يشكل د. ممدوح حمزة أستاذ الجامعة والمهندس الاستشارى العالمى ظاهرة فريدة فى الحياة المصرية يمكن وصفه بأنه الرجل الديناميكى. مصرى معجون بطين الأرض، ابن بلد بسيط بالرغم من أصوله الارستقراطية والتى مازال يقهرها تحت جلده.
حين تراه بقميصه الأبيض الذى دوما يرتديه بلا فانلة تحته تشعر أنه فقيرلايملك سوى قمص واحد (هو عاشق للون الأبيض وبالطبع ليس لديه قميص واحد.. احسن الناس تفهم غلط)، وأنه من ملح هذه الأرض، لا يدعى فقرا تقربا للبسطاء لكسب ودهم بل يعلن أنه من الرأسمالية الوطنية، لكن سلوكه لا يشى أبدا أنه رأسمالى ولا أرستقراطى، وتزداد دهشتك حين تقترب منه أكثر ويدعوك لعشاء فى منزله بالزمالك، ويتصرف ببساطة وكأنك أنت صاحب الدار وهو من يقوم بخدمتك.
كريما ودودا فى منزله وفى حياته بغير تصنع، وفى المناقشات يقول رأيه ويعلو صوته كعادته، ويختلف معك ويصادر على رأيك وينسى انك فى بيته أو بالدقة يعتبرك صرت صاحب البيت وهو الضيف أو شريكا له فيه.
فى احدى المرات دعى عددا من المهتمين بالشأن العام على العشاء فى منزله بالزمالك للتضامن معى فى إحدى القضايا التى رفعها واحد من محامى الحسبة ضدى بإساءتى للنظام (طبعا جاهل بيتهيأ له ان النظام ده نظام اللى خلفوه مش نظام الدولة)، تناقشنا.. والغريب اننى اختلفت معه (وهو من يؤازرنى ويعمل لصالحى) واسمعته جملة ضايقته وقالى “بتهاجمنى فى بيتى طيب انا مش جاى بعد بكره التحقيق معاك”، وانصرفنا (بعد عشاء رائع واحضر لى أيس كريم مخصوص يعرف اننى أحبه.. حاجه غريبة اتعشى عند الراجل فى بيته واقول رأيى ضده ويزعل بلا اعتبار للعشوة الفاخرة.. صعيدى زى القطر يابوى)، وإذا بى أراه أول من يحضر أمام مقر النائب العام فى اكتوبر 2017 ومعه حشد كبير من المتضامنين، سمعته ينادى على وأنا فى طريقى لمقر النائب العام بمدينة الرحاب فالتفت وضحكت، كنت متأكد أنه أول من سيحضر فهذا رجل تهون أمامه كل إساءة من أجل ما يعتقد أنه فى نصرة مظلوم لصالح الوطن.
تعانقنا واخذنا سويا صور، والغريب انه بالرغم من تهوره ومفرداته الثائرة كان قلقا على وينصحنى بالتريث والهدوء وعدم الاندفاع فى الرد أثناء التحقيق (اندفاع ايه هو حد يقدر). هذه لقطة وله لقطات وأفضال كثيرة منها ماهو عام وماهو خاص وهو يكره ان تذكر ماهو خاص، لكن مالا يمكن ان ينسى هو قيامه بشراء خيام ليبيت فيها المتظاهرون من خرجوا فى ثورة يناير 2011 فى ميدان التحرير، وبهذا يكون د.ممدوح أول من ساهم فى تجذير الثورة على الأرض بالمخيمات فى ميدان التحرير.
وكان من أوائل من خرجوا فى يوم 25 يناير 2011 الساعة الثانية عشرة ظهرا فى ميدان روكسى أمام سينما روكسى وكان العدد 10 أفراد وهم: د.ممدوح حمزة وكان أول الحضور وقبل الموعد بساعة، ود.صلاح صادق والسيدة شاهندة مقلد رحمهما الله رحمه الله، ود مجدى قرقر ونور الهدى زكى ود.محمد شرف ود. كريمة الحفناوى والأستاذ محسن عبدالرحمن ود. يحيى القزاز.
ولها تكملة نحكيها فى وقت لاحق. كانت مظاهرة العشرة (10 أفراد) حاصرها الأمن المركزى وفضها فى خلال ثلث ساعة، انطلقنا بعدها لنلحق بموعد تحرك المظاهرات الذى كان محددا له فى الثانية ظهرا.
عاشق للوطن بجنون، ويغضب من أجله بجنون، ويناقش قضاياه بجنون ويتماهى مع البسطاء فى حب ولين، لايعرف انصاف الحلول ولا المجاملات الكاذبة. يقف مع الفقراء ويناصر المظلومين. قام بدور كبير فى عقد مؤتمر مصر الأول لتجميع فى القوى الوطنية فى 2011، ولم تهدأ محاولاته فى تجميع القوى الوطنية وغى مزرعته بالعطف التى أرغموه على بيعها وإلا البديل حرقها وباعها بثمن بخس.
ممدوح حمزه هو رجل عملى لا يعرف الملل ولا اليأس كل قضاياه التى تشغله هى فى صميم تخصصه الانسان والتنمية والتعمير واستخدام خامات البيئة فى البناء والصناعة.
قدم مشاريع كثيرة ودراسات كثيرة للمسئولين، واتجه لكتابة أراءه موثقة فى كتب لحل الأزمات وتطوير مصر.
ممدوح حمزة حكاية طويلة صنعتها ظروف مصرية، حكايته حكاية مصرى قلق عاشق للوطن، فى العقد الثامن من العمر، يعيش مغتربا رغما عنه فهل نترك عاشق الوطن يموت بعيدا عن عشقه. أنا لا أتوسل من أجله، أنا أطالب بحقه فى الحياة وفى الموت من خلال محاكمة عادلة. أستعيدوا ممدوح حمزة وانقذوه فمالاتعلمونه انه مريض يعانى ولا يظهر معاناته لأحد.. والأطباء يعلمون هذا. لا أطلب له استثناء ولا توسل لكننى أخشى على عار يطارد الدولة إن مات غريبا. هو يريد العودة.
د.يحيى القزاز