الكاتب : مجدى خليل
مثلما حدث تطور من وضعية المثقف إلى وضع الناشط ثم إلى وضع الثورى تمهيدا لما سمى ب” الربيع العربى “، حدث تطور آخر من المنظمات الإسلامية إلى المليشيات الإرهابية ثم إلى أشباه الدول الإرهابية تمهيدا لما يمكن أن نسميه ” الخراب العربى”، ومما يؤسف له أن هذا التطور الخطير حدث برعاية وتمويل دول في المنطقة، ولدينا عشرة نماذج تعكس هذا التطور الخطير.
حزب الله شبه دولة برعاية إيرانية كاملة، وإن كان أكثر التزاما وتحديدا لأهدافه من المنظمات السنية المماثلة، ولكن لا ينكر أحد تطوره من منظمة إلى مليشيا قوية ثم إلى شبه دولة له اليد العليا في لبنان حاليا.
نفس الشئ حدث مع حماس من منظمة مقاومة إلى مليشيا لها أهدافها خارج مسألة المقاومة ثم إلى شبه دولة تحكم غزة على حساب القضية الفلسطينية. والمعروف أن العديد من الدول رعت حماس حتى وصلت إلى هذا الوضع منها قطر والسعودية وإيران علاوة على التنظيم الدولى لجماعة الاخوان.
داعش أنطلقت بنفس الطريقة من منظمة تدعى أنها تقاوم الغزو الأمريكي إلى مليشيا إرهابية خطيرة ثم إلى شبه دولة تسيطر على مساحات واسعة من العراق وسوريا، وطبعا داعش رعتها ومولتها تركيا وقطر والسعودية ودول أخرى. جبهة النصر شقيقة داعش ومنافستها تحكم شبه دولة فى سوريا حاليا
وقد دعمتها قطر والسعودية وتركيا والاردن.
بوكاحرام هي منظمة إرهابية تحولت إلى مليشيا خطيرة وفى طريقها إلى أن تصبح شبه دولة، ومعظم تمويل هذه المنظمة الخطيرة جاء من دول البترول العربية .
جماعة أنصار الله الحوثية في اليمن هي منظمة أخرى تحولت إلى مليشيا خطيرة ثم إلى شبه دولة في اليمن، وساعدها في ذلك إيران وعلى عبد الله صالح وبعض دول خليجية معروفة.
هناك جماعة أخرى هي منظمة أنصار الشريعة في ليبيا،والتى أنتحلت أسم داعش مؤخرا،أو ولاية ليبيا ، والتي أصبحت كذلك مليشيا خطيرة بدعم قطرى أخوانى وهي تسعى للإستيلاء على مساحة ليبية أوسع من سرت لتصنع منها شبه دولة.
ومن قبل حدث ذلك مع جماعة أنصار الشباب الصومالى وبدعم فؤائض الإرهاب البترولى، ومع حركة طالبان التي تحولت في وقت ما إلى دولة برعاية باكستانية سعودية كاملة.أما الحالة العاشرة فهى مليشيا أنصار بيت المقدس،وكان المخطط لها أن تصبح شبه دولة فى سيناء تستوعب سكان غزة، وقد تأسست هذه المنظمة برعاية كاملة من حماس وتنظيم الاخوان المسلمين ودول أخرى،وقد أختير أسمها بعناية من قبل حماس لكى تعبر عن هدفها فى النهاية، وهو احتلال سيناء لصالح حماس.
هناك خط واضح فى كل هذا التطور وهو ثقافة الكراهية الدينية ودولارات النفط أو ما يمكن تسميته ” فؤائض الإرهاب البترولى”،ولن ينتهى مسلسل الإرهاب فى العالم إلا بنهاية حقبة البترول العربى السوداء.
