الخميس , ديسمبر 19 2024
هناء ثروت

علم المشورة والزواج الصحي

انتشر في الاعوام القليلة الماضية علم المشورة بشكل كبير وواسع، وأصبح يُدرس على شكل شهادات منفصل كالدبلومة او الماجستير في بعض الجامعات والكليات المتخصصة، والكثير من الناس أصبح شغوف بهذا العلم ولديه الرغبة في التعليم ومعرفة ما هو علم المشورة.


ولكن إذا تتبعنا الأمر وعرفنا أصول هذا العلم، نجده ليس بجديد ولكن قديمًا كان للملوك مشيرين أو مستشارين يأخذون مشورتهم ويسمعون أرائهم بشكل جاد وهام، وعلى مر التاريخ والقصص التي توارثناها عن هذا الأمر فنجد أن هناك مشيرين ضالين وهناك مشيرين صالحين انقياء، فنجد مشيرو فرعون وكيف كانوا أصحاب مصالح فقط

يبتغون إرضاء الفرعون بغض النظر عن جودة المشورة، ومن فرعون إلى أيامنا هذه نجد نفس القصة من يشور علينا مشورة حقيقية صحيحة ومن كانت مشورته سيئة يريد بها فقط مصلحته الشخصية دون النظر الى مصلحة من يُقدم لهم هذه المشورة.


وأنا درست هذا العلم أو دعوني أقول مبادئ هذا العلم، وفي الحقيقة فهو علم جيد جدًا، أفادني كثيرًا في تعاملاتي مع أسرتي ومع من حولي، ودعوني أقول لكم اننا درسنا علم نفس، درسنا انماط شخصية، درسنا كيفية التعامل مع الخوف والقلق والرغبة في الانتحار والاكتئاب وكيف نتعامل مع من حولنا ولكن إلى حد معين فهناك أمور تحتاج الى طبيب لا إلى مشير فقط، ولكن كما لكل شيء استخدامات عدة منها الجيد ومنها السيء، فهناك بعض –وأقول بعض حتى لا أقع في خطأ التعميم- المشيرين ابتغوا فقط الشهرة والإسم اللامع فأصبحوا لا يقوموا فقط بدور المشورة

ولكن أصبحوا يرسمون مستقبل من يشيرهم دون الالتفات الى ظروفه وبيئته وحياته، أصبحت هناك نظريات مستحدثة على هذا العلم وكأنهم يدسون السم في العسل لفريستهم، نعم فريستهم، التي تسمع لهم وهي في حالة تخدير كامل وكأنها مسلوبة الإرداة والعقل.


وأصبحت ساحات التواصل الإجتماعي أفضل مكان لتدوال أقوالهم المأثورة ونصائحهم السامة –تذكروا اني ذكرت بعض المشيرين وليس كلهم- التي يدسونها في كلامهم المعسول فتنهار العقول والبيوت والعلاقات، واسمحوا لي انا لا اقول هذا من فراغ ولكن من تجارب قريبة جدًا مني أرى فيها النساء والرجال قد أعطوا الفرصة للتدخل في أمورهم الشخصية وتسيير حياتهم دون أن يقاوموا، ألم يدر في خاطركم أن من الممكن من يقدمون لنا هذه المشورة يضمرون لنا الغل أو الحقد مثلًا، هناك سيدات عانين في حياتهم ولا يردن أن تكون هناك سيدة سعيدة في بيتها فتدبر لها المشورة الخبيثة حتى تهدم بيتها وتصبح مثلها، والعكس صحيح على الرجال أيضًا.


هناك علاقات تُهدم بين الآباء والأبناء، الأزواج والزوجات، بين الأسرة الواحدة وتصل الى الاصدقاء أيضًا، والسؤال هنا من المُخطىء؟ المشير أم المستشير؟

من وجهة نظري انا الأثنان مخطئان ولكن الخطأ الاكبر يقع على المستشير، فإذا فرضنا حُسن نية المشير في تطبيق نظرية قد قام بدراستها، فمن المنطقي جدا ان لكل منا طبيعة وشخصية وبيئة ونشأة مختلفة عن غيره، فكيف تطبق نظرية واحدة على جميع الاشخاص باختلاف انماطهم وبيئتهم دون عمل بعض التعديلات عليها؟

فما يسري علي أنا وما يناسبني انا قد لا يناسب غيري.


يا سادة، بيوتنا مختلفة، شخصاياتنا مختلفة، نشأتنا مختلفة، دعونا نأخذ من الوردة رحيقها لا شوكها، علم المشورة علم رائع ومفيد ولكن انا اعتبرها كثوب جميل كل منا يحتاج الى مقاس معين حتى يظهر جمال هذا الثوب، فليعطنا الله التمييز بين المشورة الحسنة والمشورة السيئة.

شاهد أيضاً

الكنيسة القبطية

المحاكمات (التأديبات) الكنسية … منظور ارثوذكسى

كمال زاخرالخميس 19 ديسمبر 2024 البيان الذى القاه ابينا الأسقف الأنبا ميخائيل اسقف حلوان بشأن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.