المهووسون الجدد يتركون كل المشاكل والقضايا والأزمات والمعاصي التي يهتز لها عرش الرحمن، ويمسكون في تلابيب أم الكوارث.. تغطية شعر الرأس!
لا يسألون المرأة غير المحجبة عن أخلاقها، وثقافتها، وتربيتها لأولادها، وصدقها مع النفس، وتسامحها مع الآخرين، ونظافة بيتها، وكرمها مع أهلها، ورعايتها للمسنين في عائلتها، ودفعها الضرائب التي لا تتطور الدولة بدونها، لكن جحيم الأرض وغضب الله وتسونامي السماء ينصب فقط على شعر الرأس الذي هو عنوان الأخلاق.
كل الأشياء الأخرى تهون، الكتاب، رعاية الطفل، إتقان العمل، عدم التمارض للغياب، الامتناع عن اللغو في الحديث، أما شعر الرأس فهو مشكلة المشاكل، فإذا غطت شعرها أصبحت مسلمة راضية مرضية ولو كانت تأكل السحت، وتشرب الكذب، وتتنفس جهلا، وتنبعث منها روائح عرق كريهة لا ترى أهمية في التخلص منها.
أعيد التذكير بأطوار بهجت الإعلامية العراقية التي ثقب الأوغاد رأسها بالشنيور، وتم نشر صورة المسكينة، لكن وغداً حقيرا ينتسب إلى الحشرات أرسل للصحيفة محتجاً على نشر صورة الإعلامية لأن ( شعر رأسها قد ظهر مما يخالف شرع الله)، أما رأسها المثقوبة، والغدر بها كفتاة مراسلة إعلامية تنقل ما يحدث في وطنها، فهذا لا يهم في قليل أو كثير، فالكون كله قائم على شعر الرأس.
ما هذا السخف والبلاهة والانحطاط؟
أتفــَــهــَـم أن يطالبوا بتغطية شعر الرأس مع مئات من الأشياء الأخرى، أما حصر خاتمة الرسالات السماوية في هذا المطلب فهو ليس أكثر من دماغ يتغذى على مياه الصرف الصحي.
سيقول متخلف لي: هل أنت مع الحجاب أم ضد تغطية شعر الرأس؟
ولو رددت فسأكون أكثر تخلفا منه، فكلنا عشنا ورأينا أمهاتنا وجداتنا وخالاتنا وعماتنا وجاراتنا بالشعر مغطىَ أو سافراً، البعض منهن تغطي نصفه أو ثلثه، والبعض الآخر تتركه منسدلا أو تحجب كل شعرة فيه.
من المسؤول عن انحطاطنا، وإدخال الإسلام في ثقب الإبرة، وفصل السلوك عن الدين؟
من المسؤول عن جعل المرأة المسلمة منشغلة بالعفاريت والزار وشيخ الطريقة وحق الزوج في الزواج عليها واستئذان أباطرة الفتاوى في تعليمها كل شيء عن جسدها، رغم أن الشيخ المسلم والمفتي الملتحي آخر من يحق له أن ينصح المرأة.
يقولون: سيدتي المسلمة، عليكِ بتغطية شعر رأسك ثم بعد ذلك نتحدث عن صغائر مثل الكذب والغش والخداع ونكدك على عائلتك وعدم وفائك لزيارة مسنيهم وتكاسلك في العمل.
سيدتي،الطريق إلى الضلال يبدأ من تصغير وتقزيم وتحجيم الإسلام.
ومن يفهم من حديثي أنني مع الحجاب أو ضد الحجاب فليعرض نفسه على كونسلتو طبي نفسي عقلاني.
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين
أوسلو النرويج