كمال زاخر
الخميس ٧ نوفمبر ٢٠٢٤
من يحاربون البابا الحالى هم تلاميذ من حاربوا البابا الأسبق، فى مناخ اكثر شراسة فى ادواتهم اللوچيستية.
والأمر لا يقتصر على كلاهما، فتاريخ الكنيسة فى جانب منه هو سلسلة من المتاعب والحروب من داخل ومن خارج وكثيرها بتحالف بين اشرار الداخل والخارج.
وفى كل الأحوال وبحسب السائد من تكوينات فكرية لن يُسمح للمدنيين (المستنيرين)
ان يكونوا رقماً فى معادلة تدبير الكنيسة، ليس فقط من جانب الاكليروس
الذى استقر عنده ان مقتضيات الابوة تعنى الخضوع التام من الأبناء، برؤية ابوية قبلية
فى احسن الحالات، وبتشكك فى العلمانيين، بل يدعم العلمانيون توجه استبعادهم لتقدم
غير المستحقين منهم الصفوف وظهور تحالفات بين هؤلاء واولئك على خلفية التطلعات المادية
وبتدخل سافر من السياسة الحاضرة فى ادق تفاصيل المجتمع الكنسى.
وتزايد الأمر تعقيدا بعد تحول اليات الكنيسة، وفى مقدمتها الأديرة، الى مؤسسات اقتصادية ريعية
صارت تدير مشروعاتها الانتاجية بآليات السوق، ولم تستطع ان تتجنب توحش حسابات المال
وغاب عن الطوباويين أن العلاقات البينية لم تعد تقوم على قيم العصور الأولى.
فى عالم يجيد ويملك ادوات تزييف الحياة الروحية.ويقفز الى ذهنى حوار قصير
جرى فى السنوات الأخيرة للقرن المنصرم، مع صديق من جنوب مصر، سألته عن سبب عبوسه
على غير عادته، قال بأسى أنه عائد لتوه من احتفاليات “مولد” شهير ببلدته القابعة
فى حضن الجبل ومعالم مصر القديمة وفيه التقى بأحد قيادات اللجنة المكلفة بالاشراف على المولد
وادارته؛ فقال له هى فرصة لتنظيم لقاءات روحية مع مئات الالاف لمريدى المولد
ودعوتهم للحياة فى المسيح، استغلالا لزخم اللحظة الروحى
انها فرصة لربح النفوس، فجاء رده بهدوء وعفوية؛ شوف يابنى نحن الان فى مهمة لجمع
“الفلوس” وسوف ندبر وقتا لاحقاً بعد الموسم لربح النفوس!!.
صمت صديقى وبادلته الصمت.
وتتفاقم ازمتنا مع التراجع المعرفى واللاهوتى الذى ضربنا فى سياق تراجع عام قفز بمنظومة اخلاقنا
التى كانت واحدة من علامات حضورنا المجتمعى والحياتى الى دوائر الغياب.
فى واحدة من تطبيقات تحول النور الذى – كان – فينا إلى ظلام.