الإثنين , ديسمبر 23 2024
مختار محمود

الدكتور عكاشة ووزير الأوقاف

مختار محمود

لا نعلم إن كان أستاذ الطب النفسي الشهير الدكتور أحمد عكاشة يتقاضى راتبًا على تعيينه مستشارًا رئاسيًا للصحة النفسية والتوافق المجتمعي، أم لا، ولكن ما نعلمه يقينًا هو أن الدكتور عكاشة استفاد ماديًا من انتسابه لمؤسسة الرئاسة من خلال رفع أسعار مستشفاه الخاص إلى أرقام فلكية، حتى أنه أصبح يقدم توصيفه الرئاسي الجديد على توصيفه العلمي الرفيع باعتبار الأخير خيرًا وأبقى، كما لا نعلم إن كانت هذه الأرقام الفلكية تخضع للضرائب أم لا.

ولا نعلم أيضًا إذا ما كان الدكتور “عكاشة” يباشر دورًا فعليًا، أم لا، وإن كان يزاول دورًا، فلا يعرف أحد كُنه هذا الدور وطبيعته وأبعاده.

فضلا عما تراكم لدى الدكتور “عكاشة” من خبرات علمية كبيرة عبر ما يزيد على نصف قرن، فإن الرجل يمتلك ذكاء يكاد يبلغ حد المكر، ورغم ذلك فإنه لم يكلف نفسه، بحكم موقعه الجديد، دراسة حالة وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة حتى الآن، وتقديم تشخيصه وتوصياته.

من المؤكد أن الدكتور “عكاشة”، الذي يقلل كثيرًا من فكرة “التدين” وطبيعة الطقوس والشعائر الدينية، يتابع بشكل أو آخر الحالة المتفاقمة لوزير الأوقاف المتمثلة في حب التملك، والرغبة في الاستئثار بكل شيء، وإبعاد الآخرين وكراهيتهم والتقليل من شأن من هم أكبر منه شأنًا وأعظم قدرًا وأغزر علمًا وجميع أصحاب الفضل عليه، وهو ما يظهر في حرص الوزير على احتكار خطبة الجمعة وجميع الفعاليات والمناسبات الدينية، رغم أنه لا يمتلك بيانًا فصيحًا ولا لسانًا مستقيمًا، ومن المؤكد أيضًا أن الدكتور “عكاشة” يمتلك المقومات العلمية التي تمكنه من تهذيب الشخصية النرجسية للوزير وهذيان العظمة الذي يسيطر عليه دون أدنى مبرر، ويجعله لا يرى أحدًا سواه قادرًا على فعل كل شيء وأي شيء.

كم أتمني أن يتفرغ الدكتور “عكاشة”، بحكم منصبه داخل مؤسسة الرئاسة، لدراسة هذه الحالة الاستثنائية في تاريخ الوزراء المصريين بشكل عام، ووزراء الأوقاف بشكل خاص، واستدعاء الوزير إلى مشفاه الفخيم، أو الذهاب إلي الوزير نفسه بمكتبه الخرافي، وإخضاعه لعدة جلسات نفسية، طالت أو قصرت، وإن كان الأرجح أنها سوف تطول كثيرًا؛ بهدف تصويب مساراته المرتبكة والغريبة والمثيرة للجدل والشفقة في آن واحد، وتعديل تصوراته الشخصية عن نفسه، وإقناعه بأنه يرتقي مرتقيات أصعب منه وتفوق قدراته بمراحل.

ربما لو نجح الدكتور أحمد عكاشة في هذه المهمة المعقدة، وأقنع وزير الأوقاف بأن الحياة لا تحتمل كل هذه الصراعات التي تموج بها نفسه، وأن انتشاره القسري على منابر المساجد وبرامج الإذاعة والتليفزيون ومقالات الصحف، فضلا عن الأذرع الألكترونية المتعددة، لن يضمن له على المدى البعيد نجاحًا وشهرة وذيوعًا، وأن النفس السوية لا تسعى إلى الاستئثار بكل شيء، وحرمان غيرها من كل شيء، فإنه يكون قدم لمصر وشعبها ومساجدها خدمة جليلة جدًا تستوجب شكره وتقديره وإعفاء مستشفاه من الضرائب، فهل يفعلها عكاشة ويعالج الوزير؟!!

شاهد أيضاً

“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “

بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.