تجديد مقال نُشر بتاريخ 02 ديسمبر 2018 مرت ثلاثة علىَ الغدر الدبلوماسي بالإعلامي السعودي جمال خاشقجي داخل بيته؛ أعني داخل قنصلية بلدِه التي دخلها ضيفــًــا عزيزًا مُكـَـرَّمـــًـا وخرج منها أشلاءً ممزقة .. تعاون خمسة عشر جزّارًا، دبلوماسيا واستخباراتيا بأوامر من ولي العهد على تقطيعها.
صارعتُ ضميري عدة أسابيع محاولا إسكاته بحجة أنني لا أملك أدلة أو قرائن تثبت براءة الكبار، فلم يدُر بذهني لأكثر من ثلاثين عاما أنْ أصطدم بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز الذي كان ظهيري في كل زيارة أقوم بها للمملكة، وكان يوصي بي خيرًا، ويبدي إعجابه بكتاباتي فكان كلما استقبلني شعرت أكثر بالأمن والأمان حتى المرة الأخيرة عام 2003 حينما بدت زيارتي كأنها مُقَنصَلة مُنشاريــًـا قبل خشقجتها بوقت طويل، لولا أن الملك ( أمير الرياض حينئذ ) طلب رؤيتي، واستقبلني؛ فأدار لي المضيفون وجوههم وكان الوزير المستشار الأستاذ علي الشاعر رائعا وقد استقبلني كل يوم في بيته عندما قاطعني المضيفون، وكأنه كان يعرف ما يُدبَر لي.
لذا ظللت لثلاثة عقود أضع ثقتي الكاملة في الأمير سلمان ثم ملكا حتى قبل أن يصبح خادم الحرمين الشريفين بعدة سنوات وأنا أكتب وأطالب به حاكما.وخدعتني صورة حقيقية للملك فذهب بي الظن أن ابنه ورث عنه عرش احترام القلم وما يسطرون، وخطّ قلمي في مقال سابق أمنيات توهمت أن الجينات متطابقة، وأن دولة العدل والحرية وكرامة المرأة وتجديد الفكر الديني والسلام في الخليج على مرمىَ حجر، وأن كل ريال يخطيء طريقه من البيت الحرام إلى البيت الأبيض سيعيده الأمير محمد بن سلمان إلى المملكة.
لا أستطيع أن أكره الملك سلمان؛ لكنني إذا استأذنت ضميري فسيطلب مني أن أناهض ابنه حيــًــا وميتــًــا!أكتب هذا الكلام لأنني ما زلت أحب المملكة العربية السعودية وشعبنا السعودي؛ ولأنني لن أضع قلمي في ظـَـهر الملك سلمان عندما بلغ به العُمر مبلغه، وأصبحت صورتُه أكبر من جسدِه، وذاكرتــُـه أصغرَ من اسمه.
أما أن الأمير محمد بن سلمان مسؤول عن قتل، وتقطيع، ونثر أشلاء جمال خاشقجي فالإتيان بأدلة وقرائن وإثباتات بعد شهرين من متابعتها ومطاردتها في كل وسائل الإعلام يصبح مُهينا للعقل والضمير و.. الايمان!لهذا فإنني أطلب من الأمير محمد بن سلمان من عُمق ضميري الذي التصق بقلمي طوال حياتي الكتابية أن ينتحر لينقذ المملكة وأباه وشعبنا السعودي و.. الخليج!طلب غريب؛ بل هو الجنون عينه، لكن هذا الطلب لن يفهمه حتى كارهوه!
1- في انتحار الأمير محمد بن سلمان تكون القضية قد انتهت، ويصبح القتلة الصِفْريون وحملة المنشار هم كبش الفداء الأخير لآثار الدم على أشلاء خاشقجي.
2- في انتحار محمد بن سلمان يقف الابتزاز الأمريكي أمام سدٍّ منيع وصُلب، ولن يحقق الرئيس ترامب حلمه في الاستيلاء على آخر ريال سعودي في خزينة الدولة المسكينة.
3- في انتحار محمد بن سلمان تخسر ايران حربا خاضتها بالوكالة الحوثية في اليمن، ويكون للسعودية دور مشهود في اتفاق سلام يمني، والقيام بإعادة اعمار اليمن السعيد/التعيس، فالحرب في أولها كانت قائمة على الدفاع عن الخليج من طائفية ايران وعن شرعية الحُكم رغم أنه وريث المجرم علي عبد الله صالح، ثم وقفتْ طهران تُضَحّي باليمنيين الحوثيين، وأخيرًا اختلطت دماءُ الصحفي المغدور به بدماء هياكل يمنية كأنها قات خَزَّنـَـه حفّار القبور في صنعاء والحُديدة وما بقي حيّا في يمننا البائس.
4- في انتحار محمد بن سلمان يستطيع السعوديون أن يعيدوا بناء بلدهم قبل أن تحتلها ايران ويهاجمها الحوثيون، ويظل الحُكم في أسرة أبناء وأحفاد الملك عبد العزيز بعد استبعاد كل من تلوثت أيديهم بالدماء.
