الخميس , ديسمبر 19 2024
مدحت موريس
مدحت موريس

مذكرات فتاة

مدحت موريس

التمست العذر لامى وهى تنفعل وتلومنى فانا بالنسبة لها حمل ثقيل لا اقول انها تريد الخلاص منه بل بكل دبلوماسية اقول انها تبغى الاطمئنان عليه.

التمست والتمس دائماً العذر لها فتلك هى الافكار التى نشأت عليها وهذه هى الامور التى يفرضها مجتمعنا وياله من مجتمع.

مجتمع ذكورى بغيض يمنح للرجل كل الحقوق ويبخس حق الفتاة فى نسمة بسيطة من الحرية ثم يخرج نفس المجتمع بكل تبجح ليتحدث عن حرية المرأة وحقوق المرأة. اتذكر ايام المرحلة الثانوية وكنت اسمع حسرة بعض زميلاتى لكونهن فتيات وتمنيهن لو كن اولاد. كان لهذا التمنى الساذج سببا وحيداً وهو ان اشقائهن الصبيان كانوا يخرجون كما يشاءوا ويسهرون بالخارج ويعودون للمنزل دون ان يسأل احد من الوالدين عن سبب تأخرهم والحجة البليدة فى ذلك هى انهم رجال من حقهم كل شىء اما البنات فعليهن الالتزام بالخطوط الحمراء التى يضعها الوالدين بل واحياناً يحددها الاخ حتى لو كان يصغر اخته سناً فهو الرجل الذى من حقه كل شىء!!!.

سرحت بافكارى ونسيت امى فى انفعالها،كانت مازالت تتكلم و تؤنبنى على رأيي فى العريس الذى حضر عن طريق واحدة من صديقات امى. هى لا ترى فيه عيباً ولا ترى سبباً لرفضى الارتباط به. وبدأت امى المرحلة الثانية المعتادة فانتقلت من التأنيب الى الترهيب ولن اقول التجريح فبدأت تذكرنى بعمرى الذى تجاوز الثلاثين وانها لن تبقى لى طوال العمر ثم تتذكر والدى رحمه الله فتبدأ المرحلة الثالثة من الحوار بأن تتساقط دموعها وتؤكد لى انه ليس لها هم سوى ان تطمئن على قبل ان تغادر الدنيا. هنا تبدأ مرحلة نهاية الحوار فانهض لاحتضن والدتى الحبيبة واقبلها واضاحكها واطمئنها مستخدمة نفس اسلوبها – الذى لا اقتنع به – بأن النصيب ياتى فى الوقت المناسب. ادخل الى غرفتى وكلمات امى ترن فى اذنى هى ام بسيطة تتحدث من واقع خبراتها التى عاشتها فالفتاة فى مجتمعنا مصيرها الحتمى هو الزواج وانجاب الاطفال وتربيتهم تربية حسنة، بالطبع انا لا اعترض على المبدأ فكم اتمنى ان يكون لى زوج واطفال

ولكن سؤالى الوحيد والذى لم اجد اجابة له حتى الآن هل مبدأ الارتباط معناه ان ارضى بأى رجل لمجرد انه رجل؟ وهل العريس المناسب لى هو من يحمل شهادة جامعية مساوية لشهادتى او اعلى منها ويعمل فى وظيفة مرموقة؟ هل العريس الذى يناسبنى هو الرجل الثرى الذى سيحقق كل احلامى ورغباتى؟ وبفرض ان العريس المنتظر جامعى وله وظيفة مرموقة ويتمتع بالثراء…هل معنى هذا انه العريس الذى لا يمكن رفضه؟ كلها تساؤلات ازعم اننى املك اجاباتها ولكن تلك الاجابات لا ترضى من حولى. فالعريس الذى يناسبنى ببساطة هو من يفهمنى وافهمه واشعر به ويشعر بى …هى فى المجمل احاسيس تأتى فجأة دون اى توجيه…قلت رايي هذا من قبل فكانت اجابة المحيطين بى” وماله الحاجات دى بتيجى بالعشرة” ثم يدللون عن صحة رأيهم بنماذج زوجية ناجحة هى نتاج زواج الصالونات او الزواج التقليدى فاطرح انا نماذج اخرى فاشلة انتهت بالطلاق وساحات المحاكم هى ايضاً نتاج لزواج الصالونات….

