السبت , ديسمبر 21 2024
حنان ساويرس

إلى شيخ الأزهر “أعطى ما لقيصر لقيصر وما لله لله “

بقلم الكاتبة / حنان بديع ساويرس

” أعطى ما لقيصر لقيصر وما لله لله ” جملة قالها السيد المسيح رداً على الهيرودسيين والفريسيين عندما حاولوا إختباره إن كان موافقاً على دفع الجزية لقيصر من عدمه ليمسكوه بكلمة فى مُقارنة خبيثة بين الدين والدولة

هكذا فعل شيخ الأزهر أحمد الطيب وهو يَعقِد مُقارنة طائفية غريبة ليخلط فيها الدين بالدولة

ويقول بما معناه كما وصف وفسر تصريحاته الإعلامى إبراهيم عيسى أيضاً قائلاً إن ما يُفهم من حديث الطيب

هو أن من يستمع إلى كلام المسيحية فهو سيتخلف ويتراجع، ومن يستمع إلى كلام الإسلام فهو سيتقدم ويعلو”

واصفًا كلامه بأنه “مغلوط وعنصري”، حسب وصفه.

وَعَجب العجاب أن تصريحاته الغريبة هذه قالها فى كلمته بمؤتمر الأوقاف الدولى بالأقصر حول تجديد الخطاب الدينى ومواجهة الفكر المتطرف !!

– فالطيب وقف على المنبر لينتهر المسيحية ويزدريها فى الوقت الذى أشاد فيه بالإسلام

وكأنه يحاول أن يثنى الناس عن المسيحية ويدعوهم للإسلام !! 

فماذا لو كان البابا تاوضروس هو من تفوه بمثل هذا التصريح وأشاد بالمسيحية وإزدرى الإسلام موجهاً الناس

بأن من يسير وراء المسيحية يرتفع ويعلو ومن يسير وراء الإسلام يتراجع ؟!! فماذا يكون رد الفعل حينها؟!

أى تجديد للخطاب الدينى هذا ؟! وأى مواجهة للفكر المُتطرف .. لا أعلم !!

فإذا كانت تصريحاته هذه هى بعينها فكراً مُتطرفاً .. فهل المقصود بتجديد الخطاب الدينى

هنا هو توجيه شيخ الأزهر للشيوخ والآئمة ليكونوا أكثر تطرفاً وتشدداً ؟!!!

فقد قال فضيلته بالحرف الواحد وبلا أدنى خجل !!

– ثبت تاريخياً ان المسلمون حينما أبدعوا وتحضروا وصدروا ذلك للعالم كله كانوا يسندون ظهورهم للقرآن

والسُنة وتوجيهات الإسلام وأنهم تراجعوا حين حيل بينهم أو حالوا أنفسهم وبين مصادر القوة فى هذا الدين

بعكس حضارة الغرب التى أصابها الضعف والتفكك حين كانت ترفع لافتة الدين فى القرون الوسطى

فلما تمردت على الدين وأدارت له ظهرها نَمت وترعرعت فيما يعرف بعهد النهضة او عهد التنوير .

– ولى هنا تساؤلات ؟!!

– فمتى أدار الغرب ظهورهم للدين ومتى تمردوا عليه ؟َ! فلو حدث ذلك بالفعل ما كنا رأينا مليارات المسيحيين

بأمريكا وأوروبا وغيرها من بلدان الغرب إلى يومنا هذا .. فلو كانوا أداروا ظهورهم للمسيحية

ما كانت المسيحية موجودة إلى الآن بل كانت إنقرضت مُنذ القرون الوسطى التى تستشهد بها

ليس معنى أنهم فصلوا السياسة عن الدين أنهم كفروا به وإلا ما كنا نجد اكثر البلاد رحمة هى بلاد الغرب

فوصلت بهم الرحمة بالحيوان وليس بالإنسان فقط الذى هو أرخص شئ فى بلاد الشرق !!

