أمل فرج
في سابقة جريئة من صحفية روسية اقتحمت مبنى التليفزيون الروسي؛ اعتراضا على الحرب الروسية في أوكرانيا، داعية الناس لعدم تصديق ما يتم إذاعته، وننشر تفاصيل الواقعة.
تغريم الصحفية الروسية التي اقتحمت بثا تلفزيونيا حيا للاحتجاج على الحرب في أوكرانيا في محكمة في موسكو وأطلق سراحها.
وكانت مارينا أوفسيانيكوفا ، وهي محررة في القناة الروسية الأولى، اعتقلت عقب ظهورها الاحتجاجي على شاشة التلفزيون مساء الإثنين تحمل لافتة تقول “لا للحرب”.
كما نشرت فيديو أيضا تقول فيه إن الحرب على أوكرانيا جريمة وتدعو الروس للاحتجاج عليها.
وقد فرضت المحكمة عليها غرامة قدرها 30 ألف روبل (280 دولارا) تتعلق بالفيديو الذي نشرته.
وقد دفعت أوفسيانيكوفا بأنها غير مذنبة في تهمة تنظيم فعالية عامة غير مرخصة، التي وجهت إليها.
وفي الفيديو الذي نشرته دعت الروس إلى الاحتجاج ضد الحرب، قائلة: إنهم وحدهم من يمتلك سلطة “إيقاف كل هذا الجنون”.
وأضافت “لا تخافوا من أي شيء. لا يستطيعون سجننا جميعا”.
وليس واضحا حتى الآن إن كانت ستواجه تهما منفصلة بشأن احتجاجها على الحرب خلال البث التلفزيوني الحي، وثمة مخاوف من أنها قد تحاكم وفقا لقانون أقر حديثا يحظر وصف العملية العسكرية في أوكرانيا بالغزو، كما يحظر نشر ما يصنف على أنه “أخبار كاذبة” حول العملية العسكرية.
وقالت أوفسيانيكوفا للصحفيين في أعقاب جلسة الاستماع في المحكمة إنها قضت يومين من دون نوم، واستجوبت لمدة 14 ساعة من دون أي مساعدة قانونية أو منحها فرصة الاتصال بأحبائها.
وقالت لبي بي سي عند مغادرتها قاعة المحكمة “كان قراري ضد الحرب. لقد اتخذت هذا القرار بنفسي لأنني لا أحب أن تبدأ روسيا هذا الغزو. لقد كان فظيعا حقا”
وبعد اعتقالها ظل محاموها لعدة ساعات غير قادرين على تحديد موقعها أو الوصول إليها.
وظل مكانها مجهولا حتى ظهرت صورة تداولتها وسائل الإعلام الروسية تظهر فيها أوفسيانيكوفا رفقة المحامي أنطون غاشينسكي في المحكمة.
“إنهم يكذبون عليكم”
وقد انتشرت صور احتجاج أوفسيانيكوفا بسرعة بالغة في أنحاء العالم. وسمعت تردد عبارات “لا للحرب، أوقفوا الحرب”.
وكانت اللافتة التي حملتها مرئية بوضوح لعدة ثوان قبل قطع البرنامج الإخباري وبث برنامج مسجل .
وسجلت أوفسيانيكوفا لقطة فيديو قبل ظهورها على شاشة التلفزيون وصفت فيها الأحداث في أوكرانيا بالجريمة، وقالت إنها تحس بالخجل لعملها في ما وصفته بدعاية الكرملين.
وقالت “أخجل من أني سمحت لنفسي بترويج الأكاذيب عبر شاشة التلفزيون. أخجل من أنني سمحت للروس بأن يتحولوا إلى أموات على قيد الحياة. إننا نراقب بصمت هذا النظام غير الإنساني”.
ومع الإعلان عن هوية المحتجة، تلّقت مارينا أوفسيانيكوفا عشرات التعليقات المؤيدة باللغات الروسية والأوكرانية والإنجليزية عبر صفحتها على فيسبوك.
وأشارت أوفسيانيكوفا، التي قالت إن والدها أوكراني، إلى أن العالم كله انقلب ضد روسيا.
وأضافت “عشرة أجيال لن تكون قادرة على تنظيف أنفسها من عار تلك الحرب بين الأشقاء”
وأفادت التقارير أن زملاءها في التلفزيون فوجئوا مما قامت به.
وقال أحدهم لمحررة مدونة “يوميات فاري” التي تحررها الصحفية السابقة في بي بي سي فريدة روستاموفا، إن أوفسيانيكوفا، وهي أم لطفلين، لم تتحدث في السياسة من قبل، وإن حديثها كان دائما عن بيتها وطفليها وكلبها.
إعلام تحت السيطرة
وبعد غزو أوكرانيا، صدرت قوانين جديدة في روسيا أصبح معها المشهد الإعلامي أشدّ قسوة.
فقد صدر تشريع في وقت سابق من الشهر الحالي يجعل تسمية التدخل الروسي بـ”الغزو” أو نشر أخبار “كاذبة” عنه تصرفا غير قانوني.
وتشير وسائل الإعلام الروسية، التي تسيطر عليها الدولة، إلى الحرب بوصفها “عملية عسكرية خاصة”. وتصوّر أوكرانيا على أنها الطرف المعتدي، وأنّ النازيين الجدد يديرون حكومتها.
وتوقفت العديد من وسائل الإعلام المستقلة المتبقية عن البثّ أو النشر، بعد ضغوط من السلطات، بما في ذلك محطة إذاعة “صدى موسكو”، وقناة “راين” التي تبثّ على الإنترنت.
وتحاول وسائل أخرى، مثل صحيفة “نويوفا غازيتا”، تغطية الأوضاع دون الوقوع في مخالفة قوانين الرقابية الجديدة.
وفرضت قيود على الوصول إلى بي بي سي داخل روسيا. واتهمت السلطات الروسية بي بي سي وغيرها من هيئات البث الأجنبية، “بنشر مواد تحتوي على معلومات كاذبة”.
كما حظرت العديد من مواقع التواصل الاجتماعي، فقد حظرت منصات فيسبوك وتويتر وإنستغرام.
وعلى الرغم من ذلك، وجد العديد من الروس سبيلا للالتفاف حول هذه القيود.