الجمعة , نوفمبر 22 2024
الكنيسة القبطية
البابا كيرلس السادس البطريرك رقم 116

في ذكرى نياحته الـ 53: البابا كيرلس السادس والخدمة الرعوية في بلاد المهجر 1959-1971م

  د. ماجد عزت إسرائيل

 حياة رجل الصلاة المتنيح قداسة الأنبا كيرلس السادس البابا الـ 116 (١٩٠٢-١٩٧١م) الذي ترك لنا العديد من القيم الروحانية والطقوس والتعاليم المسيحية التي لا تزال حتى يومنا هذا، ولا نبالغ أن قداسته كان إنجيلاً معاشًا، ومدرسة في الفضائل في شتى مناحي الحياة،لأنه قدم كل ما يملك وأدى الواجب المنوط به لوطنه وللعالم

حتى أن علاقته بمؤسسة الرئاسة وإذا جاز لنا القول بالرئيس الراحل”جمال عبد الناصر” أصبحت جزء لا يتجزاء من تاريخ مصر الحديث والمعاصر.

فقداسته ترك لنا رؤيته للحياة الرهبانية سواء في برية شيهيت بدير البرموس أو بمنطقة مصر القديمة

والطاحونة، وأيضًا ترك دروس من الحياة خلال  فترة جلسوسه على كراسي مارمرقس، من حيث اختياره طبقاً للائحة (٢ نوفمبر١٩٥٧م)، وعلاقته بالشعب، ورحلاته الرعوية الداخلية والخارجية،ودوره فى تشيد العديد من الكنائس، وخاصة الكاتدرائية المرقسية بدير الأنبا رويس بمنطقة العباسية-القاهرة

وكذلك في نقل رفات القديس مار مرقس الرسول كاروز الديار المصرية، ولا ننكر أقواله المأثورة التي لا يزال يرددها عامة الشعب، وتوجت خدمته ببركة تجلي السيدة العذراء في منطقة الزيتون بمدينة القاهرة في عام ١٩٦٨م، وكانت أيامه الأخيرة في عالمنا الفاني نموذجاً للراعي الأمين في صلاته وإيمانه، منفذاً تعاليم الكتاب المقدس، حيث ورد على لسان معلمنا بولس الرسول قائلاً:” مَنْ سَيَفْصِلُنَا عَنْ مَحَبَّةِ الْمَسِيحِ؟ أَشِدَّةٌ أَمْ ضِيْقٌ أَمِ اضْطِهَادٌ أَمْ جُوعٌ أَمْ عُرْيٌ أَمْ خَطَرٌ أَمْ سَيْفٌ؟.” (الكتاب المقدس، «إصحاح 8» في رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية:الآية ٣٥).

وفي عهد قداسة البابا كيرلس السادس هاجر الكثير من الأقباط تاركين مصر بسبب القوانين الإشتراكية التي أصدرها جمال عبد الناصر في الستينيات من القرن المنصرم،وأضرت بمصالحهم في الأعمال الحرة

وضيقت على أرزاقهم وتجمعوا في العديد من الشتات نذكر منها بلاد الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وأستراليا وأوربا وأفريقيا وبعض الدول العربية وغيرها من أنحاء العالم وكان يتعهدهم بأبوته وكثيراً ما كانوا يحضرون

إلى مصر ويذهبون لزيارته، وحرص البابا على إرسال كهنة إلى أغلب هذه البلاد حتى لا يضيع الشعب القبطي في وسط شعوب هذه البلاد التي هاجروا إليها وكانت مهمتهم هو الإفتقاد وأقامة الصلوات والقداسات والخدمات والأنشطة المختلفة.

وفي عام 1960م أرسل القمص مكاريوس السرياني إلى بعض دول شرق أفريقيا وكان قد سبق للمتنيح البابا يوساب الثاني (1946-1956م) أن قام بسيامة الأنبا مرقس على هذه الدولة. وأرسل القس مينا أسكندر من الأسكندرية وقد مكث عاماً في أوروبا لرعاية الأقباط وكان يسافر من بلدة إلى أخرى ليقيم الصلوات ويفتقد الأقباط الذين يعملون في أوروبا.

وفي عام 1962م بدأت جولات الأنبا صموئيل أسقف الخدمات(١٩٢٠-١٩٨١م) – الذي اِستَشهَدَ في حادثة المنصة الشهيرة ٦ أكتوبر١٩٨١م-الرعوية إلى كندا والولايات المتحدة الأمريكية وفي مدنها الكثيرة وإلى سائر بلدان العالم

وكتب تقريراً عن حاجة الشعب القبطي الذي يزداد بزيادة عدد المهاجرين الأقباط من مصر كل عام  فقام قداسه البابا بسيامة القمص مرقس إلياس كاهناً لأمريكا الشمالية وكندا وذلك في عام 1964م.

