السبت , نوفمبر 23 2024
Abdel Fattah El-Sisi
السيسى

مصر كانت تبدأ دائما متأخرة، ولكنها كانت تبدأ في كل مرة من خط النهاية.

بقلم شوقى عقل

بعد مرور ما يقارب السبع سنوات على تولي الرئيس السيسي الرئاسة رسميا، وثمان سنوات على توليها فعليا، يمكننا القول إن قضايا مصر وأزماتها الأساسية قد أضيف لها بتولي سيادته السلطة بعدا جديدا، هو بعد يهدد وجودها ذاته.

مجموعتان من الأزمات تواجه مصرنا: المجموعة الأولى قضايا ما قبل السيسي وهي أرث طويل يتمثل في هيمنة سلطة بيروقراطية وتغولها وطغيانها على السلطتين الأخريين، وحياة سياسية صورية، وديون (عادية) وتبعية سياسية ظاهرة وخفية، واقتصاد ضعيف غير منتج، وعجز في ميزان المدفوعات والميزان التجاري، يتم ترحيله عاما بعد آخر، فيتزايد سنة بعد أخرى، مع فساد قوي، وفي الخلفية المستترة هيمنة القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، مع فقر وبؤس وهجرة.

المجموعة الثانية أي قضايا وأزمات ما بعد تولي الرئيس السيسي وتتمثل في خط عام أتبعه سيادته هو الإنفراد التام بتقرير سياسات شديدة الحساسية والتأثير في مستقبل الوطن.

شيء شبيه بتصرفات سلفه السادات بعد حرب أكتوبر في المفاوضات مع إسرائيل، الذي يعتبره الرئيس السيسي مثله الأعلى، وهي بإيجاز شديد سياسة تدمير الحياة السياسية والإجتماعية المدنية والثقافية والتعليمية وعسكرتها، ثم الاقتراض بلا سقف، منح مضائق تيران للمملكة، التنازل عن حقول الغاز، توقيع إتفاقية النيل، عمل مشاريع هائلة الحجم ليس فقط دون مردود، بل يتطلب وجودها إنفاق باذخ كي تستمر، كعبء دائم على ميزانية الخدمات في دولة تعاني فيها هذه الميزانية من خلل كبير أصلا.

السياسة العامة الداخلية لنظام الرئيس السيسي هي تكريس وتأكيد سلطة المجموعة العسكرية الحاكمة في الظل في عهد مبارك، ودفع تلك السلطة إلى العلن، ثم الإستفادة المادية المباشرة من تلك السلطة في جني منافع مادية أحيانا تكاد تكون في حجم منافسة مع صغار الباعة والمنتجين، وبالطبع ترتكز تلك السياسة على مفهوم النخبوية (الوظيفية) للطبقة الناشئة حديثا في عهد يوليو (الرأسمالية البيروقراطية) هذا داخليا.

وخارجيا تتمثل تلك السياسة في القبول بسياسات إخضاع مصر الشعبية والرسمية لأعدائها التاريخيين (بالمعنى الحديث) والقبول في كل صدام (تفاوضي أو مطلبي) معهم بطلباتهم، مهما كانت.

الأدراك الواعي والمحدد المبكر لدى الرئيس السيسي لتلك السياسة وتداعيتها، جعلته يبدأ عهده ببناء السجون، رغم شعبيته الكبيرة وقتها.

الحال الآن هو لحظة جنى ثمار سياسات عهد الرئيس السيسي، سنة أو سنتان، ستتحول أرقام الديون حين تستحق السداد وتوقيع ٢٠١٥ حين تشح المياه، والإنفاق السفيه والأفقار والتجهيل وتحقير البشر والنخبوية المدعاة، والموت الرخيص للبشر في الوباء، ستتحول كلها إلى حقائق في حياة البشر اليومية، ليس فقط في الحوادث الدورية كحوادث القطار وسقوط البيوت وموت الأحبة، بل كتفاصيل حياة يومية.

المجتمع الشعبي في مصر يحمل تاريخه في وعيه الكامن، يناير ٢٠١١ ويناير ١٩٧٧، ليسا ببعيدين.

أستعير من غسان كنفاني عنوان روايته (ماذا تبقى لكم؟)!

مصر كانت تبدأ دائما متأخرة، ولكنها كانت تبدأ في كل مرة من خط النهاية.

شاهد أيضاً

سوهاج

خالد المزلقاني يكتب : أوكرانيا وضرب العمق الروسي ..!

مبدئيا أوكرانيا لا يمكنها ضرب العمق الروسي بدون مشاركة أوروبية من حلف الناتو وإذا استمر …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.