محمد المغربى الكاتب الصحفى
كنت ومازلت مولعا ومن المعنيين بالشأن الأندلسى، والذى أزعم أنه عصر الذهب الإسلامى “إن صح التعبير” ، فقد نالت الخلافة الإسلامية هناك باعا من العلم والأدب والفنون لا يستهان به، نتيجة الظروف البيئية والمجتمعية الجديدة على العرب حينئذ، وإحتكاك المسلمين بالمناخ الأوربى والذى تفوح منه رائحة الحرية.
وأثناء تصفحى للتراث الأندلسى ، كنت دائما أفكر وآتساءل!!؟
فى ظل هذه الآجواء الفكرية الجديدة على العرب ، وإحتكاكهم بالنخبة الفكرية الأوربية، وما نتج عنه من تأثير وتأثر ، هل غابت شمس المرأة الأندلسية عن هذا المشهد؟ وإن لم تغب فما هو دورها ؟ وما هو نتاج وثمرة مشاركتها فى هذا المنتدى الثقافى العلمى الجديد إن وجد ؟ وهل تركت بصمة فى التاريخ الأندلسى ؟
ظلت التساؤلات تراودنى فما وجدت ضالة إجابتى إلا فى كتاب أزعم أنه أعاد المرأة الأندلسية إلى مظلة التراث الإسلامى ، وهو كتاب (إسهام المرأة الأندسية فى النشاط العلمى فى الأندلس ) للكاتبة اللبنانية المتخصصة فى الحضارة الإسلامية والأندلسية د. سهى بعيون ، والتى أرى أنها أضافت للمكتبة العربية كتابا هاما عبرت بالمرأة الأندلسية جسور التاريخ ، وأزعم أن كثير من الكتاب أغفلوا حقها.
وقد أختارت الكاتبة فترة هامة جدا من تلك العصور ، وهى( عصر ملوك الطوائف) ، وأرى أنها وفقت كثيرا فى إختيار تلك الفترة والتى كانت مشهورة بالصراعات السياسية العنيفة ، ورغم تلك الصراعات، ازدهرت العلوم فى هذا العصر عن العصور السابقة ، بل وفاق عصر الخلافة من حيث الانتاج العلمى والأدبى ، فى إشارة من الكاتبة أنه رغم تلك الصراعات السياسية لم يمنع المرأة الأندلسية من الإبداع والتجلى ، والمضى قدما فى وضع بصمتها فى ثنايا التاريخ الإسلامى ، وهذا ما يؤكد للقارئ مناخ الحرية التى كانت تعيشه وقتها .
عرضت الكاتبة إسهام المرأة الأندلسية فى العلوم الدينية مثل علم الفقه وعلم الحديث بل وعلم القرأن ، بل فاق حفظة القرأن من النساء فى عصر ملوك الطوائف أكثر من ستين ألف حافظة ، لدرجة أنه كانت المرأة الأندلسية تضع قنديلا فوق باب منزلها للدلالة على وجود حافظة للقرأن فى هذا البيت ، بل كانت لها مشاركة فى علم الفقه ، وعرضت لاسماء بعض النساء فى عصر الخلافة مثل ( راضية) وهى مولاة (عبدالرحمن بن محمد الناصر) فى إشارة من الكاتبة إلى إسهام الموالى أيضا فى النشاط العلمى وليست الحرائر فقط ، فقد كان لكثير من الجوارى مشاركة ومساهمة فى العلوم فى بلاط الملوك فقد كن محل عناية من الملوك فكانوا يقومون بتهذيبهن والإعتناء بهن ، وهذا ملفت للنظر !!
لم تكتف الكاتبة بذلك بل أسهبت فى الفصل الخامس عن الحديث عن مشاركة المرأة فى العلوم الطبية ، وذكرت اسماء بعد الطبيبات مثل (أم الحسن بنت القاضى أبى جعفر الطنجالى) ، وأسرة (بنى زهر) فى إشبيلية والتى أشتهر نساؤها فى علم الطب .
أضافت الكاتبة بأن المرأة الأندلسية أقامت المنتديات الأدبية ، ونسخت القرأن وحفظته ، بل ووصلت للقضاء ، وتدخلت فى شئون الدولة السياسية ، وساهمت فى السلطة ،
أضافت الكاتبة د. ( سهى بعيون ) إلى البحث الأدبى وإلى المكتبة العربية كتابا ومؤلفا قيما ، وأضاف من قبلها أجدادها عائلة بعيون العربية التى هاجرت وساهمت فى فتح الأندلس .
الوسوممحمد المغربى
شاهد أيضاً
“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “
بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …