ينقلها ويعلق عليها : كمال زاخرالخميس 2 مايو 2024ـ
للأقباط أيام للصيام وأيام للأعياد الدينية، هى ـ على وجه التقريب ـ نفس أوقاتنا.
ويتمثل الاختلاف الوحيد في عىدد مناسبات صيامهم أربع مناسبات فى العام، طول المدة أو قصرها، وكذلك فى طريقة أدائها، وعدد مناسبات صيامهم أربع مناسبات فى العام، وهى تسبق أيام الذكرى ذات القدسية الكبرى لديانتنا.
والصيام السابق على عيد الفصح ( القيامة ) هو أطولها جميعاً، وهو كذلك أشدها مشقة، ويبلغ طوله 50 يوماً
ولا يمكن للمسيحى طيلة هذه المدة أن يتناول سوى وجبتين فى اليوم، ويمتنع تماماً عن تناول اللحوم والأسماك
وكل ما له روح على وجه العموم.
وتأمر الكنيسة بأن يمتنع الناس عن ادخال أى شئ فى افواههم حتى لو كان دخان النرجيلة قبل الظهيرة، وهى موعد الوجبة الأولى.
ويستمر السابق على عيد الميلاد 43 يوماً، ويبلغ صيام العذراء 15 يوماً، ويتراوح صيام الرسل بين 15 ـ 45 يوماً، حسب المسافة الموجودة بين عيد الميلاد والصوم الكبير.
وهم طيلة أيام الإمساك (الصوم) لا يتناولون سوى وجبتين: واحدة عند الظهيرة والأخرى فى المساء، ولا يمكن تناول السمك أو البيض أو الألبان دون الحصول على إذن من المطارنة، وفى بعض الأحيان لا بد من اللجوء
مباشرة إلى البطريرك، وبخصوص مدة الصيام وصرامته، فإن ثمة تشابهاً كبيراً مع الكنيسة اليونانية فى الشرق،
وفضلاً عن ذلك فهناك عدد كبير من الروابط بين الطائفتين.
وليس هذا مما يبعث على الدهشة، فأصل الكنيستين واحد، كما أنهما يتبعان ـ على وجه التقريب ـ نفس المبادئ.
ويمارس الأقباط كذلك الاعتراف، وهم يشتركون فى هذا الطقس الدينى مع المسيحيين عموماً، ولكن ثمة عادة خاصة بهم تبدو مناقضة تماماً أو على الأقل غريبة عن مذهب المسيح، تلك عادة الختان للجنسين
وبالرغم من أن هذه العملية ليست ـ فيما يبدو ـ إلزامية بالنسبة لكل الأقباط، فإنهم مع ذلك يخضعون لها
إما بفعل الاعتياد وإما بفعل الأفكار المسبقة.
وتصر الأمهات على ضرورة ختان اطفالهن، إذ يتصورون أن أبنائهن لن يكونوا صالحين للإنجاب ما لم يمروا
بهذا الأمر المؤلم.
وفى الصعيد يختتن كل الأقباط، لكن عدداً كبيراً منهم فى القاهرة يرفض ذلك، أما بالنسبة للأطفال الصغار
فهى عادة شائعة فى كل مكان، تتم دون وساطة القسيس، ويختتن الجنسان فى سن السابعة أو الثامنة
وينتهى يوم هذه العملية عادة بعيد عائلى.
لكن ينبغى أن يسبق العماد عملية الختان.
ويتلقى الأطفال سر القربان المقدس فى فترات تختلف بحسب الجنس، فهو يتم بالنسبة للذكور بعد 40 يوماً من ولادتهم، وبالنسبة للإناث بعد 80 يوماً.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(يورد الكاتب هنا هامش عن عادة الختان : يبدو أن هذه العادة قد انتقلت اليهم عن قدماء المصريين الذين كانوا يمارسون هذه العادة.
انظر هيروديت؛ الكتاب الثانى. فقرة 104 ترجمة لارشيه Larchet)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ويسارع الأقباط بتزويج أبنائهم ما أن يروا أنهم قد بلغوا سن البلوغ، ولذلك يتم تزويج الفتيات فى سن الثانية عشرة، بينما يتزوج الأولاد فى سن الرابعة عشرة أو الخامسة عشرة.
ولا ينبغى أن ندهش لمثل هذه الزيجات التى تتم هكذا قبل الآوان، فى منطقة كهذه يعمل فيها الطقس على سرع نمو الجسم، كما يعمل على إثارة الشهوات منذ سن مبكرة.
ويرسل الأقباط أولادهم إلى مدارس صغيرة حيث يتعلمون القراءة والكتابة إلى جانب المبادئ الأولى للدين، ويتمتع بهذه الميزة كل الأطفال بلا تمييز، لكن الفتيات لا يستطعن الذهاب إلى المدرسة إلا بموافقة أمهاتهن اللاتى
يعترضن على ذلك فى بعض الأحيان، ولم نشاهد فى القاهرة فتاة واحدة تتردد على المدرسة، وعلى العكس من ذلك فى الصعيد، حيث يذهبن إلى المدارس هناك حتى فى سن الثامنة أو التاسعة، وهو السن الذى يبدأن فيه فى التشكل ولم يَعُدن أطفالاً.
لقد اطلنا بعض الشئ لكننا رأينا من واجبنا أن نبدأ أولا بالوقوف على بعض التفاصيل حول الأقباط، لأن معرفتنا بهذه الأمة لا تزال شديدة الضآلة، وسوف نعود إلى الموضوع نفسه فى فصل آخر، وسوف نحاول أن نقدم فكرة كاملة عن عادات وتقاليد ونظم ومؤسسات وحرف هذه الأمة التى ظلت شبه منسية حتى يومنا هذا من بقية المذاهب المسيحية.