك العسكري ، وأشكر الله بأن منحني قادة عسكريين شرفاء كانوا يكنون لي التقدير والاحترام
ويثقون في أمانتي وحسن خلقي ، فكانوا يعاملونني كأنني ضابط وأخ عزيز عليهم ،
ما هى الخبرات التى أكتسبتها من هذا العمل ؟
عملى بهذا السلك العسكري أكسبني خبرات ومهارات عديدة ، حول كيفية المناورات التكتيكية ، والعلم بالأمور القانونية والكتابية ، وكيفية إثبات الحجة القانونية لإدانة المتهم ، بالاضافة لإطلاعي علي كتب كبار الكتاب والصحفيين المصريين ،
متى هاجرت الى السويد ؟
بعد إنتهاء مدة خدمتي العسكرية هاجرت للسويد للعمل ، وأعمل حالياً بشركة سويدية خاصة ، وحاصل على الجنسية السويدية .
كيف سارت معك الأمور فى الغربة ؟
واجهت في بداية الأمر صعوبة التأقلم بالسويد نظراً لعدم إتقاني اللغة السويدية ، ولكن مع التعلم والممارسة نجحت في التأقلم في حياتى العملية ، وأثناء ذلك حرصت بالحصول على رخصة السياقة السويدية في مدة أقصاها ثلاثة أشهر ، وكان هذا الأمر بالنسبة لمهاجر جديد إنجاز كبير للغاية ، علماً بأن أقل مدة للحصول على تلك الشهادة الدولية تصل لعام أو عامين .
وبالاضافة لعملي الخاص وحياتى مع زوجتى و أسرتى ، أقوم مثل أي مواطن مصري محب ومخلص لوطنه ولكنيسته وشعبه ، بتكريس جزء من وقتي في العمل القبطي ، لخدمة بلادي وأبناء شعبي قدر الامكان ، وذلك عبر الكتابة ونشر الموضوعات المتعلقة بالشأن القبطي العام ، وأحاول التواصل مع أبناء جاليتي المصرية هنا بالسويد إذا سمح لي الوقت بذلك .
متى بدأت الكتابة فى الشأن القبطى وما هى الهيئات التى تعمل بداخلها ؟
بدأت نشاطي في العمل القبطي منذ ستة أعوام ، وأقوم حالياً بالعمل في المنظمة القبطية السويدية منذ قرابة أربع سنوات
وهي منظمة تم تأسيسها عام 1997، ومعتمدة من الحكومة السويدية ، ولها مقر دائم بالعاصمة ستوكهولم ، وعلى المستوي السياسي فأنا مسجل بعضوية حزب السوسيال الديمقراطي السويدي
وهو الحزب الحاكم الان بالسويد ، وقمنا كأعضاء في منظمة أقباط السويد بقيادة وتنظيم المظاهرات التى وقعت بستوكهولم إبان الهجوم علي الكاتدرائية المرقسية بالعباسية وأحداث الوراق ، وحضرنا إجتماعات هامة بمقر الحكومة السويدية لمباحثة مستقبل الأقباط وأوضاعهم في ظل وجود جماعة الإخوان المسلمون بمصر
وشاركنا في مظاهرات 30 يونيو ضد حكم الإخوان ، ودائماً ما تشارك منظمة أقباط السويد بإجتماعات وزارة الخارجية السويدية الخاصة بحقوق وأوضاع مسيحيي الشرق الاوسط ، ونحن كمنظمة حقوقية سياسية منضمين لإتحاد المنظمات القبطية بأوروبا ، وعضو مشارك بمنظمة اتحاد مسيحي المشرق العربي وهو كيان حقوقي يجمع كل منظمات الاقليات المسيحية المتواجدة بالشرق الاوسط
وفي عام 2012 قمت بإنشاء صفحة منظمة : ” أقباط السويد ” على موقع الفيس بوك ، وتم تعييني متحدث إعلامي بإسم المنظمة ، والممثل الاعلامي لها أمام وسائل الاعلام .
