بقلم /جرجس بشرى
قرات بدقة البيان الصادر عن نيافة الأنبا الحبر الجليل الأنبا رافائيل الذي رد فيه على الدكتور جورج حبيب بباوي ،الذي عزله وفرزه المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية عام 2007 ، بسبب انفصاله عن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية إلى كنائس أخرى مثل الكنيسة الروسية والكنيسة الأنجليكانية ، وبسبب أخطاؤه العقيدية والطقسية التي تخالف الإيمان الذي تسلمته الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بالدم منذ قرابة 20 قرن من الزمان ، والحق أقول أن البيان الصادر عن نيافة الأنبا رافائيل كشف المستور عما يُدار بالفعل في دهاليز الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في عهد قداسة البابا المعظم الأنبا تواضروس الثاني ، ونبه وعي الشعب ليعرف اكثر ولو جزءًا يسيرًا من الحقيقة عن بعض ما يحدث في كنيستنا التقليدية المجمعية الرسولية ، فالبيان أكد على أن بباوي هو الذي سعى أولًا للمصالحة وطلب من الانبا رافائيل أن ينقل لقداسة البابا تواضروس اعتذاره عما بدر منه من أخطاء في حق الكنيسة ، وفي ذات الوقت شدد البيان على أن جورج حبيب بباوي ما زال تحت العقوبة الكنسية التي قررها المجمع المقدس وتأكيد الأنبا رافائيل على أن جورج حبيب بباوي طعن هو وتلاميذه الكنيسة ، وأنه ليس بهذه السهولة يتم التنازل عن إيمان كنيستنا الذي طعنه جورج حبيب بباوي وتلاميذه على مدى عقود للكنيسة ، ولعلنا يجب أن ندقق في هذه العبارة التي ذكرها نيافة الانبا رافائيل وهي ” أن بباوي وتلاميذه طعنوا في إيمان الكنيسة من عقود ” ، وهي بمثابة إقرار واعتراف علني من نيافته بأن جورج حبيب بباوي وتلاميذه لم يطرحوا أراءًا شخصية في مسائل تتعلق بالكنيسة بل طعنوا الكنيسة في إيمانها ، ومن المقطوع به أن طعن الكنيسة في إيمانها لا يمكن أن يتدرج تحت بند “الرأي الشخصي ” بـل يندرج تحت بند ” الهرطقة والبدعة ” ، ومن أيضًا المؤكد أن إيمان كنيستنا الراسخ ومسئولية الحفاظ على ما تسلمته الكنيسة القبطية الأرثوذكسية من تقاليد وطقوس لا يمكن بحال من الاحوال أن يتم التساهل فيهم تحت ستار المناقشات الفلسفية والجدلية ودعاوى التجديد والمعاصرة والحداثة ، لأننا كنيسة تقليدية مجمعية وباعتراف قداسة البابا تواضروس الثاني نفسه على الهواء في أحد البرامج ، وهناك نقطة مهمة أخرى تطرق إليها بيان الأنبا رافائيل وهي الوعود الكثيرة التي وعد بها جورج حبيب بباوي الأنبا رافائيل بكتابة اعتذار على موقعه عن اخطاؤه التي بدرت منه بحق الكنيسة ، وهي وعود لم يفِ بها جورج حبيب بباوي ولن يفِ بفي بها في رأيي ، لانه متمرس في المراوغة ، بدليل أنه تظاهر أيام قداسة البابا الأنبا شنودة الثالث بالتوبة ، ولكن قداسة البابا شنودة كان حكيمًا ورفض مسامحته في الأمور التي تتعلق بأخطاؤه العقيدية والطقسية ، حيث حدث وأن ذهب جورج حبيب بباوي إلى قداسة البابا شنودة خلال زيارته الرعوية في الخارج وطلب منه الحل والمسامحة ، أمام الجميع وحاول تقبيل رجليه مرتين ، ولكن البابا لأمانته قال له :
