تأرجحت مشاعري واختلطت بين الفرح والأسى عندما رافقتُ وفدًا طلابيًا من مدرسة العمران الحديثة للغات بحدائق الأهرام إلى مستشفي 75357 لعلاج سرطان الأطفال قبل أيام قليلة.
أمَّا مبعث الفرح.. فكان من المبادرة الإيجابية التي قامت بها مدرسة العمران الحديثة للغات بالتبرع للمستشفى التي تعاني ظروفًا مادية صعبة؛ نتيجة تراجع التبرعات بسبب حملات إعلامية غاشمة.
ومن أسباب الفرح أيضًا إقبال تلاميذ المدرسة على التبرع بمصروفهم الشخصي بعدما استوعبوا قيمة الهدف النبيل لهذه المبادرة الإنسانية التي تُربي داخل نفوسهم حب البذل والعطاء وتقديم يد العون والمساعدة لمن يكون جديرًا بها ويستحقها، وتلك قيمة يجب تعميمها في جميع المناهج التعليمية من السنوات التمهيدية وحتى الجامعة؛ حتى نبني مجتمعًا متحابًّا، يدعم بعضه بعضًا وقت الشدائد والأزمات، كما يأمرنا ديننا الحنيف والقرآن الكريم الذي قال:
“وتعاونوا على البر والتقوي ولا تعاونوا على الإثم والعدوان”.
ولمَّا كان التعاون على الخير والبر والتقوى واجبًا شرعيًا وضرورة اجتماعية، فقد اهتمَّ النبي صلى الله عليه وسلم ببناء الفرد المسلم وتربيته عليه، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
“المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرَّج عن مسلم كُربة فرَّج الله عنه كُربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة”.
وفي الحديث الشريف: “المؤمن لِلْمؤْمن كالبُنْيان يَشُدُّ بَعْضُه بَعْضًا، ثُمَّ شَبّك بين أَصابعه”.
أما مبعث الأسى.. فكان ناجمًا عن رؤية صغار ضعاف أنهكهم المرض وأرهقهم وهم لا يزالون في سن صغيرة.
ورغم العلاج المجاني والرعاية المتميزة في جميع تفاصيلها من إدارة المستشفى إلا إنها بدت أنها أصبحت عاجزة عن الوفاء بما تحلم بتوفيره لهؤلاء الملائكة الصغار الذين يتطلعون للتخلص من شبح المرض اللعين واستئناف حياة لا يعكر صفوها ألم ولا مرض.
حزنتُ جدًا أن هؤلاء الصغار يواجهون مع المرض شبحًا آخر يتمثل في كابوس تراجع التبرعات بوتيرة متسارعة، ما يفاقم أوجاعهم ويضاعف مأساتهم..وهو ما نتمنى ألا يحدث.
وأخيرًا..أتمنى أن تحذو جميع المؤسسات التعليمية حذو مدرسة العمران الحديثة للغات في مبادرة التبرع لمستشفى سرطان الأطفال؛ لأن الحادث جلل، والمأساة عظيمة، ومن رأى ليس كمن سمع، وأنا رأيت المأساة رأي العين.