الجمعة , أكتوبر 18 2024
الكنيسة القبطية
ماجد سوس

حينما يختفي من المشهد

ماجد سوس

دخل أبونا القمص تادرس يعقوب يوما بيت خاص بإحدى الكنائس في منطقة أبو تلات بالعجمي وقد لاحظ أنه في مدخل البيت توجد صورة كبيرة جدا لأحد القديسين العظام فسأل الخادم المسئول عن البيت أيوجد صليب في البيت فأراه صليب صغير على الحائط فسأل الخادم من الذي وضع صورة هذا القديس في المدخل على الحائط

فأجاب الخادم أنا الذي وضعتها قال له صورة جميلة لشهيد عظيم، ولكن هل فكرت أن تضع صورة كبيرة للرب يسوع وبجانبه صورة اصغر للقديس فأجاب الخادم ببساطة وتلقائية وصراحة، في الحقيقة لم يخطر على بالي.


قال الأب المستنير، يا أبني ضع صورة إله القديسين قبل القديس سأمر عليك لأجدك فعلت هذا.

مشكلة حقيقية حين يختفي مجد المسيح من المشهد


الأرثوذكسية يا أحبائي ليست كما يظن البعض تعطي مجد المسيح لآخر والأرثوذكسي الصحيح يهتم بأن يضع الصليب وعليه المخلص وصورة المخلص في بيته قبل أن يضع صورة القديسين والأرثوذكسي الحقيقي يطلب الشفاء من الرب يسوع نفسه بشفاعة القديس ويتذكر ما قاله بولس بطرس: «ليس لي فضة ولا ذهب، ولكن الذي لي فإياه أعطيك: باسم يسوع المسيح الناصري قم وامش!» (أع 3: 6) فقوة الشفاء في اسم المسيح.

مشكلة حين يختفي المسيح الشافي من المشهد


الكنيسة في عصرها الأول الذهبي كانت تعطي المجد كل المجد للرب يسوع فوضعت إبصالية -تسبيح – خاص باسم يسوع لأنها تعرف القوة التي في هذا الاسم المبارك حتى أن يسوع نفسه قال كل ما طلبتم من الآب باسمي هو يعطيكم (يو١٦: ٢٣).


قدم اسمه للعالم ليكون مجرد نطقه بإيمان يربط الشياطين ويحرر النفوس من القيود والأتعاب ويشفي الأمراض.


والآب أعطى هذا الاسم ليكون فوق كل أسم لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة ممن في السماء ومن على الأرض ومن تحت الأرض (في ٢ :١٠) فليس ليس اسم آخر تحت السماء قد أعطى بين الناس به ينبغي أن نخلص “(أع ٤ :١٢).


مشكلة حين يضيع اسم المسيح من المشهد


الأرثوذكسية ليست امتداد للفريسية كما يدعي البعض وليست عباداتها شكلية وممارساتها روتينية وليس بها فروض وممارسات جسدانية، حتى وإن بدا هذا الداء مستشري في بعض أعضاء الجسد.

الأرثوذكسية في حقيقتها تسمو بروح الإنسان ليحول طقوسها وممارستها إلى حياة يمارسها المؤمن وكأنه يلتقي بالمسيح فوق الزمن فيدخل معه المزود ويغطس معه في الأردن ليحل عليه روحه القدوس ثم يسير معه من مكان لأخر يكرز حتى يقف أمام الصليب يتذوق مفاعيله ويميت فيه أعضاءه ويصلب أهواءه ثم يقوم معه منتصرا ليجلس معه في السماويات فيحيا الأبدية وهو مازال في الجسد.


مشكلة حين يختفي المسيح المعبود من المشهد وسط عبادة الشكليات


الأرثوذكسي يختبر الدخول في الروح في كل قداس وليتوروجية.

لا ينشغل بالمعجزات ويلهث وراءها ولا تشده المزارات والمباني والمشروعات ولا يلتفت إلى اللغة والألحان والأنغام ولا ينشغل بأي شيء حسي طالما لم يلتق المسيح فيه، فإن شغلته تلك الممارسات عن مسيحه يصرخ بقلبه حتى يلقاه فيها فتسكن نفسه وتشبع روحه.


شبعه الحقيقي جسد الرب ودمه، فهو يعي جيداً أن حياة أبدية لكل من يتناول منه.

المعجزة الحقيقية هي التحول الذي يجعل المسيح يتحد بالإنسان اتحاد حقيقي على المذبح.

المعجزة التي تشده هي وجوده في محضر الرب رغم ضعفه وخطاياه.

مشكلة حين نسرق مجد المسيح ويختفي من المشهد


الإيمان ليس الحفاظ على مسلّمات استلمناها مرة من القديسين كالآية التي يقتطعها البعض متوهمين أنهم يرفعون بها راية الجهاد لحماية الإيمان.


ما استلمناه من القديسين نموذج حياة عاشوها وسلمونا إيه، ليست نصوص وفرائض وممارسات لكنها حياة المسيح وفكره كما عاشوها. يكفيك أن تسمع وتقرأ الهجوم والسباب وتكفير الآخر وهرطقته بحجة الحفاظ على الإيمان فتتيقن أنه لا إيمان لهؤلاء لغياب المسيح من المشهد


غياب المسيح عن المشهد معناه غياب قيادة الروح، غياب المحبة الحقيقية، غياب الحكمة، غياب الترفق، التحنن، غياب فكرة قبول الآخر طالما لا يتفق مع أفكاري.


غيابه يظهر الذات والكبرياء والانا، ينشر الظلم ويرفض الدفاع عن المظلوم.
غياب المسيح عن المشهد، غياب للتواضع والوداعة، وظهور الهجوم وتصيد الأخطاء وإخراج الكلام من سياقه بحجة الدفاع عن الإيمان
لننتبه يا أحبائي لئلا يأتي بغتة ويجدنا نيام تاركين مخدعنا وكتابه ومصابيحنا مطفأة، واهمين أنفسنا أننا عن نتكلم عنه لا معه.
نعم كثيرون سيقولون له يارب يارب ألسنا دافعنا عن الإيمان باسمك.
ألسنا أقمنا الندوات والصفحات والفيديوهات لنحمي الإيمان.
كنا نهرطق الناس لأجلك.

كنا نرفض أن نقرأ كتبهم ونسمع دفاعهم لأجلك، لم يكن عندنا وقت نصلي فيه أو نتكلم معك لأننا كنا نحارب عنك. هنا سيسمعون صوته أذهبوا عني أني لا أعرفكم
كل هذا لأن المسيح خارج المشهد

شاهد أيضاً

الكنيسة أمام مفترق طرق

كمال زاخر كما فى السياسة كذلك فى القيادات الدينية، تتحدد المواقف حسب خريطة الولاءات، ومنها …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.