– لو كانوا أداروا ظهورهم للمسيحية ما كانوا تقدموا كما تغالط نفسك وتقنهعا بما هو ليس من المنطق فى شئ 

فلم نسمع أن أحد من بلاد الغرب قام بتفخيخ وتفجير نفسه من أجل إراقة دماء الأبرياء 

لأنهم ببساطة تعلموا من المسيحية المحبة والتواضع والوداعة والإنفتاح على العالم والتواصل مع الآخر

ولذلك ركزوا جهودهم فى الإختراعات والعلم الذى نستند إليه نحن الشرق ، والذى لا نعرف سوى أن ننتفع

بما صنعوه هم وتعبوا فيه ، وبعد ذلك نخرج لتكفيرهم وقتلهم ولا نمانع فى تشجيع وتعضيد قاتليهم عن طريق

رفض تكفيرهم كما فعلت يا شيخنا الجليل عندما رفضت تكفير ” داعش ” رغم أنهم قتلة ومُجرمون وإرهابيون !!

– لو لم يتبعوا تعاليم المسيحية التى تحث على عمل الخير والإحسان والمحبة حتى للأعداء ما كانوا أبهروا العالم بتقدمهم وأفادوا به الآخرين رغم أن الآخر يبغضهم ويكفرهم .

– المسيحية التى علمت العالم حب الله وحب الأوطان وقالها السيد المسيح صريحة أن حب الوطن لا يتعارض مع حب الله لذا قال لهم ” أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله ” فلم يحثنا السيد والمُعلم على القتل والكراهية

حتى عندما نتبعه نتأخر ونتراجع !! بل حثنا على محبة الآخر ومحبة الحياة ومحبة العلم والتقدم فهو المعلم

لذلك من تبعوا تعاليمه أحبوا الحياة وبغضوا الموت ، أحبوا العلم وأهتموا به لذلك تقدموا لأنهم أنشغلوا به

وبكيفية نجاحهم ولم ينشغلوا بإفشال الآخر وتدميره بدلا من أن ينشغلوا فى تقدمهم !!

– تقدموا بسبب تعاليم المسيح الذى دمعت عينيك عندما قرآت موعظته على الجبل 

كما أعترفت أنت بنفسك بذلك يا فضيلة الشيخ . وإليكم بعض المقاطع من الموعظة على الجبل

الذى قرأها الشيخ أحمد الطيب ليستشهد بها فى أحد البرامج الدينية الإسلامية وقال أن عيناه تدمع كلما قرأها !!!

– “وَلَمَّا رَأَى الْجُمُوعَ صَعِدَ إِلَى الْجَبَلِ، فَلَمَّا جَلَسَ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ تَلاَمِيذُهُ. ، فَفتحَ فاهُ وعَلَّمَهُمْ قَائِلاً، طُوبَى لِلْمَسَاكِينِ بِالرُّوحِ، لأَنَّ لَهُمْ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ ، طُوبَى لِلْحَزَانَى ، لأَنَّهُمْ يَتَعَزَّوْنَ. طُوبَى لِلْوُدَعَاءِ ، لأَنَّهُمْ يَرِثُونَ الأَرْضَ ، طُوبَى لِلْجِيَاعِ وَالْعِطَاشِ إِلَى الْبِرِّ، لأَنَّهُمْ يُشْبَعُونَ ، طُوبَى لِلرُّحَمَاءِ، لأَنَّهُمْ يُرْحَمُونَ ، طُوبَى لِلأَنْقِيَاءِ الْقَلْبِ ، لأَنَّهُمْ يُعَايِنُونَ اللهَ ، طُوبَى لِصَانِعِي السَّلاَمِ، لأَنَّهُمْ أَبْنَاءَ اللهِ يُدْعَوْنَ ، طُوبَى لِلْمَطْرُودِينَ مِنْ أَجْلِ الْبِرِّ، لأَنَّ لَهُمْ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ ، طُوبَى لَكُمْ إِذَا عَيَّرُوكُمْ وَطَرَدُوكُمْ وَقَالُوا عَلَيْكُمْ كُلَّ كَلِمَةٍ شِرِّيرَةٍ، مِنْ أَجْلِي ، كَاذِبِينَ ،اِفْرَحُوا وَتَهَلَّلُوا، لأَنَّ أَجْرَكُمْ عَظِيمٌ فِي السَّمَاوَاتِ، فَإِنَّهُمْ هكَذَا طَرَدُوا الأَنْبِيَاءَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ …. سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: عَيْنٌ بِعَيْنٍ وَسِنٌّ بِسِنٍّ ،وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ لاَ تُقَاوِمُوا الشَّرَّ، بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ فَحَوِّلْ لَهُ الآخَرَ أَيْضًا ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَاصِمَكَ وَيَأْخُذَ ثَوْبَكَ فَاتْرُكْ لَهُ الرِّدَاءَ أَيْضًا وَمَنْ سَخَّرَكَ مِيلاً وَاحِدًا فَاذْهَبْ مَعَهُ اثْنَيْنِ ، مَنْ سَأَلَكَ فَأَعْطِهِ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَقْتَرِضَ مِنْكَ فَلاَ تَرُدَّهُ … سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ تُحِبُّ قَرِيبَكَ وَتُبْغِضُ عَدُوَّكَ ، وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ ، لِكَيْ تَكُونُوا أَبْنَاءَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، فَإِنَّهُ يُشْرِقُ شَمْسَهُ عَلَى الأَشْرَارِ وَالصَّالِحِينَ، وَيُمْطِرُ عَلَى الأَبْرَارِ وَالظَّالِمِينَ ، لأَنَّهُ إِنْ أَحْبَبْتُمُ الَّذِينَ يُحِبُّونَكُمْ، فَأَيُّ أَجْرٍ لَكُمْ؟ أَلَيْسَ الْعَشَّارُونَ أَيْضًا يَفْعَلُونَ ذلِكَ وَإِنْ سَلَّمْتُمْ عَلَى إِخْوَتِكُمْ فَقَطْ، فَأَيَّ فَضْل تَصْنَعُونَ؟ أَلَيْسَ الْعَشَّارُونَ أَيْضًا يَفْعَلُونَ هكَذَا؟ فَكُونُوا أَنْتُمْ كَامِلِينَ كَمَا أَنَّ أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ كَامِلٌ