أنا استطيع أنا أسامحك عن أخطائك التي صدرت منك في حقي ولكن لم استطيع أن أسامحك في أخطاء تتعلق بجوهر العقيدة ” ، ويجب أن نلتفت في بيان الأنبا رافائيل إلى أنه طلب من جورج حبيب الاعتذار علنا عن أخطائه بحق الكنيسة والتراجع عن هذه الأخطاء كشرط لقبول اعتذاره ، وهذا شيء جيد في البيان ، إلا أن البيان جاء بعبارة هي الأخطر من نوعها وربما تلخص في رأيي عنوانًا للمرحلة التي تعيشها الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في عهد قداسة البابا تواضروس الثاني ، وجاءت العبارة على لسان الانبا رافائيل وبالنص : ( … كان لِزامًا عليَّ أن أذكُر تفاصيل ما يخصني في هذا الأمر ،وأنا لا أعرف ماذا يُجرى في الدهاليز ..).، وهذه عبارة لا يمكن أن تمر على القاريء الفطن والمسيحي الغيور على كنيسته وعلى كل صاحب ضمير حي مرورًا عابرًا. وهي عبارة تجعلني بل وجعلت كثيرين يتساءلون وينتابهم شعور بالقلق المشروع على إيمان وهوية الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في ظل حالة الغموض والتعتيم المحكم التي تسيطر بقوة على بعض ما يُجرى من أحداث في كنيسة الله المقدسة الجامعة الرسولية ، وربما يُعزز هذا القلق السوابق الخطيرة التي حدثت من قبل و أحدثت زوابع شديدة أدت إلى إحداث بلبلة في الكنيسة وتكدير لسلام شعب الكنيسة وشق وحدتها ما بين مؤيد ومُعارِض ؛ مثل محاولات تغيير طقس التناول بالغاء الماستير ، ومُباغتة شعب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية وعدد كبير من أباء المجمع المقدس بوثيقة توحيد المعمودية التي كان قداسة البابا تواضروس الثاني يريد إقرارها مع قداسة البابا فرانسيس “بابا الفاتيكان ” ، وكذلك محاولات تغيير مواعيد الأعياد ، ومن الشواهد أيضا التي تعزز المخاوف على ما يجرى في دهاليز الكنيسة وقف بعض الكهنة المدافعين عن إيمان الكنيسة وقطع مرتباتهم ، وكذلك منع برامج دينية لبعض الأساقفة الذين يدافعون عن الإيمان السليم ، وكذلك المخاوف التي تتردد الآن بقوة عن استقدام شخصيات عليها علامات استفهام في المعاهد اللاهوتية والكلية الإكليريكية وظهور معاهد ومدارس موازية للكلية الإكليريكية تمنح شهادات معتمدة .
وأنا هنا استنادًا إلى عبارة نيافة الأنبا رافائيل التاريخية اتساءل : ما الذي تم في الدهاليز في مسألة مناولة جورج حبيب بباوي ومصالحته ؟!! هل هناك اتصالات مفتوحة ودائمة ومن فترة كبيرة بين قداسة البابا تواضروس أو بعض الأساقفة مع جورح حبيب بباوي ووسطاء المصالحة ؟ وهل كان ينسق قداسة البابا مع جورج حبيب والوسطاء مسألة المصالحة مع جورج حبيب بباوي ؟!!!
