بدأت الإذاعة المصرية في العام 1953 تقديم أولى حلقات البرنامج الفكاهي “ساعة لقلبك”، واستمر البرنامج حتى بداية العقد التالي.
كان البرنامج فكاهيًا بامتياز، وحظي بجماهيرية طاغية؛ لا سيما أن مجموعة من الكتاب الموهوبين والممثلين الكوميديان تناوبت على المشاركة فيه.
من أبرز كُتاب “ساعة لقلبك” كان: يوسف عوف وأحمد طاهر وأمين الهنيدي وأنور عبد الله وعبد المنعم مدبولي. أما قائمة الممثلين فضمَّت إلى جانب “مدبولي” و”الهنيدي” مواهب كوميدية واعدة في ذلك الوقت مثل: فؤاد المهندس، محمد عوض، خيرية أحمد، محمد يوسف، نبيلة السيد، جمالات زايد، أبو لمعة، الخواجة بيجو، وآخرين.
كان البرنامج يمثل جرعة كوميدية هادفة أحيانًا، وهزلية أحيانًا أخرى، ولكن ظل قادرًا على إثارة البهجة عند المصريين وانتزاع ضحكاتهم.
ولا تزال الحلقات “القديمة” التي تُذاع عبر إذاعة “البرنامج العام” يوميًا محتفظة بوهجها وقدرتها على
الإضحاك، وكأنها قد أنتجت منذ أيام، وليس سنوات طويلة! ومع تراجع الكوميديا بشكل عام في السنوات الأخيرة، واستسهال صُناعها من خلال الميل إلى الإسفاف والاستظراف والاستخفاف إلى حد الاستهبال
كان لا بد من إحداث ثورة في الكوميديا وطفرة في الإضحاك، لا سيما أن الظروف التي يمر بها المصريون
الآن أشد ضراوة من الظروف التي واكبت إنتاج برنامج “ساعة لقلبك” في خمسينيات القرن الماضي
ومن ثم فإنهم يحتاجون إلى من يحنو عليهم ويرفق بهم ويطبطب على قلوبهم المُتعبة!
ولعل من الجهات التي اضطلعت مؤخرًا بهذه المهمة عن جدارة واستحقاق، وتكاد تكون استنساخًا لبرنامج
“ساعة لقلبك” هي المؤسسة الناشئة الواعدة المبشرة “تكوين“، بما تملكه من مواهب لا تقل عن
“المهندس” و”الهنيدي” و”مدبولي” و”عوض” و”خيرية” و”جمالات” و”نبيلة”.
الفيديوهات التي تنشرها المؤسسة الجديدة عبر مواقع التواصل الاجتماعي تبشر بعودة زمن الضحك الجميل.
ولا يخفى على أحد الفوائد الطبية العظيمة للضحك، مثل: التقليل من هرمون التوتر، المساعدة على تثبيط الألم، تعزيز صحة الجهاز المناعي، تنظيم ضغط الدم، المساعدة على حرق السعرات الحرارية وغيرها.
وكما كان نجوم “ساعة لقلبك” يمتلكون جميعًا القدرة على الإضحاك، فإن عناصر “تكوين” قادرون على الإضحاك أيضًا فُرادى وجماعاتٍ، ولو كره الكارهون.
النسخة الجديدة من “ساعة لقلبك”، المعروفة إعلاميًا بـ”تكوين” تتميز عن النسخة القديمة بامتلاكها نوافذ ووسائط إعلامية غزيرة، سواء عبر الإذاعة أو التليفزيون أو الصحافة، فضلاً عن وسائل التواصل الاجتماعي
ما يجعلها قادرة على التوغل والتسلل إلى جميع الفئات والأعمار والأجيال، وفي كل الأوقات، وتحقيق التأثير المطلوب بأقل جهد.
وخلال الأيام القليلة الماضية، عبَّرت المؤسسة الجديدة عن نفسها من خلال بث فيديوهات كوميدية لعناصرها
على حساباتها الشخصية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أو استعادة مقتطفات قديمة من لقاءات متلفزة لهم
وجميعها لا يخلو من الطرافة والظرافة، وبعضها قد يجعلك تضحك إلى حد الغيبوبة!!
من بين هذه اللقطات التي سوف تتوارثها الأجيال..مقتطف متلفز لأحدهم وهو يحاول عاجزًا عن تلاوة الآيات 90-93 من سورة “الإسراء”، حيث كان يقرؤها بطريقة يونس شلبي في مسرحيتي: “مدرسة المشاغبين” و”العيال كبرت”.
هناك مقتطف ثانٍ للشخص ذاته، وهو يهرف بما لا يعرف في قراءة وشرح مطلع قصيدة كعب بن زهير:
“بانت سعاد..”، وعكست حركة يده المصاحبة لقراء البيت الأول من القصيدة موهبته المتفردة في الإضحاك
ومقتطف ثالث لنفس النجم المتوهج وهو يردد في ثقة: “الإلحاد سر بين العبد وربه”! أحد نجوم فرقة “ساعة لقلبك”
في نسختها الجديدة له أيضًا فيديوهات عديدة، بعضها قديم والآخر جديد، حيث تصطك أسنانه
وهو يقرأ عناوين بعض كتب التراث التي يسخر منها، وكذلك أسماء أصحابها، وبعض سطورها
ويبدو وكأنه في احتياج شديد إلى من يصطحبه ابتداءً إلى أحد مراكز محو الأمية!
كما نجحت المؤسسة في تقديم وجوه جديدة واعدة، سوف يكون لها شأن في “سماء التكوين والكوميديا”
مثل تلك التي تقدم نفسها باعتبارها باحثة في الدين الإسلامي
وهي لا تعلم أن كلا من: “هالة” و”هند”، ابني السيدة خديجة -رضي الله عنها- رجلان، وليسا امرأتين!!
وتتوالى المشاهد الضاحكة عبر منصات “تكوين”؛ ما يجعلها خير خلف لـ”ساعة لقلبك”، أو نسخة أكثر حداثة
من “مسرح مصر“، أو تفكر في إنتاج أفلام كوميدية تنافس بها أفلام السبكي بنجومها الأشاوس، وراقصاتها الأمامير
واضحكوا قبل الضحك ما يغلا، أو يتم فرض ضرائب ورسوم جزافية عليه، فلا تجدون إليه يومئذ سبيلاً، ولا تعرفون له حينئذ طريقًا!