محفوظ مكسيموس
عندما كنا صغار كانوا أهالي قريتنا الصغيرة دائما ما يتعجبون و يظهرون دهشتهم بمجرد اسم أبونا متياس الصموئيلي ( الأنبا كاراس قبل الأسقفية) و عندما تسأل لماذا كل هذه الدهشة سرعان ما تسمع ردود عجيبة، مثلا: أبونا متياس هو مثال عملي “للرجولة الروحية” و عندما تطلب توضيح للجملة يقولون لك ” كان شابا عاديا لا يذهب للكنيسة بإنتظام و الأدهي أنه كان يرحب بالمعارك و المشادات و خاصة في ملعب كرة القدم و فجأة قرر مختار ( أسمه قبل الرهبنة) أن يذهب للرهبنة في دير الأنبا صموئيل بجبل القلمون و كنا نتردد علي هذا الدير كثيرا لقربه من قريتنا ( ساعة بالسيارة ).
منذ دخوله الدير و حتي أصبح أسقفا لم يتردد علي القرية و لو مرة واحدة رغم قرب المسافة كما ذكرت سابقا حتي بعد إنتقال والديه و بعد انتقاله لدير المحرق و من بعدها خدمته مع الأنبا بيمن في نقادة و قوص لم يزور القرية مطلقا و لكن بعد رسامته أسقف قام بزيارة لمسقط رأسه ليودع فيها الجميع.
منذ سنتين تدخلت في حل مشكلة لشاب و كان الوحيد الذي يستطيع حسم الحلول هو الأنبا كاراس ( لما له من رصيد كبير عند طرفي المشكلة ) و كانوا من أبناء المحلة و لكنهم في حرج لحساسية موقفهم و عندما هاتفته فوجئت بإتضاع عجيب و محبة متناهية و يعلم الله أنه قدم لهذا الشاب حلول كانت شبه إعجازية نظرًا لصعوبة الحالة.
الأنبا كاراس كان مختلفا عن جميع الأساقفة في كثير من الأمور فتجده بعد أكثر من ٣٨ سنة لم يغير لهجته أبدا بالرغم من خدمته في المحلة ٨ سنوات، كان وديعا مع الجميع لدرجة أن له فيديو و هو يلعب كرة قدم مع أطفال (في الشارع).
لا يبخل علي أحد بإهتمامه لدرجه إنه في مرة كان أحد الناس يسأل علي رقم تليفونه في تعليق علي الفيسبوك و سرعان ما دخل الأسقف المحب ليكتب رقم تليفونه بنفسه ( أنا كاراس و تليفوني ….. ) كان يعشق سيده و حبيبه و دائم الإنسحاق أمام المذبح و لم أنسي رفضه لهيتنيات الأسقف و ميطانيات الكهنة له.
الأنبا كاراس كان محبوبا أينما وٌجد و حينما حل فقد كان هدفه محددا جدا جدا جدا منذ أن ترك القرية الصغيرة و حتي ذهب للقاء حبيبه و صديقه الذي طالما كان يخدمه بعشق.
نعم أحب الأنبا كاراس السيد المسيح جدا و خدم الجميع فأحبه الجميع. نياحا لروحه الطاهرة و تعزيات السماء لكل محبيه و أولاده في كل مكان و لأهل قريتنا جميعا و لأسرته خالص العزاء.