كما قمت بتأسيس عدة صفحات على الفيس أبرزها : أقباط من أجل المسيح – أقباط مع نظام الكوتة – ( وقمت بتأسيس منظمة وصفحة ” التيار القبطي العلماني بالمهجر ” على الفيس بوك ، وقد أسسته العام الماضي للتواصل مع الشباب القبطي المقيمين بالمهجر ، والباحثين عن الأصلاح والتغيير داخل كنيستهم القبطية ) .
كما كنت من أوائل الاعضاء المؤسسين لمنظمة التجمع القبطي الدولي الذي يرأسه حالياً الاستاذ كمال عبد النور ، وقد تقدمت بإستقالتي من تلك المنظمة للتفرغ لمنظمة التيار القبطي العلماني ولخدمة مشروعنا الاصلاحي الذي نسعي لتحقيقه الأن .
ما هو المشروع الأصلاحي الذي تتحدث عنه وتحلم بتنفيذه بمصر ؟
على المستوي الشخصي فأشكر الله على النجاح والتوفيق الذي منحنى إياه ، أما على المستوى القبطى العام ، فأرى بأن هناك مشكلات ومعوقات حقيقية تقف كالحائط أمام نجاح أي مجهودات قبطية أو مدنية من شأنها تدعيم أواصر الدولة المدنية التى يحلم بها أغلب المصريين .
فعند عملى بالملف القبطي اكتشفت مبكراً بأن مصر ليست دولة مدنية متكاملة الأركان ، ونظام الحكم فيها هو في الحقيقة شبة عسكري/ديني يتمتع بصبغة مدنية ، وتيقنت مبكراً بالدور السلبي الذي بات يلعبه رجال الكنيسة القبطية بالحقل السياسي ، مما أدى لإنعزال الاقباط عن دورهم الوطني المعهود ، وذلك بسبب سيطرة رجال الدين على المؤسسات المدنية القبطية ، الذي قامت الدولة المصرية الحديثة بتأسيسها منذ عام 1876م ، فقد قامت الكنيسة بتأميم تلك المؤسسات لصالحها بعد ثورة 1952 ، وذلك تحت مرئ ومسمع الدولة المصرية آنذاك
وبمباركة من النظام العسكري الجديد الذي حكم البلاد وقتها ، الأمر الذي أدي لإنتكاسة حقيقية داخل المجتمع القبطي ، فتقوقع الأقباط مرة أخري داخل أسوار كنيستهم ، بعدما خرجوا من بوتقتها يوم تأسيس الدولة المصرية الحديثة الذي أنشأها محمد على باشا وأبنائه .
ونحن نري كمصريين مقيمين في المهجر بأن الوضع الحالي في مصر غير مستقر ومضطرب للغاية ، فالدولة عاجزة حتى تلك اللحظة فى معالجة الأزمات والمشكلات التى تمر بها ، فالسياحة إنهارت ، والصناعة والتصدير توقفا ، وعائدات قناة السويس تراجعت
وكل هذا أدي لتدمير الأقتصاد المصري المنهك ، وقد سبب كل هذا بإنهيار سعر صرف الجنية المصري أمام الدولار
أضف إلى ذلك الوضع السياسي المضطرب مع جماعة الاخوان المسلمين وحلفائهم السياسيين ، والاضطرابات الاهلية بالمنطقة العربية وما تعانية كلا من : سوريا والعراق واليمن وليبيا والحروب الاهلية التى تشهدها تلك البلدان ، والصراع التقليدي بين الاسرائيليين والفلسطينين ، كل هذا يجعلنا نتساءل بقلقً وريبة عن مدي استطاعة النظام المصري الحالي الصمود أمام تلك الصعاب والتحديات التي تواجهه ؟ .