5- في انتحار محمد بن سلمان يتوقف شراء الذمم التي كلفت المملكة عشرات المليارات من أموال شعب ليست زائدة عن الحاجة؛ إنما هي لتحقيق رفاهية وآمال وأحلام السعوديين.
6- في انتحار محمد بن سلمان ترفع المملكة رأسها، وتحدد أسعار نفطها، وتنقذ دول الخليج الشقيقة التي خسرت أموالا طائلة بسبب تخفيض أسعار الذهب الأسود ؛ فالمشروعات والتنمية وأحلام المستقبل في الإمارات والكويت والبحرين، وحتى دولة قطر المحاصَرة، تراجعت، ودفع الخليجيون النفطيون ثمن جريمة شخص واحد إذا ضاق حبل ترامب حول عنقه سيهبط ببرميل النفط إلى خمسة دولارات، ويلطم الأصدقاء وجوههم يوم وقوفهم مع الشقيق القاتل.
7- في انتحار محمد بن سلمان تخرج السعودية وشقيقاتها بشرف من حرب اليمن، وتعيد بناء خرائب دولة كانت من أسعد دول العالم حتى في فقرها.
8- في انتحار محمد بن سلمان يُحال ملف القضية إلى دود الأرض مع ولي العهد المنتحر، وتتحرر السعودية ودول الخليج من عالم يسخر، ويتهكم، ويبتز، ويهدد، ويتوعد.
9- في انتحار محمد بن سلمان تستمر مسيرة التطور والرخاء في دولة الإمارات التي كان يكفيها احتلال ايران لجزرها الثلاث، فجاءت كوارث مفجعة وفي مقدمتها حلـْب السعودية نفطيا وماليا فخسرت الدولة الأكثر طموحا، أعني الإمارات، والتي بدأت مسيرة شبابية في كل مؤسسات الدولة، قائمة علىَ إرشادات الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
10- في انتحار محمد بن سلمان يتم قطع الطريق الممتد من خليجنا إلى تل أبيب، وربما إلى القدس والذي كان توطئة لضربة القرن في زيارة للدولة العبرية يقوم بها ولي العهد السعودي.
11- في انتحار محمد بن سلمان لا تصبح الكويت الدولة الخليجية الوحيدة الرافضة لأي هيمنة صهيونية، ويعود الخليجيون إلى أحضان العداء للاحتلال، حتى لو كان عداءً سلبيا وهو أضعف الايمان!
12- في انتحار محمد بن سلمان يعيد آل سعود ترتيب البيت الداخلي، ويستعيدوا أموال الشعب المنهوبة ترامبيا، ويتوحدوا مع الأشقاء الخليجيين في رفع سعر النفط إلى ما فوق المئة دولار، ويرفعوا أيديهم عن دعم قوى التطرف الديني في سوريا الحبيبة.. ومن حق كل دولة خليجية أن تنفذ كل المشروعات الطموحة قبل أن ينتهي النفط، وتختفي أرباحه في بطن قوىَ الاستغلال الغربي والأمريكي وشركات الإتاوة و.. البلطجة!
13- في انتحار محمد بن سلمان يأمن السعودي على ماله وحريته واستقلاله وحياته وكرامته، ولا تحتاج البعثات الدبلوماسية منشارًا لكل مواطن غير راض عن الحُكم!
14- في انتحار محمد بن سلمان يتم سحب البساط من تحت أقدام النظام الذي يساعد حركات التمرد والمشاكسة والاخوان في كل مكان، من الخليج إلى ليبيا ومن اليمن إلى سوريا ومن تركيا إلى مصر.
15- في انتحار محمد بن سلمان يُسحَب النصر الفضائي من قناة (الجزيرة) التي منحتها عملية الغدر بزائر القنصلية السعودية نجاحا ساحقا، ومضاعفة نسبة مشاهديها، واستعادة الثقة بعدما انكشفت ألاعيب الدعم الديني المتطرف، وفبركة الأخبار الكاذبة، خاصة عن دولة الإمارات العربية المتحدة، البلد العربي الوحيد الذي كشف الدور المشؤوم والإرهابي للمراكز الإسلامية في أوروبا.
16- في انتحار محمد بن سلمان يتفكك العَقد الرباعي لدول الحصار الذي سبب خسائر فادحة للخليج برمته بعدما تولّى إعلاميون مصريون وسعوديون، غير مهنيين أو محترفين، شرح قضية الحصار بغباء؛ فخسرت دول الحصار.. رغم نُبل قضية محاربة التطرف الذي تبنته دولة قطر.
17- في انتحار محمد بن سلمان يصبح الخليجيون أسيادَ نفطهم كما كانوا إبان حرب أكتوبر 1973!18- في انتحار محمد بن سلمان يتوقف التهكم الدولي على السعودية الذي جعلها ترامب مادة للسخرية، وطالب علنا بزيادة أموال تبرعات إتاوة الفتوات وبلطجية البيت الأبيض، وبتحالف أمريكي سعودي لخفض أسعار النفط.
