الإثنين , ديسمبر 23 2024
حبيب نادي

إحنا حلوين برضه!

في تعليق على مقالي السابق عن مصر، علّق احد الأشخاص قائلا بلاش تبقى مُفرط أقوي كده في التفاؤل

وتبقى شايف الدنيا حلوة، وياريت تبقى واقعي شوية! علشان كده هكون واقعي وأنا بكتب هذه المرة .

واللي هأكتبه النهاردة من واقع تجربتي الشخصية.

أنا عايش وبشتغل في القاهرة، عاصمة أم الدنيا، وشغلي بيخليني أتعامل مع ناس كتير من مستوردين وموردين وعملاء و مندوبين ومديرين وعمال وصنايعية وسواقين وأصحاب مكاتب وأصحاب شركات.

ولأن الشغل مفيهوش مجاملات، أو بالتحديد المعاملات التجارية والمالية مفيهاش مجاملا

، وساعات بتكون كمان العواطف فيها قليلة.

فأنا أقدر أوصف نسبة كبيرة جدًا من الناس اللي بتعامل معاهم بأنهم مجتهدين في شغلهم

وبيحاولوا بحسب الإمكانيات المتاحة سواء من التكنولوجيا أو المهارات الشخصية أو المعدات

والمكن والخامات اللي معهم في الشغل، إنهم يطّلعوا أحسن حاجة ممكنة، واللي أوقات كتير بيتْصّدر

منها حاجات لخارج البلد، وأوقات كثيرة بتكون المنتجات ديه موجودة في مؤسسات

ومعارض ومناسبات دولية سواء داخل أو خارج البلد.

للأمانة وعلشان أكون واقعي، مش 100% من كل الشغل بيكون كده، وللأمانة برضه مش 100%

من الوقت ده بيحصل.

الحاجة الملحوظة أنه دائمًا فيه طاقة كامنة موجودة عند الناس، بتحتاج زي مُحفّز عشان يطلّعها.

يعني مثلًا طلبية مستعجلة جدًا، أو فيه معرض، أو طيارة مسافرة بالشغل.

تلاقي اللي في العادي بيتعمل في 3 أيام، ممكن يتعمل في يوم واحد.

أو إنه فيه كام منافس في السوق بيقدموا نفس المُنتَج أو نفس الخدمة، تلاقي كل واحد منهم بيتشقلب

علشان يجذب أكبر قدر ممكن من العملاء، بنظام تعال واحنا هانظبطك.

ودائمًا العميل بيدّور على 3 حاجات بيختلف ترتيبهم بحسب ظروف السوق.

العميل عاوز دائمًا سعر كويس و جودة عالية ووقت قليل.

فيه عميل مسّبق الجودة على السعر والوقت، وفيه عميل عاوز السعر وممكن يتنازل شوية عن الجودة

والوقت، وفيه عميل عاوز الوقت قبل أي حاجه، إن شاء الله لو بيعتّه هدومه.

وفيه عميل بقى عاوز التلاتة بنفس المستوى! أحسن جودة وأفضل سعر وأقل وقت.

والصراحة على أد العميل الأخير ده ما بيكون ضاغط علينا من كل ناحية، إلا إني بشوفه أحسن عميل

بيساعدنا إننا نحسّن ونطّور من نفسنا، وكمان نطّلع كل ما عندنا، وفي الأخر بياخد اللي هو عاوزه.

وأفتكر إننا محتاجين كلنا نعمل زي العميل ده، بس كل واحد مع نفسه، يعني كل واحد يكون هو العميل

وهو المّورد في نفس الوقت!

حضرتك لو كنت طالب أو دكتور أو محاسب أو مُدرس أو صنايعي أو مدير أو مشرف أو سواق أو فني أو ديزاينر أو فنان أو واعظ أو مهندس.

أو كنت أب أو كنتي أم، أو حتى ظابط أو وزير أو غفير أو حتى عُمْده على قرية صغيرة في أقصى ربوع بلدنا.

حتمًا وضروري لو عاوز تلاقي لنفسك مكانه متميزة في البلد بشكل خاص وفي الحياة بشكل عام تعمل زي العميل ده: جودة، وقت، سعر.

لكن أوقات اللي بيضّيع جزء من تركيزنا وطاقتنا إنه كتير مننا بقى يبص على اللي حواليه، وعمّال يَنْقُد و يَنقُضْ ويمتعْض! ويطّلع القطط الفاطسة في كل حاجة، كل كل حاجه، للدرجة اللي بقى ده لسان حال والطبيعي لناس كتير مننا.

لا وإيه! وطول الوقت.

أفهم إنه لازم ننقُد وننقُض ونمْتَعِض! لما يكون فيه حاجه أو حاجات وحشة أو غلط، خصوصًا لو الحاجات ديه اتسببت في مشاكل أو مصايب.

لكن طول الوقت؟ وكأن مفيش أي حاجه كويسة خالص؟! وبعدين نخْلص من حاجة، ندّور على التانية، بنفس الطريقة، نَنقد وننقُض ونمْتَعِض! ونخلص التانية وندخل على التالتة، والرابعة، إلى ما لا نهاية.

أصعب حاجة في الدنيا اللي هي الموت، أحيانًا بيكون الموت راحة لمريض اتعذب وإتألم وإتوجع كتير.

والفشل والسقوط والرسوب على الرغم من أنه بيخّسر أغلى حاجة وهي الوقت وأكيد كمان فلوس، إلا إنه أحيانًا بيكون جرس إنذار أو مُحفز للنهوض تاني و المحاولة تاني والنجاح في الأخر.

حتى العملية الجراحية اللي فيها مشرط وجرح وألم، أوقات كتير بتكون علاج ونهاية لمشكلة كبيرة في الجسد.

عاوز أقول إن حتى الحاجات الوحشة أوقات بيكون فيها حاجه حلوة. وأوقات تانية، الحاجات الصعبة ديه بتكون صعبة بس من غير حاجة حلوة.

واللي بيفْرق ما بين الحالتين هو طريقة نظرتنا للأمور والأحداث والحياة.

علشان كده عاوز أرجع لفكرة العميل! ونحاول نعمل زيه، ونطّلع أحسن ما عندنا وفي أقل وقت ممكن وبأقل تكلفة، وفي نفس الوقت نكون شايفين و ملاحظين اللي بيحصل حوالينا، ونَنقد الحاجه الوحشه، ونشّجع

ونمْدح الحاجات الحلوة.

لأننا على أد ما فينا حاجات وحشْه، وده طبيعي.

لكن برضه فينا حاجات حلوة، وحلوة اوي كمان، لأننا رغم كل حاجه، إحنا حلوين برضه.

شاهد أيضاً

“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “

بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.