– وعلق شيخ الأزهر على كلمات السيد المسيح على الجبل قائلاً :

– تذكر للروحانيات العليا عن سيدنا المسيح عليه السلام .. فعلاً جاء ليَهُز أركان رهيبة من النوازع الشريرة .

– فما هذا التناقض ؟!! ، فكيف تدمع عينيك من تعاليم السيد المسيح فى المسيحية لدرجة أنك تصفها بأنها تذكر للروحانيات العليا وأنه جاء ليهز النوازع الشريرة وفى ذات الوقت تصف من يتبعها بالتراجع والتأخر

وأن من يعطى لتعاليم السيد المسيح ظهره سيتقدم ويزدهر!!

– آخيراً أيها الشيخ الهُمام أنت رئيس لمؤسسة دينية هامة كالأزهر فلا يليق بك أن تتسبب فى بلبلة غير مُجدية

لا تجلب سوى الفتن .. فربما نلتمس لك المعذرة لو كنت تحث الناس جميعاً عن فصل السياسة والدولة عن الدين 

لكن أن تحثهم عن فصل الديانة المسيحية بالتحديد عن الدولة فى نفس الوقت الذى

تحثهم فيه على دمج الدين الإسلامى مع الدولة .. فهذه عنصرية صريحة !!!

فرجاء أن تشغل نفسك بتطويرالأزهر بدلا من إلهاء نفسك فى كلمات عنصرية غير منطقية 

ولا دخل لك فى سياسة الدول وأسباب تقدمها وتأخرها فهذا ليس من شأنك كرجل دين بل من شأن الساسة

ومسئولى الدولة وليست من شأن الأزهر أو أى مؤسسة دينية آخرى ، وليس من شأن رجال الدين سواء

شيخ الأزهر أو بابا الكنيسة ، وطالما أنك تأثرت لدرجة البكاء بعد قراءتك موعظة السيد المسيح

على الجبل فعليك إذن أن تفعل كما قال ” و أعطى ما لقيصر لقيصر وما لله لله “

شاهد أيضاً

الكنيسة القبطية

المحاكمات (التأديبات) الكنسية … منظور ارثوذكسى

كمال زاخرالخميس 19 ديسمبر 2024 البيان الذى القاه ابينا الأسقف الأنبا ميخائيل اسقف حلوان بشأن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.