وهل كان مُخططًا اعادة جورج حبيب بباوي لحضن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في غيبة من الشعب ودون عِلم كثير من الأساقفة ومحاولة فرضه فرضًا على الكنيسة وفتح الباب له ولتلاميذه وأنصاره برغم الكم الهائل من مخالفاته العقيدية والطقسية؟ وأنا هنا أؤكد على أن أخطاء جورج حبيب بباوي لا تمثل أراء شخصية بل مخالفات واضحة أقر بها قداسة البابا تواضروس الثاني بنفسه واعترف بها الأنبا رافائيل في البيان ووصفها بأنها بمثابة طعنات في إيمان الكنيسة ؟؟!!! ! ، فالتخوف الذي ينتاب بقوة شعب الكنيسة القبطية الارثوذكسية الآن والذي يجهر به الكثيرين صراحة على السوشيال ميديا هو أن يشاهدوا المهرطقين وأرباب البدع وقد عادوا بقوة للكنيسة ليفترسوا تعاليمها الصحيحة كالذئاب الخاطفة ويعيثوا فسادًا في إيمانها وطقوسها التي تسلمتها من الأباء القديسين ، وأنا شخصيًا أرى أن قداسة البابا تواضروس الثاني أحكم من أن ينزلق بالكنيسة لكي تصل لهذا المنحنى الخطر والهوة الساحقة لان التاريخ يسجل عليه الآن هل كان أمينًا على الكنيسة القبطية والأمانة الأرثوذكسية التي اؤتمن عليها أمام مذبح الله والمجمع المقدس والشعب أم لا ؟
ولقد صدمت كغيري من عبارة وردت على لسان قداسة البابا تواضروس جاءت بييان الأنبا رافائيل وهي طلب البابا تواضروس من جورج حبيب بباوي أن يكتب كلمة طيبة على الكنيسة لكي يشعر الشعب بالطمانينة تجاه إيمان الكنيسة “؟ ، وأنا هنا أعتب عتاب الابن المحب على قداسة البابا تواضروس الثاني ، الرجل المؤتمن على تعاليم الكنيسة والأمانة الأرثوذكسية وأتعجب أن يستجدي قداسته وهو رمز للكنيسة وراعيها المنظور التعاطف والرضا من شخص معزول ومفروز كنسيًا ووقع بنفسه على قرار المجمع بعزله وفرزه ، فهذا المطلب يتعارض مع هيبة الكنيسة ويسيء لقداسته شخصيا ، بل لن كون متجاوزا إذا قلت إنه مطلب لم يحدث في تاريخ بطاركة الإسكندرية أن يستجدي بطريرك الكنيسة ، خليفة للقديس مار مرقس الرسول العطف والرضا من شخص معزول لكي يكتب كلمة طيبة في حق أعرق كنيسة في العالم واجهت بقوة المبتدعين والمهرطقين ببدعهم وهرطقاتهم ولم تجاملهم أو تغازلهم على حساب العقيدة والإيمان ، فكنيستنا الأرثوذكسية العريقة يا قداسة البابا لم ولن تنتظر كلمة ليَمِن بها عليها رجل ما زال واقعا تحت العقوبة الكنسية للآن ،، يا قداسة البابا ليس جورج حبيب بباوي هو الذي يطمئن الشعب على إيمان كنيسته ، لأن مصدر سلام الكنيسة هو راعيها ملك ورئيس وإله السلام ربنا يسوع المسيح ، كيف تقول قداستكم هذا الكلام والكنيسة تصلي دائما متضرعة إلى الرب إلهها أن ينجيها من الهراطقة ، حيث يصلي الكاهن قائلا : ( حاللنا وحالل شعبك من كل خطية ومن كل لعنة ومن كل مُلاقاة الهراطقة ) . كما تحذر تعاليم الدسقولية من خطر المهرطقين قائلة : ( قبل كل شئ يا أساقفة تحفظوا أنتم من الهراسسات – الهراطقة والبدع – السيئة النجسة التى يضر المؤمنيين اهربوا منها مثل النهار التي تحرق من يدنوا منها وانتبهوا أيضًا عن الفِرَق – الانقسامات – الذي يجب عليكم ألا تميل عقولكم البته إلى هراسسات – الهرطقات – نجسة ولايصلح أن تدنوا منها لأجل محبة الرياسة ، فإذا كان الله أتى بالعقوبة عاجلًا لمن صنع الفِرق ــ الإنقسامات ــ لأجل محبتهم للرياسة فكيف لا يجازى