إعداد/ ماجد كامل
تعتبر الدكتورة هيلانة سيداروس _ 1904- 1998 ) من أوائل الطبيبات المصريات والعربيات في مصر ؛أما عن هيلانة سيداروس نفسها ؛ فلقد ولدت في 13 يناير 1904 بمدينة طنطا ؛ ونظرا لضعف بنيتها الجسدية ؛ التحقت بمدرسة البنات القبطية وهي في الثامنة من عمرها ؛ وكانت جميع المدرسات في تلك الفترة أنجليزيات ما عدا مدرس اللغة العربية الذي كان شيخا أزهريا معمما .
وبعد نهاية دراستها الابتدائية التحقت بكلية إعداد المعلمات ؛ ونظرا لتفوقها الدراسي
تم ترشيحها لبعثة الي انجلترا لدراسة علوم الرياضيات
وبالفعل سافرت الي لندن عام 1922 للتخصص في الرياضيات ، ولكن بعد فترة من دراستها
علمت أن الدراسة ستقتصر علي ما يعادل شهادة اتمام الدراسة الثانوية في مصر
وبعد نهاية الدراسة ستحصل علي خطاب يحدد تخصصها !!
ولقد غضبت هيلانة لهذا الأمر وطلبت مقابلة المستشار الثقافي ( ما يقابل الملحق الثقافي حاليا )
بالسفارة المصرية بلندن ؛ الذي عرض عليها دراسة الطب ؛ حيث كانت قد تأسست في ذلك الوقت جمعية كيتشنر الثذكارية بهدف إقامة مستشفي للمرضي من النساء فقط علي أن تتولي إدارتها طبيبات مصريات فقط
ولهذا تقرر تدريب فريق من الطالبات المصريات بإنجلترا ؛ وتم اختيار هيلانة سيداروس
من ضمن هذا الفريق ( وحسبما يذكر الكاتب الصحفي الكبير ماهر حسن أنه كان معها في نفس البعثة توحيدة عبد الرحمن
شقيقة المحامية الكبيرة مفيدة عبد الرحمن ؛ عادت الي مصر بعد هيلانة بنحو شهرين حسبما جاء الخبر
في مجلة اللطائف المصورة في 6 أغسطس 1932 )
ففرحت هيلانة سيداروس كثيرا بهذا العرض كما فرحت معها أسرتها ؛ وبالفعل التحقت هيلانة بمدرسة لندن الطبية للنساء
مع خمس مصريات آخريات ؛ وكان ذلك عام 1922 ؛ ولقد أشفق عليها الأساتذة الإنجليز من دراسة الطب
نظرا لصعوبته علي البنات ؛ وعرضوا عليها دراسة رياض الأطفال ؛ لكنها رفضت بإصرار وقبلت التحدي بدراسة الطب ؛
ولقد عانت في البداية من مادة التشريح ومنظر الدم الذي يسبب لها الما شديدا ؛ ولكنها أصرت علي استكمال
الطريق حتي تمكنت من الحصول علي درجة البكالوريوس في الطب بنجاح وتفوق ؛ وفي عام 1929
أصبحت أول طبيبة مصرية مؤهلة لممارسة مهنة الطب ؛ ولم يتجاوز عمرها أكثر من 25 عاما
وعادت هيلانة الي مصر ومعها شهادة الطب والتوليد من الكلية الملكية البريطانية
والتحقت للعمل بمستشفي كتشنر بالقاهرة ؛ وفي عام 1935 ؛ عرض عليها العمل العمل في رعاية الطفولة
مع فتح عيادة خاصة بها ؛ ولقد شجعها الطبيب الكبير الدكتور عبد الله الكاتب ( 1896- 1983 ) الذي عاونها علي فتح عيادة في باب اللوق ؛ كما كلفها الدكتور نجيب باشا محفوظ ( 1882- 1972 ) والذي يعتبر رائد علم أمراض النساء والتوليد بمصر بالعمل بالمستشفي بالقبطي بالقاهرة .
وبعد أن بلغت السبعين من العمر ؛ شعرت أنه ليس من المناسب لها أن تستمر في العمل كطبيبة ؛ فاستقالت من عملها وبدأت في ممارسة العمل الاجتماعي ؛ حيث أنضمت للجمعية الخيرية القبطية للعمل الاجتماعي ؛ وهي الجمعية التي أسست المستشفيي القبطي بالقاهرة عام 1926 .
كما مارست هوايتها المفضلة في ترجمة بعض الكتب للأطفال والكتابة عن مشاهير الرجال .
ولقد تنيحت صباح يوم الخميس الموافق 15 أكتوبر 1998 عن عمر يناهز 94 عاما .
ولقد روت هيلانة سيداروس في حوار لها مع سامية الاتربي أن الأطباء الانجليز
كان لديهم جهل كبير عن مصر حيث كانوا يتصورنهم أنهم كانوا حفاة ومتخلفين كثيرا
لكنها أوضحت لهم أننا نعيش حياة متقدمة نرتدي الأحذية ونركب السيارات .
والجدير بالذكر أن الدكتور هيلانة سيداروس لم يقتصر نشاطها علي الطب فقط
بل كان لها دور كبير في العمل الوطني أثناء ثورة 1919 ؛ وكان عمرها لا يزيد عن 15 عاما ؛إلا أنها شاركت في المظاهرات النسائية التي قامت
في تلك الفترة ؛ وكانت تتردد علي منزل الزعيم الوطني الخالد ” سعد زغلول ” ( 1859- 1927 )
الذي عرف ب”بيت الأمة ” كما شاركت في اجتماعات الحركة النسائية بقيادة السيدة ” صفية زغلول ” ( 1876- 1946 ) من أجل مناهضة الاحتلال البريطاني ومقاطعة البضائع الإنجليزية ؛ كما أنضمت أيضا إلي جمعية ” هدي شعراوي ” ( 1879- 1947 ) .
وتعتبر هيلانة سيداروس أيضا هي أول أمراة مصرية تتعلم قيادة السيارات ؛ حيث أن طبيعة عملها تتطلب منها استخدام السيارات كثيرا نظرا لعمليات الولادة المفاجئة .
بعض مراجع ومصادر المقالة
سامية الأتربي :- مع هيلانة سيداروس أول طبية مصرية ؛ برنامج ماسبيرو زمان .
مينا بديع عبد الملك :- أقباط في تاريخ مصر ( الجزء الأول ) ؛نوفمبر 2017 ؛ جمعية مارمينا العجايبي بالإسكندرية ؛ الطبعة الأولي 2017 ؛ الصفحات من ( 307- 310 ) .
ماهر حسن :- الطبيبة الرائدة هيلانة سيداروس ؛ جريدة المصري اليوم ؛ الأربعاء 22 أبريل 2020 .
لطيف شاكر :- وطن يعيش فينا ؛ موقع الكنوز القبطية ؛ صفحة 28 و29 .
خالد منتصر :- من هي أول طبيبة عربية ؛ جريدة الوطن ؛ السبت 27 مارس 2021 .
الدكتورة هيلانة سيداروس الدكتورة هيلانة سيداروس