غادرت ثلاث شابات من تورنتو الكندية إلى القاهرة في يوليو الماضي متجهات إلى اسطنبول. لم يكن هناك وقت لإضاعته عقب اختفائهن حيث خشي آبائهن من إمكانية سفرهن إلى سوريا.
عمل ضابط الشرطة الملكية الكندية المكلف بالقضية طوال الليل، وأقنع السلطات المصرية بتعقب واعتراض الفتيات الثلاث في المطار.
يقول رئيس وحدة الأمن القومي بأونتاريو دوج بست: ”لو تأخرنا ساعة أو عدة ساعات لكان الأمر قد انتهى فقد كان هناك من ينتظرهن في مطار اسطنبول”.
وعقب تسعة أشهر مروعة ناقشت الشرطة الملكية الكندية دورها في الأمر للمرة الأولى هذا الأسبوع بعدما قرر المحقق الفيدرالي عدم توجيه أي تهمة جنائية إلى المراهقات. إحداهن لم يتجاوز عمرها 15 عاما، بينما الأخريتان شقيقتين عمرهما 18 و19 عاماً.
لا تعرف الشرطة تحديداً سبب قرار الفتيات السفر إلى سوريا دون إبلاغ أسرهن. قالت الفتيات للشرطة إنهن سافرن لأغراض إنسانية. لكن المحققين قالوا إن حساباتهن على وسائل التواصل الإجتماعي توضح اهتمام الفتيات بتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام.
يقول بيست في مقابلة مع “ناشيونال بوست”: ”حقيقة، هناك كثيرون ممن سيقولون إننا أنقذنا حياة هؤلاء الفتيات.لكن بعد تفكير قررنا عدم توجيه أي اتهامات جنائية للفتيات“. و تم إخبار العائلات، الاثنين الماضي، أن الفتيات لن يتم توجيه اتهامات لهن.
يقول حسين حمداني، الذي التقى العائلات سابقاً، إنه سعيد بهذا القرار. وأضاف أنه لو كانت الفتيات تنوين الزواج بمقاتلين من تنظيم الدولة الإسلامية، فإن ذلك لا يعني بالضرورة تقديم الدعم لمنظمة إرهابية. ويقول محامي بولاية أونتاريو: ”كان جدالاً قانونياً كبيراً.
فهؤلاء الفتيات صغيرات جداً في العمر. لا نود أن ندمر حياتهن، فهذا لن يقدم شيئاً جيداً للمجتمع.. اعتقد أن ما حدث هو الأفضل لكندا“.
تقول لجوانا كوك، المرشحة للدكتوراة بقسم دراسات الحرب بجامعة كينجز بلندن، إن حوالي 18% من الأجانب المتوجهين إلى سوريا و العراق هن نساء. وأضافت: ”تم التأكد من أن عدد من بين هؤلاء النساء كنديات“. و تدور دراسات ”كوك“ حول دور المرأة في التطرف.
تقدم تلك التحقيقات مع المراهقات الثلاث لمحة عن الجهود الحالية للتعامل مع الشابات الكنديات اللاتي يغرقن في الصراعات في سوريا والعراق. ففي 14 يوليو 2014، انقطعت الفتاة ذات 15 عاماً عن دروس الصيف، وقالت الأختان الاخريتان أنهما ذاهبتان إلى المكتبة.
عندما لم يعدن إلى المنزل شعر الأهل بالقلق. وبدأت عائلة الفتاة الأصغر في البحث حتى وجدت دليلاً على أنها حجزت تذكرة طيران إلى إسطنبول مع ترانزيت للرحلة في القاهرة. كما حصلت أيضاً على تأشيرة السفر إلى تركيا وسحبت 5 آلاف دولار من حسابها البنكي.
قام الآباء على الفور بالإبلاغ عن اختفاء الفتيات. ولأن الآباء أوضحوا عما كان يدور بعقول بناتهن عن السفر إلى سوريا، قامت الشرطة بإبلاغ سلطات مكافحة الإرهاب بولاية أونتاريو التي بدورها اتصلت بالشرطة الملكية بتورنتو.
يقول بيست: ”الأمر الهام هو أن الآباء كان لديهم حس جيد فيما يتعلق باختفاء بناتهن، حيث عبروا بصراحة عن اعتقاداهم بأن الفتيات قد يكن غادرن إلى سوريا”.
تواصل المحققون مع أحد العاملين بالشرطة الملكية الكندية والمتواجد بالقاهرة. وبدأ بدوره سريعاً وأجرى اتصالاته مع الشرطة المصرية التي تمكنت من العثور على الفتيات قبل مغادرة رحلتهم إلى إسطنبول. واحتجزت السلطات المصرية الفتيات و تم إعادتهم إلى كندا في 17 يوليو.
يضيف بيست: ”في هذه القضية، كل شئ سار بشكل صحيح.
