السبت , نوفمبر 23 2024

أعرفك الطريق

                                                            د. روز غطاس
د. روز غطاس

 

بقلم : د. روز غطاس
بدأت خدمتي عندما كنت ابلغ من العمر سبعة عشر عاما بملجأ للمكفوفات الايتام. كنت اعلمهن فن المكرامية وصناعة الجلود لعمل حقائب ومحافظ واغلفة الكتب كذلك تركيب النجف والنسيج ومساعدتهم بمادة اللغة الانجليزية حيث كنت اسجل لهم علي شريط كاسيت الافعال وتصريفاتها والكلمات ونطقها وكذلك قراءة القصة المقررة وغيره؛ وبدوري تعلمت لغة برايل وطريقة الكتابة علي سبورة برايل، وقوة الملاحظة والصبر والاحتمال واستخدام كل الحواس لتلقي المعلومات، فعندما يفقد الانسان حاسة ما فانه يضاعف حساسية باقي الحواس ويستعين ويعتمد عليها كلية محاولا تعويض المفقود، ولاحظت خلال تواجدي معهم انهم يعرفن طريقهن من غرفة لأخري بقياس المسافات بأقدامهن وتحريك ذراعهن لمسافة معينة، كما قد حفظوا قطع الاثاث التي في الطريق واحيانا يسيرن كالمبصرين واثقات من طريقهن حتي يقع ما لم يكن في الحسبان وهو ان احدهم حرك المقعد او الطاولة من مكانها المعروف فتقع الواقعة والمشكلة. لماذا احكي لكم كل هذا لأنني تذكرت كل هذا عندما كنت اقراء الآية التي قالها الرب الاله بسفر اشعياء 42: 16 “واسير العمي في طريق لم يعرفوها. في مسالك لم يدروها امشيهم. اجعل الظلمة امامهم نورا والمعوجات مستقيمة هذه الامور افعلها ولا اتركهم”. الأعمى يحتاج دائما لمن يعتمد عليه اما بمسك ذراعه أو توجيهه وارشاده بالكلام لمعرفة الطريق. فمثلاً انت ببلد غريب لن تعرف كيف تصل الي غايتك ما لم تكن معك الخريطة أو تذهب لمكتب الاستعلامات لتلقي المعلومة فانت في هذه الحالة مثلك كالأعمى. نفس الشيء يفعله الرب الاله معنا حيث اعطانا كتاب قال فيه:” اعلمك وارشدك الطريق التي تسلكها. انصحك. عيني عليك”(مزمور 32: 8 ). اذناك تسمعان كلمة خلفك قائلة هذه هي الطريق اسلكوا فيها حينما تميلون الى اليمين وحينما تميلون الى اليسار ( اشعياء 30 :22 ). فنحن نقف أمام مجهول نطلق عليه المستقبل وكم نخاف ونفكر كثيراً في هذا المجهول، فهذا الغيب لا يعرفه الا المبصر الوحيد الذي له عينان تخترقان استار الظلام فاحص القلوب ومختبر الكلي في هذه الحالة وهو الرب الاله العالي خالق هذا الكون الذي بيده مقاصير الارض ومفاتيح الهاوية ومفاتيح كل الابواب المغلقة ، فهو الذي يفتح ولا احد يغلق ، ويغلق ولا احد يفتح( رؤية 3 : 7 )؛ ويجعل في البرية طريق وفي القفر انهار ماء حياة فهو رب الحياة لذلك يحب الحياة. فهو الذي اعلن قوله : ” من امن بي ولو مات( جسده) فسيحيا( روحه) ( يوحنا 11 : 25 ). فهو الذي عَرف موسي طرقه وبني اسرائيل افعاله( مزمور 103 : 7 ) وهو الذي اعلن عنه سليمان الملك الحكيم قائلا: في كل طرقك اعرفه وهو يقوم سبلك(امثال 3 : 6 ). انها نفسها كانت طلبة كاتب المزامير عندما قال:” طرقك يا رب عرفني، سبلك علمني”( مزمور25: 4 ). فالرب الذي خلق هذا المخلوق الرائع الذي هو انا وانت هو الاوحد الوحيد القادر علي ضبط وتغيير سلوكه وافكاره وافعاله الغير متناسقة مع ما قصد صنعه في البداية الذي قال عنه: حسن جدا. كما يُذكر موسي بني اسرائيل فعل الرب معهم في البرية حيث قال: وفي البرية حيث رأيت كيف حملك الرب الهك كما يحمل الانسان ابنه في كل الطريق التي سلكتموها حتى جئتم الى هذا المكان. السائر امامكم في الطريق ليلتمس لكم مكانا لنزولكم في نار ليلا ليريكم الطريق التي تسيرون فيها وفي سحاب نهارا ( تثنية 1: 33 ). سالت نفسي هذا السؤال كثيرا: من يقود طريقي وعلي من اعتمد في المشورة والارشاد والنصيحة؟ هل عندما اقف حائرة في قرار ما اول شخص ارجع له هو من خلقني ويعرفني اكثر من نفسي ام ابحث عن اخر؟.

شاهد أيضاً

سوهاج

خالد المزلقاني يكتب : أوكرانيا وضرب العمق الروسي ..!

مبدئيا أوكرانيا لا يمكنها ضرب العمق الروسي بدون مشاركة أوروبية من حلف الناتو وإذا استمر …