بالأكثر الذين صاروا سببًا للشيُع المُخالفة المجدفين على أمره وعلى صنعته ) .” ص161-164 الدسقولية ترجمة القمص مرقس داود ” كما نص قانون 47 ك 1 على : ( هذا نشير عليكم أن تتحفظوا أنتم الذين لكم قلب فكل من سمع تعليم الرسل فلا تقدر الهرطقات أن تضله وهكذا كثرت الهرطقات في الذين قبلكم لأنهم لم يتعلموا من فِكر الأباء الرسل المخلصين بل كلذاتهم وحدهم يصنعون ماهو حسب شهواتهم وليس مايجب أن يفعلوه ) .” ص112-113 كتاب قوانين الآباء الرسل للقمص صليب سوريال “. كما تقول قوانين الأباء الرسل : ( إذا دخل واحد من الاكليروس أو العلمانيين إلى مجمع اليهود أو موضع الهراطقة للصلاة فليُقطع والعلماني فلُيفرق ) .” قانون قانون 46 ك 2 ، ص101 كتاب قوانين الأباء الرسل للقمص صليب سوريال” . وحذرت قوانين الكنيسة من صلاة رجال الإكليروس مع مقطوعين من الاكليروس ، ففي قانون 9ك: 2 : إذا صلى واحد من الاكليروس مع واحد قُطع من الاكليروس فليُقطع هو أيضًا ) كتاب قوانين الاباء الرسل للقمص صليب سوريال ص141.
وينص القانون السادس من قوانين مجمع اللاذقية على : ( لا يُسمح للهراطقة أن يدخلوا بيت الله ماداموا مستمرين فى هرطقتهم ) ص 175 .
كما ينص قانون 37 من قوانين مجمع قرطاجنة على : ( لا يجوز أن يأخذ بركات من الهراطقة لأنها هي بالأحرى لعنات من أن تكون بركات ) ، كما ينص القانون 38 من قوانين مجمع قرطاجنة على : ( لا يجوز للمؤمن ان يُصلي مع هرطوقي ، انشق عن الإيمان) .”قانون 33 ص 186 ” .
نعود مرة أخرى لنقطة جوهرية في بيان الأنبا رافائيل ، حيث طلب نيافته من جورج حبيب بباوي أن يتضمن خطاب المصالحة مع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية معالجة عدة مشكلات وأنا أسرد لكم أهمها وأخطرها وردي المتواضع عليها ولكن قبل أن اخوض في سرد هذه المشكلات التي طالب الانبا رافائيل جورج حبيب بمعالجتها أود أن أبعث بسؤال لنيافة الانبا رافائيل : كيف تطلب من شخص نيافتكم أكدتم في في بيانكم صراحة أنه وتلاميذه طعنوا في إيمان الكنيسة أن يعالج مشكلات تتعلق بصميم وجوهر الإيمان المسيحي الأرثوذكسي ؟
وكيف تطلب منه أن يرشدنا لمعالجة حلول لمسائل لاهوتية وهو للآن ما زال تحت الحرم وتحت العقوبة الكنسية ، وأخطاؤه اللاهوتية واضحة للجميع ؟!!!
دعونا نأتي لأهم المشكلات التي طالب نيافة الانبا رافائيل من جورج حبيب معالجتها في مقال المصالحة :
• التشكيك في معرفة أباء الكنيسة الحاليين، واتهام المجمع المقدس، بأنه جاهل ولا يعرف في أصول اللاهوت.
وردي هنا على نيافة الانبا رافائيل : هل من المعقول أن نستجدي عطفا من شخص تحت العقوبة الكنسية ليتفضل ويتكرم ويقرر مصير أباء مجمع أعرق كنيسة في العالم بعلومها اللاهوتية ؟ وهل الصك الذي سيمنحه جورج حبيب بباوي للأباء الاجلاء العظماء أساقفة مجمعنا المقدس هو الذي يقرر جهلهم إذا ما كانوا جهلاء أو بارعين في المعرفة ؟ وكيف ستتقرر نتيجة الامتحان إذا كان معلومًا لدى الكثيرين انحرافات جورج حبيب بباوي اللاهوتية والعقيدية والطقسية عن إيمان كنيستنا !! وماذا لو حكم جورج حبيب بباوي على مجمعنا بالجهل والإدعاء بعدم المعرفة في العلوم اللاهوتية ، خاصة وأن مصادر ومراجع بباوي ستكون من مراجع غير أرثوذكسية وهو الرجل الذي كان يفتخر بتعلمه على يد دكتور مُلحد ؟!!
