الجمعة , ديسمبر 20 2024
الكنيسة القبطية
ماجد سوس

العالم بين صاروخ يوم القيامة وصاروخ الشيطان

ماجد سوس

منذ عقدين أو أكثر استيقظ العالم في يوم الثاني من أغسطس ١٩٩٠على استيلاء القوات العراقية على كامل الأراضي الكويتية وكانت حجة صدام حسين يومها الحفاظ على الأمن القومي العراقي وسرقة الكويت للبترول العراقي. انتفض العالم بقيادة الولايات المتحدة ومعها قوات تحالف من الغرب ومن الدول العربية لإنقاذ الكويت، بعد أن استصدروا قرارا من الأمم المتحدة بطرد العراق من الكويت واكتشف العالم يومها أن صدام كان يقتل شعبه بأبشع الطرق وكان يدفن بعضهم أحياء ويلقى بالبعض من أعلى البنايات وظهرت عشرات المقابر الجماعية.

كانت حجة صدام في البداية إنه داخل للكويت لتأديبهم فقط حتى انه في الرابع من أغسطس شكل حكومة كويتية برئاسة العقيد علاء حسين وفي اليوم التاسع من أغسطس أقال الحكومة وأعلن ضم الكويت للعراق واعتبارها محافظة عراقية وإلغاء جميع السفارات الدولية فيها.

الخميس ٢٤ فبراير ٢٠٢٢ استيقظ العالم على اجتياح روسيا لدولة أوكرانيا متذرعة بعدة أمور أولها، أنها تحافظ على أمنها القومي. حجة واهية لأن روسيا التي أجبرت أوكرانيا في الماضي على التخلص من أسلحتها النووية وتقليل عدد جيشها عادت واستولت على جزيرة القرم الأوكرانية في عام ٢٠١٤ ثم بدأت بتسليح مواطنين أوكرانيين ضد حكومتهم مما اضطر، الشباب الأوكراني الذي يحضر المباريات الرياضية “ألتراس” أن يعلن عن تشكيل حركة مقاومة ضد روسيا. الأمر الذي جعل روسيا اليوم بعد أن أعلنت استقلال المنطقتين الأوكرانيتين، أن تقوم بتأديب شباب الألتراس بمحاربتهم بأسلحتها الفتاكة.

ثانيا، الحجة الأخرى التي تذرع بها بوتين هي أن أوكرانيا طلبت الانضمام إلى حزب النيتو وهو عدو روسيا اللدود، وبالرغم من أن أوكرانيا لم تنضم للحزب لكنه راح يحتلها ويدمر جيشها ويشرد النساء والأطفال الذين نزحوا إلى بلدان مجاورة. وبدلا من أن يزيح النيتو من الحدود، على العكس عانده النيتو وقرر زيادة قواته وزيادة تسليحه، فبات الخاسر الوحيد هو الوطن الأوكراني الذي دُمر وراح المدنيين العُزّل ضحية بين مطرقة الشرق وسنديان الغرب.

ثالثا، تذرع بأنه يؤدب الغرب، ولكن الحقيقة غير ذلك فالعقوبات على الشعب الروسي فاقت الألف وخمسمائة عقوبة من غالبية دول العالم حتى أن سويسرا دولة الحياد قررت تجميد حسابات الروس في البنوك أما اليابان وألمانيا الذي تم منعهما من تطوير جيوشهما بعد الحرب العالمية الثانية قررا إعادة بناء جيوشهما خاصة ألمانيا التي لن يستطع بوتين ان يمنعها من هذا وسيقف معها الغرب بالطبع كحليف معها.

أغرب ما قرأت في الأيام الأخيرة هو تقييم البعض لموقف الولايات المتحدة الأمريكية أنه موقف ضعف أوخوف وجبن وهناك من تمادى قائلا أن أمريكا تترنح أمام روسيا وهي كلمات سطحية ترددتُ في الرد عليها ولكن باختصار شديد وبالرغم من اعتراضي على الإدارة الأمريكية الحالية إلا أنها تصرفت بحكمة عالية وبضبط نفس يؤخذ لها لا عليها والمشاهد للأحداث السياسية منذ عدة عقود أن الدولتين كلاهما يتحاشا مواجهة الآخر من أجل سلام العالم فلا تجد الروس يتدخلون لا في العراق ولا في أفغانستان وحتى في سوريا استقروا في الشمال وتركوا للولايات المتحدة مهاجمة داعش في الجنوب دون الاقتراب من بعضهم البعض وهو أمر محمود حتى الآن.

بوتين الذي حرك الثالوث النووي – كما يطلق عليه في روسيا – الجو والبر والبحر، في وضع الاستعداد. في الجو طائرات قادرة على حمل رؤوس نووية، في البر الصاروخ المدمر والذي يطلق عليه الروس ” صاروخ يوم القيامة” الذي يحمل عشرة أطنان من الرؤوس النووية وهو يعادل ألفين قنبلة من التي ألقيت على هيروشيما، ثم في البحر الغواصات النووية المدمرة.

اليوم بيلاروسيا حليفة روسيا غيرت دستورها لتسمح بوجود أسلحة نووية روسية على أراضيها بجانب الصين الحليف الأول ومجنون كوريا الشمالية الذي قرر التعبئة وتجهيز أسلحته النووية.

هل تسكت الولايات المتحدة أمام المعسكر الشرقي، بالطبع لا راحت تنشر أسلحتها النووية في دول أوربا الغربية وراحت تعلن عن برنامج جديد لتطوير أسلحتها النووية ولا سيما أنها هي أيضا تملك سلاحاً كسلاح يوم القيامة، أطلقت عليه أسم السلاح الشيطاني.

العالم الذي عانى في آخر عامين من ذاك الوباء الفتاك “كورونا” حتى وجد نفسه اليوم على موعد مع كساد قد يكون الأكبر في التاريخ وكارثة اقتصادية قد تؤدي إلى مجاعات في أنحاء المسكونة يصعب الخروج منها في القريب، فبعد ساعات قليلة من غزو بوتين أوكرانيا ارتفعت أسعار البترول والغذاء بصورة غير مسبوقة أما القمح والتي تعتبر مصر أكبر مستورد له في العالم فزاد بنسبة ١٠٠٪ والدول العربية تستورد نحو 60% من احتياجاتها من القمح من أوكرانيا وروسيا.

أيام قاسية تحتاج الدعاء والصلاة القلبية من أجل حفظ الله لسلام العالم وأمنه وأن يفيض بالحكمة على الملوك والرؤساء وما يطمئنا أنه هو وحده ضابط الكل القادر أن يحمينا من صاروخ يوم القيامة وصاروخ الشيطان.

شاهد أيضاً

الكنيسة القبطية

المحاكمات (التأديبات) الكنسية … منظور ارثوذكسى

كمال زاخرالخميس 19 ديسمبر 2024 البيان الذى القاه ابينا الأسقف الأنبا ميخائيل اسقف حلوان بشأن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.