ومن هنا كان لابد لنا من تأسيس كيان قبطي يؤمن بمدنية الدولة المصرية الحديثة ، لمنع سقوط الدولة المصرية المتهالكة الأن ، ولينادي هذا الكيان بضرورة فصل العمل الرعوي عن العمل السياسي الذي يقوم به رجال الكنيسة
عن قصد ، ومن ثم المطالبة بإستقلال المؤسسات المدنية القبطية ،لتعمل على النهوض بالأقباط وبوطنهم من جديد .
ومن هذا المنطلق قمت بالتعاون مع شباب وحركات قبطية خارج مصر وداخلها بتأسيس : التيار القبطي العلماني بالمهجر ، كمحاولة جادة لبلورت أفكارنا الاصلاحية المنشودة ، ولتحقيق أهدافنا التى نسعي لتنفيذها على أرض الواقع ، واستعادة دور تلك المؤسسات وهيكلتها من جديد بعيداً عن سطوة رجال الكنيسة ، ولإخراج رجال الدين المسيحي من المعادلة السياسية الخاطئة التى رسمها لهم دولة 23 يوليو إبتداءاً من عام 52.
وأعتقد بنظري أن هذا هو المخرج الحقيقي الذي سيصل بنا لنهضة مصر ، فمصر نهضت ونجحت عندما نهض مسلميها وأقباطها الذين خرجوا من عباءة الكنيسة ، والذى فُرضت وصايتها عليهم منذ دخول العرب لمصر ووصولا بحكم المماليك إلي مجيئ الأسرة العلوية التى حررتهم من نير العبودية .
من وجهة نظرك ما هى النتائج الإيجابية لهذه الرؤية الاصلاحية ؟
تلك الرؤية الاصلاحية التى نتمني تنفيذها على أرض الواقع من شأنها إحداث طفرة حقيقية داخل المجتمع القبطي ، فصعود التيار القبطي العلماني من شأنه تحقيق مكاسب أقتصادية وإجتماعية كبيرة ، سيستفاد منها كافة ربوع الشعب المصري ، وليس طبقة الاكليروس والدائرة المحيطة بهم فقط ، وأعتقد أن هذا الامر سيحدث نوعاً من
التوازن السياسي بين كافة الاطراف السياسية ، لان هذا التيار سيتبني خطاباً سياسي تصالحي ومنفتحاً مع الجميع ، وسيعمل على الحيادية بين كافة الاطراف ، وعدم تفضيل كفة على حساب كفة أخري ، مع السعي نحو إيجاد تسوية سياسية لفتح باب الحوار الوطني مع التيارات والاحزاب السياسية بمختلف توجهاتها وأيدلوجياتها الفكرية ، لعمل مصالحة وطنية حقيقية تجمع كل النخب السياسية المتناحرة .
وأعتقد لو كتب لمشروعنا الاصلاحي هذا النجاح ، فسوف يحدث حالة من الاستقرار بالحياة العامة و السياسية بمصر ، ومن ثم إستقرار على الصعيدي الاقتصادي والاجتماعي .
متى ستنتهى غربتك ؟
أتمني الرجوع إلي أحضان وطني الأم من جديد ، وإذا أتيحت لي الفرصة بالنزول والعيش مجدداً
في بلادي الحبيبة مصر فسأفعلها دون تفكير ، ولكن لدي بالوقت الراهن أسرتي وعملي ومسئولياتي الخاصة ، وكل ما أتمناه هو الخير والاستقرار لبلادي ولكنيستي ولشعبنا المصري العظيم ، وأتمني من أباء كنيستنا أن يستمعوا ويصغوا جيداً لمطالبنا الاصلاحية ، لان هذا الامر في صالحهم وصالحنا جميعاً ، ونحن نسعي حالياً لجمع تبرعات لإنشاء مركز رئيسي للتيار القبطي العلماني بالوطن الام بالقاهرة ، ليكون هذا المركز النواة الاولي لتدعيم أواصر الدولة المدنية ولفتح بابً للمصالحة الوطنية .