مختار محمود
في السادس والعشرين من أبريل الماضي..استقال وزير الدولة للإعلام أسامة هيكل من منصبه غير مأسوف عليه. ومنذ ذلك الحين لا يزال منصبه شاغرًا، ولم يتم تسمية وزير بديل. وفي أكتوبر الماضي..حصلت وزير الصحة والسكان الدكتورة هالة زايد على إجازة مرضية؛ في ظل تقارير إعلامية تؤكد عدم عودتها مجددًا إلى منصبها. ومنذ ذلك الحين أيضًا.. يجمع الدكتور خالد عبد الغفار بين وزارتي الصحة والسكان والتعليم العالي والبحث العلمي. وكما لم يشعر أحد بغياب “هيكل”، فإن أحدًا لم يفتقد وجود “زايد”.
كما يجمع الدكتور خالد العناني بين وزارتي الآثار والسياحة.
وزارة الثقافة أصبحت بدون تأثير في السنوات الأخيرة ولا أحد يشعر بعازفة الفلوت السيدة إيناس عبد الدايم. وزير الشباب والرياضة الحالي غير مقنع حتى الآن. وزارة التنمية المحلية فقدت سيطرتها على المحافظين منذ فترة طويلة ولم يعد وجودها مجديًا.
أداء كوتة المرأة في حكومة الدكتور مصطفى مدبولي كان ولا يزال مخجلاً.
فكرة الكوتة بشكل عام أثبتت فشلاَ ذريعًا.
اختيارات المناصب الرفيعة والمؤثرة لا يجب أن تخضع لـ”الكوتة”، ومغازلة الرأي العام، أو استرضاء الخارج.
ما تقدم.. يفتح الباب واسعًا لمناقشة إشكالية دمج الوزارات واختصارها في عدد محدود. الحكومة الحالية تضم 34وزيرًا، لا يعرف المواطن نصف أسمائهم على الأقل. مصر تحتل المرتبة الثانية عالميًا في عدد الوزراء وراء أندونيسيا صاحبة المركز الأول برصيد 37 وزيرًا، علمًا بأن عدد سكانها 275 مليون نسمة! حكومات الدول الأوربية المتقدمة التي يعيش شعوبها في رخاء ورفاهية وتنمية حقيقية لا تضم نصف أعضاء الحكومة المصرية، بل إن بعضها قد يكتفي بعشرة أو اثني عشر وزيرًا لا يزيدون.
دراسات عديدة تم إعدادها في فترات سابقة طالبت بتقليص عدد الوزارات في مصر إلى نحو 20 وزارة فقط، وهو رقم قد يبدو أيضًا مبالغًا فيه. الحكومات المصرية لا تأبه بالدراسات المتخصصة وتتجاهلها وتهيل عليها التراب. أهل العلم والاختصاص في مصر ليسوا في مرمى صانعي القرار.
رسائل الماجستير والدكتوراة يتم وأدها أولاً بأول.
الدراسات التي انتهت إلى ضرورة تقليص عدد الوزارات هدفت إلى تخفيف العبء على الحكومة ومنع الصراعات والتضارب فى الاختصاصات وإنجاز العمل بتكلفة قليلة ووقت أسرع.
دمج الوزارات التى تتشابه مع أخرى يوفر-بحسب هذه الدراسات- فى ميزانية الدولة، ويسهم فى الابتعاد عن البيروقراطية، فى إطار إصلاح شامل يبدأ باختيار الكفاءات والاختصاصات، لصالح رفع مستوى الإدارة، وتحسين الحالة الاقتصادية للبلاد، وتفادي توسع الهيكل الإدارى الذى يصاحبه ارتفاع التكاليف من خلال الدمج، كما يسهم فى اتخاذ القرارات بشكل أسرع دون خلاف أو اختلاف أوتعارض، وهو ما تتبعه إدارات الدول الكبرى، التى لا يتعدى عدد حقائبها الوزارية 14 وزارة.
ملف الاقتصاد -على سبيل المثال لا الحصر- يتنازعه عدد كبير من الوزارات هي: التخطيط والمالية والاستثمار وغيرها، والنتيجة أن الاقتصاد المصري لا يزال في أدنى حالاته، ولو كره المنافقون، الأمر الذي يتسبب في تشتت القرارات وتنوعها وتضاربها، بما يلقي بظلاله السيئة وآثاره المريرة على الاقتصاد القومي للبلاد.
وزارة الثقافة أيضًا أقرب للدمج مع وزارة الآثار والسياحة.
كذلك وزارة النقل يمكن دمجها مع وزارتي الطيران والاتصالات.
كما إن ملف التعليم بتنوعاته وتشكيلاته يمكن أن يقوده وزير واحد كفء، بشرط ألا يكون طارق شوقي أو خالد عبد الغفار. كما إن وزارتي الكهرباء والطاقة والبترول والثروة المعدنية يمكن دمجمهما في وزارة واحدة.
الأمر نفسه ينطبق على وزارتي الزراعة والتنمية المحلية، ووزارتي التموين التجارة الداخلية والتضامن، ووزارتي الخارجية والهجرة.
وزارة الأوقاف يجب أن تعود إلى الأزهر الشريف مرة أخرى؛ حتى نقضي على عبث الوزير الحالي.
كذلك يمكن إعادة النظر في وزارات مثل: القوى العاملة والبيئة والشباب والرياضة: هل يتم دمجها أو تحويلها إلى قطاعات تابعة لمجلس الوزراء.
تخفيض عدد الوزارات يرشد الإنفاق ويضاعف الجهود، ويقضى على البيروقراطية والفساد والروتين ويسهّل دورة العمل الوظيفى، ويمنع شيوع المسئولية.
وفي ظل توجه الحكومة إلى التحول الرقمي فإن الاستعانة بكل هؤلاء الوزراء في مهام عبثية تقودنا إلى نهايات عبثية.
كما إن اهتمام الرئيس بكل التفاصيل وحرصه على التفاعل معها حتى تخرج في أفضل صورة أسهم أيضًا في تهميش معظم الوزراء، وجعل كلاَ منهم أشبه بـ”سكرتير” بدرجة وزير!!