الجمعة , نوفمبر 22 2024

سد النهضة .

المستشار خالد السيد
المحامي بالنقض والدستورية والإدارية العليا
نهر النيل، شريان الحياة للمصريين، منذ بدء الخليقة وحتى الآن، وتؤكد المراجع والكتب التاريخية، والوثائق، والشواهد الأثرية، أن المصري القديم، جعل من النيل «إلهًا» يحمل اسم «حابى»، ومن فيضانه «روحًا» تمنح الحياة للأرض والزرع والحيوان والبشر.
وقد كانت الدول المتشاطئة على نهر النيل في السابق مستعمرات لدول أجنبية ثم حصلت هذه الدول على استقلالها. وظهرت أولى الاتفاقيات لتقسيم مياه النيل عام 1902م في أديس أبابا وعقدت بين بريطانيا بصفتها ممثلة لمصر والسودان وإثيوبيا، ونصَّت على عدم إقامة أي مشروعات سواءٌ على النيل الأزرق، أو بحيرة تانا ونهر السوباط، ثم اتفاقية بين بريطانيا وفرنسا، عام 1906، وهناك العديد من الاتفاقيات نصت على عدم قيام دول المنبع بأي إنشاءات للري تؤثر تأثيراً محسوساً على كمية المياه المتدفقة إلى مصر دولة المصب أو تعطيل سريان هذه المياه، كما أن هناك عدداً من الاتفاقات اعترفت بالحقوق المائية التاريخية والمكتسبة لمصر والسودان في مياه النيل الأزرق والأبيض، والتعهد بعدم تعديل كمية المياه التي تحملها إلى نهر النيل بشكل ملموس، وهناك تحديداً اتفاقية 1929 والتي لم تجامل مصر على حساب دول حوض النيل الأخرى لكنها أقرت الممارسات الدولية في مجال الانتفاع بالأنهار الدولية. وهذه الاتفاقية كانت بين مصر وبريطانيا (التي كانت تمثل كينيا وتنزانيا والسودان وأوغندا) لتنظيم استفادة مصر من بحيرة فيكتوريا. وتم تخصيص نسبة 7.7٪ من التدفق للسودان و92.3٪ لمصر. وقد حذرت الاتفاقية من إقامة أي مشروع من أي نوع على نهر النيل أو روافده أو البحيرات التي تغذيها كلها إلا بموافقة مصر، لا سيما إذا كانت هذه المشروعات ستؤثر على كمية المياه التي تحصل عليها مصر، وأن لمصر الحق في الاعتراض في حالة إنشاء هذه الدول مشروعات جديدة على النهر وروافده.
إن التأثير الدقيق للسد على دول المصب غير معروف، مصر تخشى من انخفاض مؤقت من توافر المياه نظراً لفترة ملء الخزان وانخفاض دائم بسبب التبخر من خزان المياه . يبلغ حجم الخزان حوالي ما يعادل التدفق السنوي لنهر النيل على الحدود السودانية المصرية (65,5 مليار متر مكعب). من المرجح أن تنتشر هذه الخسارة إلى دول المصب على مدى عدة سنوات. وقد ورد أنه بخلال ملء الخزان يمكن أن يُفقد من 11 إلى 19مليار متر مكعب من المياه سنوياً، مما سيتسبب في خسارة مليوني مزارع دخلهم خلال الفترة من ملء الخزان. ويزعم أيضاً، بأنها ستؤثر على امدادات الكهرباء في مصر بنسبة 25% إلى 40%، سد النهضة الإثيوبي الكبير يمكن أن يؤدي أيضاً إلى خفض دائم في منسوب المياه في بحيرة ناصر، إذا تم تخزين الفيضانات بدلا من ذلك في إثيوبيا. وهذا من شأنه تقليل التبخر الحالي لأكثر من 10 مليارات متر مكعب سنويا، ولكن سيكون من شأنه أيضاً أن يقلل من قدرة السد العالي في أسوان لإنتاج الطاقة الكهرومائية لتصل قيمة الخسارة لـ100ميجاوات بسبب انخفاض مستوى المياه بالسد بمقدار 3م.
ويرى الدكتور إبراهيم إلياس خبير القانون الدولي العام أن هناك مجموعة سبل يمكن أن تسلكها مصر للحفاظ على حقها في مياه النيل وحسم قضية سد النهضة لصالحها، أولها الاستعانة بمجلس الأمن الدولي واستغلال وجود مصر ضمن أعضاءه الـ”15″ غير الدائمين، كوسيلة ضغط على الجانب الأثيوبي لدعوة الأطراف المتنازعة للتشاور من جديد، خاصة وأن مجال التحكيم الدولي لن يسفر عن نتائج فعالة، إلا في حالة ارتضاء الجانبين اللجوء إليه.

شاهد أيضاً

الكنيسة القبطية

قومى استنيرى

كمال زاخر رغم الصورة الشوهاء التى نراها فى دوائر الحياة الروحية، والمادية ايضاً، بين صفوفنا، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.