ليس اسوأ من قصة غش لجان الصعيد سوى محاولات تبريرها . خطورة الاولى (ان ثبتت قانونا بعد ان ثبتت عرفا ) كسر مبدا المساواة عيني عينك بالقوة الغاشمة ، احتماءا بالنفوذ السياسي -القبلي-المالي -الحكومي والتواطؤ الجماعي ، واستمرار هذا الكسر لسنوات طويلة ، قبل انتفاضة يناير 2011 وبعدها ، رغم صراخ الاعلام وضد كل مؤسسات الدولة الحديثة .
خطورتها في اخراج جيل من الأطباء والمحامين والمهندسين والصحفيين والقضاة من “مكتب تنسيق الغش ” كاول خطوة في حياتهم ، عبر استخدام سلاح البلطجة ، واحتماءا بالغوغائية ، والارغام ، وكسر دولة محمد علي الحديثة وكسر الاهم فيها وهو ان الجميع سواسية امام القانون بل واهم الاهم ان العلم قيمة معيارها التفوق .
خطورتها ايضا ، بالتوازي اخراج جيل من طلبة الثانوية رأوا امام اعينهم في اول بوابة عبور مهمة نحو الحياة ان النجاح للافشل وللاكثر بلطجة وقوه وليس للاكثر مذاكرة او متابعة او علما وان هذا هو قانون البلد والحياة.
خطورتها على صعيد ثالث ، هي مساعي استنساخها ان لم تواجه بضربة قاضية ، فالصعيد او مناطق كثيرة فيه ، وقرى كثيرة بحري ، واحياء شعبية او عشوائية كثيرة، قادرة ايضا على ممارسة منطق البلطجة في الامتحانات ، وهي ان كان يعوزها النفوذ القبلي -السياسي الذي تمتعت به المنطقة التي حدث به الغش فلن يعوزها منطق فرض الغوغائية والارغام الجماعي او محاولة ممارسته على الاقل (وهذا يحدث بدرجة محدودة حاليا).
لكن الاخطر من قصة الغش التي نحن بانتظار تدقيقها النهائي ، هي محاولات تبريره .
فهناك محاولات جرت على الفيس بوك بحسابات مزيفة لتزوير تصريحات لوزير التعليم تدافع عن هؤلاء بوصفهم متفوقين، وهناك بوستات تحاول ان تصور هذا الامر طبيعي و (التفوق سلو بلدنا) وغير ذلك.
لقد اعلنت وزارة التعليم انها بصدد اجراء تحقيق فيما جرى ، لكن بظني ان التحقيق سينتهي الى الادراج لان الامر تتعدى قدرة مواجهته القرار الاداري الى القرار السياسي ، لاربعة اسباب ، انها ظاهرة ممتدة من زمن مبارك ووصلت الى حد نقل طلبة اليها كما كشفت ذلك تحقيقات صحفية ، انها ظاهرة امتداد لظاهرة العائلات السيادية التي تشكل ملمحا اجتماعيا في جهات التنفذ الاساسية انها امتداد لظاهرة تزوير شبيهة هي تزوير الانتخابات بذات اليات التنفذ القبلي الاجتماعي السياسي المادي ، انها في اجواء سيولة على المستويين التعليمي والاجتماعي والسياسي . فليرحمنا الله