19- في انتحار محمد بن سلمان يشج نتنياهو رأسه في حائط المبكى فقد صرح مرارا وتكرارا بدفاعه المستميت عن ولي العهد السعودي، وهي مقدمة لتحالف سعودي/اسرائيلي بعد رحيل الملك سلمان الذي قضى نصف قرن من عُمره داعما الفلسطينيين، وجامعا التبرعات لهم، ومدافعا عن حقوقهم في كل المحافل الدولية.
20- في انتحار محمد بن سلمان تعود العلاقات المصرية / السعودية إلى سابق عهدها، ولا يتم الضغط على الرئيس السيسي في الجُزر والأراضي والمياه والفنون والآداب والدين، ويعيد الأشقاء السعوديون تيران وصنافير إلى مصر قبل أن يمنحهما محمد بن سلمان لتل أبيب. فالسيسي يبيع ملابس المصري الفقير مع أول عين حمراء خارجية تبحلق فيه غاضبة.
21- في انتحار محمد بن سلمان يأتي ولي عهد جديد، يتصالح مع ايران وتركيا وروسيا وسوريا وكندا وقطر، ويتوقف الدعم السعودي عن المؤلفة قلوبهم.
22- في انتحار محمد بن سلمان يمكن في خلال عامين أن يتم مسحُ عار الغدر الدبلوماسي الذي أضر المملكة والخليج كما لم تفعل كل الأزمات منذ الدولة السعودية الأولى.
23- في انتحار محمد بن سلمان لا تبقىَ لدى تركيا أي أوراق رابحة، حتى لو أخرجت تسجيلات من أفواه عفاريت القنصلية.
24- في انتحار محمد بن سلمان يعود لخادم الحرمين الشريفين تاجه ومُلكه وتاريخه المشرّف وشهرته في حماية صاحب القلم الحر، لا تقطيعهم كما فعل ابنه.
25- في انتحار محمد بن سلمان تبدأ دول الخليج مرحلة جديدة بعيدًا عن ابتزاز أي قوىَ لها، وتزداد أرباح النفط، وتنتهي حرب اليمن رغم تأييدي لبداياتها لوقف الزحف الايراني الذي كان حراس الثورة على استعداد لالتهام البحرين، وتعطيل مسيرة الرخاء الإماراتية، وسحب أي ثقة روحية بالسعودية في حماية الحرمين.
26- في انتحار محمد بن سلمان يمكن أجراء مفاوضات جديدة مع دولة قطر وتخفيض شروط رفع الحصار والإبقاء على شرط توقف الدوحة عن دعم قوى التطرف الإسلامي.
27- في انتحار محمد بن سلمان تتحرر القوى الإعلامية الشريفة في الخليج ومصر ودول أخرى، من المؤلفة قلوبهم أو الخائفين على رقابهم، ويعود للخليج بهاؤه وخيرُه ونبدأ في إقامة دول العدل.
28- في انتحار محمد بن سلمان تكتمل المشروعات الطموحة، خاصة في الكويت والإمارات وسلطنة عُمان، عندما تعود لخزائن كل دولة أرباح نفطها بدلا من دفعها إتاوة لترامب ونتنياهو.
29- في انتحار محمد بن سلمان يغادر الإعلاميون العرب سيرك التهريج والدفاع غير المنطقي وشرح طهارة ولي العهد بتهديد السيف أو المنشار، وتكبر دول الخليج أمام تركيا وايران وأمريكا والغرب و .. واشنطون بوست!
30- في انتحار محمد بن سلمان نتنفس جميعا هواء نقيا غير مخلوط بالجُبن والكذب والدفاع عن أغدر وأخبث عملية اغتيال في تاريخ العرب.أكتب هذا الكلام الذي سيثير عليَّ عاصفة من الغضب والحقد والاتهامات، لكن ضميري استجاب لأجمل وأشرف طلب عني من الملك سلمان( أمير الرياض حينئذ) لوزير الإعلام المستشار بالديوان الملكي: أوصيك بمحمد عبد المجيد خيرًا؛ فهو يكتب ما لا يتجرأ الآخرون على كتابته!ها أنا أستجيب، وأطلب من فلذة كبده أن ينتحر من أجل المملكة ووالده ودول الخليج وكرامة العرب ومستقبلهم وشرفهم، فنحن العرب لسنا قتلة أو سفاحين أو مُنشاريين.أغرب طلب في مقال طويل لن يقرأه كله إلا الذين أحيلوا إلى التقاعد أو القعود!استأذنت ضميري طوال شهرين، وعقلي الذي يُملي على قلمي لأكثر من أربعين عاما، وكراهيتي للظلم، وخشيتي أن يفقد المتابعون لي احترامهم لكتاباتي، فرأيت أن هذا المقال الذي سيقاطعني بعهده كل أصدقائي في الخليج هو الأصلح، لأنهم سيلهجون بالشكر والمديح والتقدير إذا خلوا إلى أنفسهم و .. ملائكتهم.يبقى نسخ المقال من كل مؤيد له، كما هو دون حذف حرف واحد، وإرساله إلى من يؤرقه ضميره ولا يعرف أين يقف.وسلام الله على خليجنا العربي!
محمد عبد المجيد طائر الشمال عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين أوسلو