وفي عام 1969م أرسل البابا كيرلس السادس المتنيح القمص بيشوي كامل إلى لوس أنجيلوس وبدأ من هناك خدمة الشعب القبطى فى الولايات المتحدة الأمريكية.

وفي عام 1968م قام قداسته برسامة أبن أخته القمص مينا كامل لبيب كاهنا على مدينة سيدني بأستراليا فقام بخدمة كبيرة في جميع القارة الإسترالية وكان يذهب إلى ولاياتها المختلفة ليقيم القداسات فيها.

ومن الجدير بالذكر أن الخدمة الرعوية في أوروبا بدأت في أوائل الستينات من القرن الماضي إي في حبرية القديس الأنبا كيرلس السادس حيث أرسل قداسته القمص صموئيل السرياني.

وكان الأنبا صموئيل مثل الرحالة يحمل أواني المذبح ليصلي القداس الإلهي في مدينة ثم يرتحل لمدنية آخري وأحيانا كل ينتقل بين الدول الأوروبية وخاصة في فترة الصوم المقدس.

وخلال ذات الفترة تفقد الخدمة بألمانيا الأنبا شنودة ١٩٦٢م(فيما بعد:المتنيح قداسة البابا شنودة الثالث 1971-2021م) أسقف التعليم والمعاهد الدينية في مدينة شتوتجارت عاصمة ولاية بادن فورتمبرج.

وكانت كنيسة شتوتجارت الوحيدة في منطقة جنوب ألمانيا.

والحقيقة التاريخية أن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية سعت وراء أبنائها في الخارج لترعاهم وتحفظهم في الشتات من الذوبان في المجتمعات الجديدة التي يعيشون فيها. ومع إنشاء هذه الكنائس امتدت الكرازة المرقسية إلى كل بقاع العالم.

وعند إنشاء كل كنيسة جديدة نجد الصحف الأجنبية تفرد الصفحات للتحدث عن الكنيسة القبطية وتاريخها،وعن البابا كيرلس السادس رجل الصلاة، وبذلك عادت الكنيسة القبطية إلى سابق عهدها تشع بنورها وإيمانها

وهنا يجب أن نشير إلى الكنائس التي شيدت في الشتات في عهد قداسته نذكر منها على سبيل المثال وليس الحصر كنيسة بدولة الكويت عام1961م، وكنيسة في تورنتو بكندا عام 1964م، وكنيسة في موتريال بكندا عام 1967م

وكنيسة بسيدني عام 1969م،وكنيسة بملبورن عام1970م، وكنيسة بنيوجيرسي عام 1970م، وكنيسة بولاية كاليفورنيا عام 1970م.

وظل قداسة البابا كيرلس السادس يقوم برعاية الخدمة ببلاد المهجر حتى رحل عن عالمنا الفاني في تمام الساعة العاشرة وأربعين دقيقة من صباح (9 مارس 1971م)، وقدر عدد الذين ألقوا النظرة الأخيرة نحو75 ألف شخص رفضوا ترك المكان وظلوا ساهرين إلى جوار جثمانه.

وقدر البعض عدد الذين وفدوا إلى المقر خلال يومي 9- 10 مارس1971 نحو مليون نسمه. في يوم11 مارس1971،وضع جثمان البابا كيرلس السادس في أسفل الكاتدرائية بالأنبا رويس بالعباسية.

وقد قرر المتنيح البابا شنودة الثالث البطريرك رقم (117) (1971-2012م) وفاءً للراحل البابا كيرلس السادس تنفيذ وصيته بأن ينقل جسده الطاهر إلى المكان الذي أحب أن يدفن فيه في ليلة عيد القديس مارمينا.

وفي ظهر الأربعاء13 هاتور 1689ش/22 نوفمبر 1972م تم أخراج الصندوق الذي به جسد البابا كيرلس السادس من مدفنه أسفل الكاتدرائية المرقسية بالأنبا رويس لينقل إلى دير مارمينا بصحراء مريوط.

وأصبح يوم 23 نوفمبر من كل عام هو العيد السنوى لنقل جسد البابا كيرلس الى دير مارمينا.

وقد أصدر كاتب هذه السطور مجلدًا من الحجم الكبير نحو500 صفحة،عنوانه:” البابا المصلي..العجائبي:القديس البابا كيرلس السادس”، صادر عن المركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي في عام 2021م. وقد تم توزيعه على أعضاء المجمع المقدس خلال اِنعقاد جلساته بالمقر البابوي بدير القديس العظيم الأنبا بيشوي في نوفمبر 2021م. 

شاهد أيضاً

الكنيسة القبطية

قومى استنيرى

كمال زاخر رغم الصورة الشوهاء التى نراها فى دوائر الحياة الروحية، والمادية ايضاً، بين صفوفنا، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.