هناك تطور خطير آخر وهو أن العلامة التجارية بدأت تنتقل من القاعدة إلى داعش، فبعد 11 سبتمر 2001 ظهرت العديد من المنظمات التي تدعى أنها فروعا للقاعدة في حين أنها لا علاقة تنظيمية لها بالقاعدة التى انعزلت فى جيوب باكستانية وأفغانية، ولكن أستخدمت علامتها التجارية في القتل والخراب، ورحبت القاعدة بذلك لكى تعطى لنفسها وزنا عالميا يفوق حجمها الحقيقى، الآن انتقل الموضوع إلى داعش حيث تدعى العديد من المنظمات أنها فروعا لداعش على عكس الحقيقة
ولكن هذا يصب في استخدام العلامة التجارية المزدهرة لداعش التي تفوقت على القاعدة في الوحشية والهمجية فأصبحت مثار إعجاب الإرهابيين حول العالم، وأصبحت علامتها التجارية أكثر رعبا وبريقا.
ما هي نتائج كل هذا؟
النتائج المؤكدة لهذا التطور الخطير ليس فقط شرزمة الشرق الأوسط إلى دويلات متصارعة، وليس فقط حروب أهلية واسعة، وليس فقط حروب مذهبية على الهوية الدينية، وليس فقط مزيدا من التطهير العرقى للأقليات غير المسلمة، والمسيحية على وجه الخصوص، وليس فقط مزيدا من قتل الأبرياء..ولكن النتيجة الحتمية هو خراب هذا الشرق تماما وتحويله إلى جحيم ومقبرة لأبناءه.
والسؤال هل هذا يتم برعاية أمريكية كاملة كما يدعى الكثيرون في الشرق الأوسط؟.
في تقديرى أن هذا الكلام عار من الصحة، هذه المنظمات والمليشيات المتوحشة صنعتها ومولتها وغذتها بايدولوجية الكراهية دول إسلامية ومن داخل الشرق الأوسط ذاته، وصنعتها ايدولوجية متطرفة تدرس في معظم المعاهد الدينية للدول الإسلامية، وصنعتها حكومات مستبدة زايدت بالدين لكى تستطيع السيطرة على شعوبها،
وصنعها فائض الكراهية الرهيب الذى يبث من داخل هذه الدول وفائض العنف الذى هو ثمرة أكيدة لتوحش الكراهية، وفوق هذا صنعها فائض الأموال البترولية التي كانت سببا رئيسيا في تطرف العالم كله.
الحقيقة الناصعة أن الشرق الأوسط يخرب نفسه بنفسه بعيدا عن إسرائيل وأمريكا.
نعم إسرائيل وأمريكا تستفيدان من هذا الوضع بحصر العنف والإرهاب داخل هذه الدول بعيدا عن أراضيهم،ونعم هم أكثر المستفيدين مما يحدث، ونعم هم يبيعون الأسلحة وتكونولوجيا الخراب لمن يريدها من الاطراف المتحاربة لإنعاش اقتصادهما
ونعم هم يشجعون ويذكون نار هذا المشهد من وراء الستار، ولكنهم يظلون طرفا ثانويا فى اللعبة ذاتها، هم يتفرجون بإستمتاع لما يحدث ولسان حالهم يقول أن خراب الشرق يحدث بدون طلقة واحدة أو دولار واحد ينفق من ميزانيتهما، فمجانين وإرهابى الشرق الأوسط يقومون بالدور بدون أحتياج إلى أمريكا أو إسرائيل.
والسؤال لماذا لا تقوم أمريكا بمنع هذا الخراب؟.
ولماذا تمنعه وهو يعزل هذا الشرق بكراهيته وإرهابييه عن خط الحضارة الغربية وعن إسرائيل؟.
كما أن تراجع دور ومكانة بترول الشرق الأوسط في الخريطة العالمية جعل أمريكا أقل اهتماما بأنقاذ هؤلاء الذين بعثروا ثروتهم على نشرالكراهية والإرهاب والخراب والدمار فى كل مكان فى الشرق.
الشرق يتدحرج يوما بعد يوم نحو الخراب الكامل وبأيدى أبناءه، ولا عزاء للمسالمين الذين يدفعون ضريبة ثقيلة نتيجة لفوائض البترول الإرهابى وصحوة الخراب التى تسمى بالصحوة الإسلامية.