الأربعاء , أغسطس 14 2024
محمد عبد السلام

رحل عنا الشيخ اليساري محمد عبدالسلام!!

شوقى عقل

تدينه السمح الرحب، وايمانه بالبسطاء وحبه لهم، وثقته بان كل ما يمر بنا من سوء شيء عابر، كان سمة لشخصيته لمحتها حين كنا نجوب بلاد جنوب مصر، سفاجا والقصير وشلاتين وحلايب.

حين وصلنا دير الأنبا بولا في الصباح ، رفض الحارس ان ننزل إلى القبو لنزور المقام، قائلا:

– الزيارة عشية! ذهبنا إلى رئيس الدير، وكرر الأب ما قاله الغفير وهو ينظر مندهشا إلى جلباب

محمد عبد السلام القصير ولحيته البيضاء المرسلة والعمامة البيضاء!، قال عبدالسلام:

– يصح يا أبونا نعدي ولا نخدش البركة! نظر الرجل قليلا إلى عبدالسلام ثم قام وذهب معنا إلى حيث المقام، قال للغفير:

– خليهم يزوروا ونزلنا وحدنا رغم وجود عدد كبير من الزوار ينتظر العشية!

في مقام ابو الحسن الشاذلي، التف حولنا الزوار! جاءوا لزيارة المقام فوجدوا بينهم هذا الرجل الآتي

من عالم يحبونه ويحلمون به! كنا نسير في المنطقة المحيطة بالمسجد الكبير، يتدافع الناس ليلمسوا ثوبه

ويتبركوا بالولي صاحب الوجه المشرق والابتسامة الفياضة بالود والطيبة!

يشدنا رجل وهو يقسم :

– علي الطلاق لنجبنيكم!الجَبنة هي قهوة مغلية مضاف اليها جنزبيل، ان وجد، او شطة، وهو الحاصل!

في رحلة أخرى إلى نوبة السودان، في الميناء الذي سنستقل منه العبارة إلى ميناء حلفا السوداني

جاء مخبر ونادى علي واصطحبني إلى غرفة أمن الدولة.

أخذ ضابط صغير يسألني، عن السبب في رحلتي للسودان! وعن اذا ما كان لي نشاط سياسي سابق؟

فاخبرته! سألته إن كانت هناك مشكلة في الذهاب إلى السودان (الشقيق!) تركوني في غرفة المخبرين

حوالي ساعتين، والعبارة تنتظر! فجاء الشيخ محمد ودخل غرفة ضابط أمن الدولة وقال له!:

– إن كان هناك سبب لاحتجازه، فاذكره، وان لم يكن فاطلقوا سراحه! فأطلق سراحي بعد قليل!

في حلفا السودان، القرى التي مررنا بها، كانت الناس تتطلع اليه، تقترب منه دون سابق معرفة

يسأل عبدالسلام:ـ انت اسمك ايه؟ فيخبره الرجل، فيعاود محمد عبدالسلام سؤاله:- منين؟ فيخبره .

في معظم الحالات، كان الشيخ محمد يعرف المنطقة، وسبق له زيارتها! فيدور بينهما حديث كاصدقاء زمن!

في السودان ايضا، قبض علي، هذه المرة بصورة خشنة، واخذت الى مكتب التحقيق في مكتب أمن الدولة..ايضا!

جاء محمد عبدالسلام في اثري ووقفنا ننتظر.

صاح فينا مخبر بصوت عال:

– اقعدوا!فرد عليه الشيخ محمد بصوت أعلى:

– هات لنا كراسي، احنا ما نقعدش على الأرض! كان العالم بيته.

فقدنا الشيخ محمد، في لحظة حزينة، نفقد فيها كل شيء، فنزيد حزنا فوق حزن، ومرار فوق مرار

وغربة فوق غربة.

شاهد أيضاً

الدكتور عماد فيكتور سوريال يتحدث من خلال الجزء الثالث للأحوال الشخصية عن المرأة

23 رِيحُ الشِّمَالِ تَطْرُدُ الْمَطَرَ، وَالْوَجْهُ الْمُعْبِسُ يَطْرُدُ لِسَانًا ثَالِبًا. 24 اَلسُّكْنَى فِي زَاوِيَةِ السَّطْحِ، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.