د.ماجد عزت إسرائيل
ولد يعقوب حنا في مدينة ملوي بمحافظة المنيا في سنة 1747م ، والتحق في عهد “علي بك الكبير” بخدمة “سليمان آغا”رئيس الانكشارية كمدير مالية “سليمان بك” فأصبح من كبار الملاك،وقد اكتسب يعقوب باتصاله بالمماليك ميزتان الأولى خبره في الشئون المالية والإدارية والثانية براعة في الفروسية والطعن بالسيف
وهذا ما عرف عن المماليك أنهم أعظم فرسان العالم ، وقد حارب إلى جانب “مراد بك” ، ضد قـوات “حسن باشا”،
التي نزلت في مصر لتثبيت الحكم العثماني قبل مجىء الحملة الفرنسية على مصر بفترةٍ قصيرة.
وعندما كان في الثالثة والخمسين من عمره غزت الحملة الفرنسية مصر بقيادة نابليون بونابرت عام 1798 وعندما طلب قائد الجيش الفرنسي من المعلم “جرجس جوهري” رئيس “المباشرين”
وعميد الأقباط،أن يرشح له بعض المتخصصين فى الإدارة حتى تسير الأمور كما كانت من قبل،فرشح له خمسة من
الأقباط ومعهم يعقوب يوحنا، وأصبح مديراً عاماً لتموين وإمداد الحملة الفرنسية في مصر ، وقد مكنته هذه القدرة الفائقة فى الشئون المالية والإدارية من أن يضع خطة لتسير عليها الحملة حتى النوبة لإخضاع المماليك بالوجة
القبلي ونفذت هذه الخطة وأتمت مهمتها،ورافق الجنرال “ديزية” والجنرال “بليار” فى الحملة الفرنسية ( 1798-1801م) على صعيد مصر للقضاء على المماليك .
كما استطاع تأليف الفيلق القبطى(الجيش القبطى) ،حيث حسب حسابا للطوارئ بعد أن شعر أن مصر محرومة من
جيش وطنى يمكن الاعتماد عليه ، ففكر فى تأليف فرقة قبطية،وطلب من الفرنسيين فوافقوا على تأليفها،فجمعها من
شباب أهل الصعيد الذين عملوا فى الجيش الفرنسى صناعاً وعمالاً وكانوا نحو آلفين، وأوكل أمر تدريبهم عسكريا الى ضباط انتقاهم الجنرال كليبر لهذا الغرض فأظهروا براعة فى تعليم هذه الفنون العسكرية.
وهو أول مصرى وضع مشروعا لاستقلال مصر عن الدولة العثمانية ،وعمل مع كليبر 1800م حيث تولى فرقة (الهجامة ) أعمال البريد، ومنحه لقب كولونيل (أى مقدم) كما منحة الجنرال” مينو” قائد الحملة الفرنسية رتبة “جنرال” (أى لواء ) تقديراً لجهوده العسكرية.
وفى أثناء خروج الحملة الفرنسية من مصر سنة 1801م ،غادر معها الجنرال يعقوب،حيث كان يأمل أن يصل إلى فرنسا لا ليعيش فيها ويقطع صلته ببلاده بل ليتقرب الى حكومتها بما كان له من منزله فى نفوس الحكام
الفرنسيين،ثم ليتخذ ذلك وسيلة لخدمة وطنه وهو ما عرف بـ “مشروع الجنرال يعقوب لأستقلال مصر” ،ولكن الأقـدار قطعت عليه إحلامه ،إذا أدركته المنية وهو فى البارجة الإنجليزية”بالاس” التى استقلها بصحبة عائلته أمه
“مارى عزالة” وزوجته “مريم نعمة” وأبنته”منه، وأخيه حنين وأبنه “إلياس” صاحب القاموس الشهير،
وصديقه المالطى الفارس “لاسكاريس” وبعد 6 أيام من رحلته إصيب بحمى إدت إلى وفاته ،وحفظ جثمانه فى برميل من الخمر،حتى وصلت البارجة لفرنسا ودفن مع رفيقه “ديزية” تنفيذاً لوصيته فى 16 أغسطس سنة 1801م.