الأحمق هو الذي يُصدٌق أنَّ خالقَ الكون العظيم، والمجَرّات، وبلايين النجوم والكواكب، وبلايين البلايين من الكائنات الحيّة؛ وبعد عدة ملايين من السنوات؛ جاء الإنسان في صورته الحديثة، سواء خُلـِقَ رجلاً أو امرأة، كما تقول كل الكتب السماوية أو عن طريق التطور الطبيعي البطيء من كائنات بدائية إلى الصورة التي نحن عليها الآن، وهذا ليس موضوعَنا!هذا الأحمق يعتقد أن خالقَ الكون العظيم انتظر نضوجَ الإنسان، وتَحَضُّرَه، وتطورَه، وثورات العلوم والآداب والاكتشافات، ومؤاخاة البشر في ذكر وأنثى، والعمل والتعلــُّـم معاً من أجل مستقبل الإنسانية المشرق.
ثم تذكَّر اللهُ(حاشا لله) أن خاتمة الرسالات السماوية بعدما نضجت مع كل عقائد الدنيا، ومذاهبها، وأديانها، وأفكارها، ووصلت إلى عصر الحويني، ووجدي غنيم، وعمرو خالد، ومحمود المصري، ومحمد حسّان، وأبي إسلام، وحسين يعقوب، وعمر عبد الكافي، ومصطفى حسني و.. مئات، وآلاف من المعاقين ذهنياً، والبورنوجرافيين فكريـاً، وخَدم السُلطة، والكاذبين في مرويات وحكايات مُفبَـــْرَكة هم الذين عرفوا اللهَ، واستطاعوا تحدّيه، عزّ وَجَلَّ، الذي خلقنا شعوباً وقبائلَ لنتعارف، فأقنعوا الحمقى أنَّ رؤية الرجل لوجهِ امرأة يهتز له عرش الرحمن، وأنَّ اللهَ من سِدْرَة المنتهى لا يعرف مثلما يعرفون عن كيفية تحَرُّك الشهوة في جسدِ الرجل إذا شاهد وجهَ امرأة!
وخلق اللهُ في الوجهِ حواسَه، ومشاعرَه، وسيماه في الغضب، والحزن، والفرح، والايمان، والاقتناع، والتكذيب، وأعطى لوجهِ المرأة أضعافَ قوةِ الرجل لترفض، وتحتقر، وتزدري من يتجاوز حدودَ الاحترام، ومع ذلك فتغطيةُ وجه المرأة معصية لله، وكُفْرٌ بنعَمٍ أنعم بها على وسيلة التعارف بين بعضنا وبعض.
صحيح أن الجرائم الحديثة أكثرها بدعم من تغطية وجه المرأة؛ غش، وخداع، وخيانة زوجية، وتهريب أسلحة ومخدرات، واختطاف أطفال للتسوّل بهم، ثم بيعهم، أو ذبحهم، واعتداء على الغير، وانتهاك عِرْض الطفل المسكين الذي لا يستطيع أن يصف للشرطة من قام باغتصابه! وصحيح أن تغطية وجه المرأة المقصود به تمكين الإرهابيين من الاعتداء على أكمنة الجيش والشرطة، والهروب دون تَرْك بصمات، أو معرفة وجوههم و.. أسمائهم.
وصحيح أن تغطية وجه المرأة اخترعه رجل لـَعينٌ حتى يدلف من بين كل رجال الحيّ والشارع ليدخل على امرأة، ويخون زوجَها الساذج والأهبل و.. العبيط دينياً.
وصحيح أن تغطية وجه المرأة لا يدافع عنه إلا حشّاش، أو مُهرِّب، أو لِصّ، أو خائن، أو إرهابي؛ أو متحرش.
وصحيح أن تغطية وجه المرأة كَمَنّ يوجه إهانة صريحة، ووقحة لرب العالمين في عليائه .
وصحيح أن تغطية وجه المرأة فكرة اكتشفها مهووس دينياً ليُسَهِّل على نفسه، وعلى الأوغاد صناعة مجتمع الرذيلة في الخفاء.وصحيح أن تغطية وجه المرأة تحوَّل من إعاقة ذهنية لمنتهكي الحُرمات إلى أصل من أصول الدين، وإصرار أن الله( معاذ الله) يأمر بالفحشاء، والمنكر، والبغي.وصحيح أن كل قائل بأن المرأة حُرّة( أو الرجل) لإلغاء وجوه نصف المجتمع حتى ينخرط الناس في أحقر، وأسفل، وأقذر صنوف الفساد، والاعتداء على الحرمات.
وصحيح أنَّ الببغاوات يردُّون عليَ بالمساواة، أيّ أهاجم البكيني كما أهاجم النقاب، وكأن البكينية تزعم أنها توجيهات سامية من الله، ومن لا تمشي في الشارع بدون البكيني تستحق غضب الله.
وصحيح أن تغطية وجه المرأة تدعمه جماعات التطرف الديني المتعاونة مع قتل شبابنا في الجيش، والشرطة، بصَمْتٍ مريب من كل مجرم متخفي خلف الفضيلة حتى لو كان سياسياً، أو وزيراً، أو محافظاً، أو من أرفع الشيوخ والدعاة!
وصحيح أن مسلم العصر الحديث لو نزل ربُ العزّة وطلب بنفسه، سبحانه وتعالى، من المسلمات أنْ يُطعْنَ آياتِه البيّنات بكشف الوجه لتستقيم الحياة الصحية الطاهرة، فسترفضن زاعمات أن شيوخهن المحدَثين أعلم من الله بالحلال والحرام، بالصواب والخطأ.
وصحيح أن السُلطة في العالم الإسلامي خائفة من تفسيرات المتطرفين الجنسيين فتغض الطرفَ عن هوسهم المجنون.
وصحيح أنَّ المدافعين عن تغطية وجه المرأة هم شياطين العصر الحديث، لكنهم في حماية الجهل، والخوف، والقصر، والأميّة، والمنبر، ومُتخلفي الخُطب النارية!كلما رأيتُ رجلاً يدافع عن تغطية وجه المرأة تتملكني الرغبةُ أنْ أفتح صدرَه واستخرج منه قنبلة، أو مخدرات، أو سلاحاً، أو صورة امرأة عارية، أو كتيبة جنود أو شرطة قُتِلــَــتْ غدراً أو ربما أجد في صدره طفلا مسكينا قام منتقبٌ باغتصابه أمام بيته، والطفل يصيح في كل أفراد المجتمع، وأمه وأبيه ورجال الأمن والدعاة قائلا: يا ولاد الكلب! اعلموا بأنَّ من يردّ على مقالي مدافعاً عن إخفاء الهوية، وبأنها حُرّة هو في رأيي واحدٌ من هؤلاء المجرمين المذكورين في كلماتي أعلاه!
محمد عبد المجيد طائر الشمال
عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين