بقلم محمد المغربى الكاتب الصحفى .
فى ظل الزخم الأدبى ، وانتشار فن الرواية فى الوسط الأدبى ، لابد للقارئ الجيد ، والذى ينتظر الإبحار فى موانئ الأدب أن ينتقى قاربه الروائى ، بل ويحرص على اللحاق بالقارب الروائى الرائع “بلا عنوان”للكاتبة المقدسية “خالدة غوشة” ، والتى قدمت للرواية العربية فلسفة جديدة تغوص فى جوهر الانسان ، لتعكس الصراعات التى تواجه الانسان عبر مراحل حياته من طفولة ثم مراهقة وشباب ، وحتى وصوله حياة البرزخ .
ولا تخلو الرواية من إنسانيات تتحدث عن الروح ، الجسد ، الصراع ، الصدق ، الضمير ، والعقل الانسانى ، وذلك فى قالب روائى رائع يبعث برسالة انسانية مفيدة ، ومستوحاة من الواقع الحياتى ، فهى تنقل الحدث بشكل غير تقليدى فوتغرافى ، وإنما تسرده بطريقة فلسفية ممنهجة بمنهج غريب يشبه ” الميتافيزيقا ” وهى إتجاه أدبى يبحث فى ظواهر العالم بطريقة عقلية ممزوجة بالعاطفة ، ويبتدع أساليب أدبية تجمع بين المختلف والمؤتلف من الأخيلة الفكرية والظواهر الطبيعية .
والكاتبة وهى فى ثنايا رواياتها تمزج بين الأسلوب السهل ، والتعبير الجميل ، وهو فى رأيي ؛ الوسيلة الوحيدة لنقل الأفكار العميقة إلى القراء ، والتأثير فيهم .
تقمصت الكاتبة شخصيات داخل البلاد وخارجها ، بل ولم تكتف بذلك بل عرضت كل الديانات فى روايتها ، لكى تخرج الرواية من الإطار الإقليمى ، وتخاطب الانسانية جمعاء فى رحلة فكرية وعاطفية ودينية مشوقة ، مصحوبة بروحانيات متأججة .
نجحت الكاتبة فى إخراج الغضب والكبت الذى بداخلها، والذى طالما خلفته طفولة متأثرة بصراع صهيونى عربى عايشته ،و كسرت القيود والحواجز ،و أخرجت هذا الطفل الذى قدم لنا مشاعر ناضجة فى صورة رواية، وهذا ينم عن شخصية قوية ويابسة .
آدم ، ريتا ، سارة ، كفاح ، نضال !! هى اسماء منتقاة بعناية من الرواية تلائم الطابع الفلسفى، بل والطابع الواقعى الذى هو مادة كتاباتها.
1×2+3 :هو عنوان الرواية وهى معادلة حسابية، تركت للقارئ فك رموزها لكى يضع بنفسه عنوان الرواية، فهى أرادت أن يشاركها القارئ فى وضع العنوان بنفسه، وكان لها هذا ، وفى هذا رؤية فلسفية راقية للرواية العربية .
وهذا يعكس ايمان عميق من الراوية ، بأن كل انسان بداخله فيلسوف ، و هى ارادت أن تخرج الفيلسوف من قمقمه لكى يعبر عما بداخله .
أرادت فيلسوفة الرواية العربية “خالدة غوشة ” أن تخرج بالراوية إلى عالم فضائى جديد وغريب ، وهذا هو البعد الثالث !!
ورغم أن الكاتبة أستعانت بالاتجاه الأدبى “الميتافيزيقى “والذى يجنح أحيانا إلى الخيال الصوفى ، و ما يتعلق بفكرة “الوجود” وربط تلك الدلالات الدينية والاخلاقية الكامنة وراء القوى الميتافيزيقية ، ومن هنا كانت خطورة التعبيرات الأدبية فى هذا الاتجاه على الشباب المسلم ، الذى يجب أن يعيها بدقة ، ويعرف أبعادها ، قبل أن ينجرف مع هذا التيار الادبى ، ولكن !! يحسب للكاتبة أنها أخذت من هذا الاتجاه ما تريده فقط فى بناء روايتها ، فهى تؤمن بأن كل ما خلقه الله من جبال وأنهار وظواهر كونية سخرت لخدمة الانسان ، والذى خلق أساسا لعبادة الله عزوجل “وما خلقت الأنس والجن إلا ليعبدون ” .
“بلا عنوان ” !! هى الابنة المدللة للروائية المقدسية “خالدة غوشة ” كما تقول هى عنها ، ويعلو سقف طموحها بأن تترجم الرواية إلى كل لغات العالم .
وأنا من منبرى هذا أضم صوتى لها ، وأدعو القارئ العربى والأجنبى أن يفتش عن تلك الرواية ويتعايش معها .
وأختم بقولى “فلسفة بلا عنوان تترك لخيالك العنان “
الوسوممحمد المغربى
شاهد أيضاً
خالد المزلقاني يكتب : أوكرانيا وضرب العمق الروسي ..!
مبدئيا أوكرانيا لا يمكنها ضرب العمق الروسي بدون مشاركة أوروبية من حلف الناتو وإذا استمر …