وهكذا يظل الحوار بين شد وجذب فى كل الاتجاهات ويبدأ الحوار وينتهى وكل رأى فى اتجاهه دون اى تغيير. استغرق فى افكارى فاجد ان فرص الارتباط للفتاة فى مجتمعنا محددة بأن يعجب بها احدهم، واحدهم هذا اما ان يكون زميل الجامعة او فى محيط الجيران والاقارب او زميل عمل. غير هذا فزواج الصالونات الذى يتجمل فيه الجميع هو السائد. لازلت اذكر عندما جزعت والدتى وخبطت على صدرها من حديثى اليها عندما تساءلت فى براءة” ماذا لو لم اتزوج وبقيت على حالى بقية عمرى” فقد كانت اجابتها صادمة عندما عبرت عن تخوفها من الناس وكلام الناس الذين سيعيروننى بل وسيتهموننى باننى “معيوبة” او اخفى ما يرقى الى درجة الفضيحة، من هنا كان انفعالى انا ايضاً فهل ساتزوج ارضاءاً للناس والمجتمع ام من اجل بناء اسرة. هل تخلى الرجل عن فكرة الزواج سيعرضه لمثل تلك الاقاويل؟ الاجابة نعم ولكن ليس بنفس الدرجة. فويل للفتاة ان لم تتزوج وويل للمطلقة وايضاً ويل للارملة فالمرأة التى تحيا بلا رجل هى مطمع للعيون الجائعة وسيرتها مرتع للنفوس الضائعة. ادور فى حلقة مفرغة فالزواج – من وجهة نظرى- هو سنة الحياة وللفتاة – اى فتاة- امومة غريزية تولد معها.

وعندما انجح فى ان اكون ركناً اساسياً فى بنيان اسرة سأشعر اننى حققت ذاتى…الزواج اذن هو تحقيق للذات ولكن ومن ناحية اخرى يمكننى تحقيق ذاتى من خلال امور اخرى كالنجاح فى عملى او فى نجاحى فى الخدمة العامة…استطيع ان احقق ذاتى فى امور اقودها بنفسى لكن نجاحى فى الحياة الزوجية لا يتوقف على وحدى بل يتوقف بنسبة خمسين فى المائة على طرف آخر قد لا اضمنه ولا اضمن نجاحه. التمس لك العذر يا امى فقد نشأت ونموت فى مجتمع يقدر المرأة فى كلامه ويبخسها اقل حقوقها فى افعاله…التمس لك العذر لاننى بافكارى التى ترينها متحررة ولا تتوافق مع مجتمعنا احمل فى اعماقى قدراً كبيراً من تلك النشأة وافكارها فانا لا املك التعبير عن اعجابى بشخص ما قد يكون لى زوجاً ناجحاً لان حيائى يمنعنى من ذلك قد تكون الاجيال الجديدة من الفتيات اوفر حظاً منى واكثر جرأة لكنهن فى النهاية سيصطدمن بنفس الافكار التى تحملها الاجيال السابقة لهن وقد اكون انا احداهن!!!!

اعود الى امى فاجدها تتحدث مع خالى تليفونياً فافهم انهما يدبران لى لقاء مع عريس جديد….حسناً ساقابله وساجلس معه فان شعرت بالارتياح والتفاهم ساقبله كخطيب لى وفى فترة الخطبة التى هى فترة اختبار ستتضح الرؤية اكثر فاما ان نستمر فى طريق الزواج او
ننهى الخطبة قبل ان ننغمس فى زواج فاشل…الامر اكثر بساطة مما يبدو فالتفاهم مع العريس المنتظر هو الذى يقود للزواج اما ان اضع الزواج كهدف فاقبل اى رجل يريدنى عروساً له فانى بهذا اكون كمن وضع العربة امام الحصان وطلب من الحصان ان يجرها.
بقلم مدحت موريس
(voicy2005@yahoo.com)

شاهد أيضاً

الكنيسة القبطية

المحاكمات (التأديبات) الكنسية … منظور ارثوذكسى

كمال زاخرالخميس 19 ديسمبر 2024 البيان الذى القاه ابينا الأسقف الأنبا ميخائيل اسقف حلوان بشأن …