لقد كان تصرفنا جيداً وكنا قادرين على الوصول إلى الفتيات المراهقات في القاهرة قبل مغادرة رحلتهم إلى كندا”.
بعد ذلك كونت الشرطة الملكية الكندية والشرطة المحلية قوة تحقيق مشتركة حسبما أكد دافيد كيندي، ممثل عن الشرطة الإقليمية.
ومنذ اختفاء أحد الفتيات وهي في طريقها إلى فصولها أصبحت المدرسة مشتركة في الأمر.
و قال المتحدث التابع للمدرسة بريان وودلاند: ”عندما علمت إدارة المدرسة بما يقال عن مغادرة بعض طلابها ليكونوا جزء من صراعات خارجية تحركت بسرعة. فاتصلنا بالشرطة المحلية وتلقينا نصائح محددة وتوجيهات وتعاوننا معهم بناء عليها“.
وحسب التحقيقات فالفتاة الأصغر سناً كانت قد دفعت تكاليف السفر للفتاتين الأخريتين باستخدام أموال حصلت عليها بطريقة قانونية.
وعندما فحصت الشرطة الحساب الشخصي للفتاة على مواقع التواصل الإجتماعي، وجدت ما اعتبرته تعاطفاً مع الدولة الإسلامية في العراق و الشام واهتماماً بالانضمام إليها.
وكانت إحداهن تتعامل عبر الإنترنت مع موسى سيرانتونيو، وهو أسترالي تحول إلى الإسلام ومعروف بدعمه للدولة الإسلامية.
ووصفه المركز الدولي لدراسات التطرف إنه “أحد أبرز دعاة التطرف عبر الإنترنت”.
وضع العديد من أعضاء الدولة الإسلامية الكنديين نصائح للنساء على مواقع التواصل الإجتماعي واقترحوا على ”الأخوات“ متابعتهم على موقع “تويتر” من أجل النصائح.
ويمنع تنظيم الدولة الإسلامية النساء من المشاركة في القتال ولذلك تقريباً يقتصر دورهم على كونهم زوجات للمجاهدين. وفي بعض الحالات، قابلن مقاتلين من التنظيم على الإنترنت، ووافقن على الانضمام إليهم.
يعتقد الباحثون أن الزوجات في تنظيم الدولة يكنّ مدفوعات بأيدولوجية متطرفة تصور المسلمين على أنهم ضحايا للقمع، وتصور الدول الغربية مثل كندا بأنها مذنبة ومسؤولة عن ذلك الاضطهاد، كما تزعم تلك الأيدولوجية أن واجب المسلمين الديني هو إعمار الدولة الإسلامية.
حسب تقرير لمعهد الحوار الاستراتيجي ”لا ترفض المهاجرات فقط الثقافة والسياسة الغربية بل أيضاً تتبنين رؤية جديدة للمجتمع.
ويأملن في المساهمة في مجتمع يحكمه فهم متشدد للشريعة“.
وهناك خلاف حول كيفية التعامل مع الشابات. فهل يجب معاملتهن كـ”مفقودات”، أم داعمات للإرهاب؟ هل سيمتنع الأهالي عن التحرك قدماً لو علموا أن بناتهن قد يعاقبن؟
تقول كوك: ”يمكن أن يكون تحدياً أن نقدم النساء للمحاكمة في القضايا المتعلقة بتنظيم الدولة الإسلامية، حيث لا يمارسن أفعال قتالية حقيقية، ومن الصعب إثبات الأنواع الأخرى من الدعم التي يقدمنها للتنظيم“، وتضيف: ”الأمر ليس واضحاً كما هو الحال عند مغادرة الرجال إلى الخارج بنوايا المشاركة في أعمال إرهابية“.
وأضافت أنه من المؤثر أكثر أن نبحث عمن يجندهن مثل ما يعرف بـ ”الأخوات الكبريات“ وما هي الطرق المستخدمة في ذلك.
وتقول كوك إن روايات حقيقية من الواقع المؤلم لزوجات جهاديات يمكن أن تساعد في ذلك وأيضاً الدعم المقدم من الجماعات التي تركز على تعزيز دور المرأة في مواجهة التطرف.
يقول بيست: ”بالفعل شهدنا زيادة في أعداد الفتيات اللاتي يعبرن عن اهتمامهن، وأعمار بعضهن لا تتجاوز 13 عاماً ويردن الالتحاق بتنظيم الدولة الإسلامية. وأغلب ذلك يحدث بالطبع على الإنترنت“.
وأضاف: ”أعتقد أن السؤال الذي من المفترض سؤاله هو: كيف لفتاة 13 عاماً أن تستيقظ في الصباح وتقرر (هذه هي المواقع التي سأتصفحها وأريد أن أدعم تنظيم الدولة) لسوء الحظ ليس لدي إجابة على ذلك. أتمنى لو أنني أستطيع ذلك“.
نقلا عن موقع كايرو ليف