الإثنين , ديسمبر 23 2024
طارق فرج
دكتور طارق فرج

عندما كنت وزيراً

أجلس مع أصدقاىء فى جلستنا المعتادة فى منطقة السيدة زينب ويمر علينا بصفة دائمة الشاب عنتر وهو شاب من ذوي الهمم ، ولكن يتميز بخفة دمه وقلبه الأبيض فكان يشتم هذا بشتائم نابية ويضرب ذاك ضربا شديدا مع أن الجميع يعطف عليه ويأتي له بالطعام والعصائر كل مرة يمر عليهم ثم يتجه نحوي ويشير إلي ويقول كلمة واحدة هي “الوزير اهو”

ثم يجلس بالقرب مني لكي أحميه من مضايقات الصحبة وهم اعتادوا على تصرفاته ويهزرون معه دوما وهكذا ظل لسنوات يناديني بالوزير حتى صار بعض أصدقاىئ ينادوني بالوزير ويقولون لي خدوا فالكوا من عيالكوا والناس دي فيها شىئ لله وبيشوفوا ويعرفوا اللي احنا منقدرش نعرفه

مين عارف مش يمكن تبقى وزير يا دكتور فى يوم من الأيام ثم نأخذ فى الضحك على هذا التخريف

وأقول لهم هذا من رابع المستحيلات لأني ببساطة إنسان نكرة ملوش لازمة لايعرفه أحد من ذوي الحيثية حتى يدفع به للأعلى وفاشل اجتماعيا ولا يحاول التسلق أو التزلف وحتى لو حاول لن ينجح لأن تركيبته الأخلاقية ستقف عقبة كأداء ضد المحاولة ثم هو إلى ذلك يحسب نفسه من المصلحين وذوى الرأي والفكر والضمير وبعدين الثقافة نحلت وبره وجعلت منه إنسانا غريبا فى عالم غريب وهم لا يريدون هذه النوعية من البشر

يريدون خيال مآته فى صورة وزير.. يسمع الكلام ولا يفكر ويميت ضميره وينتظر التعليمات الدورية وينفذها فورا دون إبطاء حتى وأن بدت ضد مصلحة الوطن وهكذا يكتب له النجاح ويكون من المقربين لكنه سوف تلقى عليه فضلات الناس يوم خروجه من الوزارة وهنالك لن يكون إنسانا فقد ظله وأنما فقد نفسه بل فقد روحه الطاهر المؤتمن عليه وأنا لست مستعدا لكل ذلك وأن كان آخر الزمان

اليوم تذكرت عنتر مع أصدقائى لأنه مختفي منذ فترة وبدأت أقلق عليه.. يارب يكون بخير.

شاهد أيضاً

“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “

بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.