* كما طلب الانبا رافائيل من جورج حبيب بباوي حل المشكلة الآتية في مقاله وهي : ” التطاول على رموز الكنيسة المتنيحين والأحياء.
طبعاً لا يهمنا في المقام الأول الأشخاص، لكن يهمنا ثقة الناس في الكنيسة، والإيمان المسلم لنا من أبائنا الأولين، متسلسلاً إلى أبائنا الذين تعلمنا منهم ” . وأنا هنا أرد على نيافة الانبا رافائيل هل من المنطق أن يُطلب من رجل مراوغ وتحت العقوبة وشتم المصريين ووصف معظمهم بأنهم حمير ، أن يعطي كنيستنا وأبائها المتنيحين والاحياء شهادة حسن السير والسلوك ، حتى نرضى عنه ، هل هذا كلام معقول ، فمن فضلة القلب يتكلم اللسان ، وتطاول الناس على رموز الكنيسة لا يسيء للكنيسة ورموزها بل يسيء لمن يرتكب هذه الإساءات ، بل أن محاولة تشويه كنيستنا من بعض الخارجين عن إيمان كنيستنا المستقيم يزيد الشعب التفافا وثقة في هذه الرموز الدينية ، هل لهذه الدرجة مطلوب منا أن يحل لنا جورج حبيب مشكلاتنا المزعومة ؟!!!
* ومن العجب العجاب أن يطلب علامة في اللاهوت الأرثوذكسي وهو الأنبا رافائيل من جورج حبيب بباوي حل هذه المشكلة : ( ترسيخ مبدأ أنه هناك فرق بين الهرطقة والرأي، وأن الاختلاف في بعض أوجه التفسير وارد ، حتى عند الآباء الأولين، طالما أنه لا يفسد لاهوت الخلاص.
ولا يوجد اتجاه واحد في التفسير يكفي لشرح حقيقة العمل العظيم الذي أتمه المسيح معنا، بل هناك تكامل، وتعدد في زوايا رؤية هذا العمل الخلاصي العظيم، الذي سيظل سراً لا تدرك العقول كماله .) .
وأنا شخصيا أوجه لنيافة الانبا رافائيل هذا السؤال وهو رجل محبوب وغيور على الكنيسة : هل نيافتك ترى أن الطعنات التي وجهها جورج حبيب بباوي لإيمان الكنيسة هو وتلاميذه تدخل في سياق الرأي أم الهرطقة ؟ فلو كانت رأيا سقطت على الفور كل جرائم وبدع جورج حبيب بباوي تجاه الكنيسة هو وتلاميذه وعاد المهرطقون والمبتدعون من جديد تحت ستار ” الرأي ” وليس الهرطقة ؟ وهل ترى نيافتكم بدع بباوي بخلاص الشيطان وتأله ناسوت المسيح له كل المجد وانكار الشفاعة والاستهزاء بالصوم رأيا شخصيا أم هرطقة ؟ وهل غاب الأمناء عن الكنيسة من أساقفة وكهنة ورهبان وشمامسة وشعب لكي يأتي لنا جورج حبيب بباوي ويرسم لكنيستنا العريقة خارطة طريقة جديدة يفرق لنا في بين الهرطقة والرأي الشخصي ؟!! وهل سيرى جورج حبيب في كل ما ارتكبه بحق إيمان الكنيسة رأيا شخصيا أم هرطقة ؟!!! وهل قرار المجمع المقدس كله بعزل وفرز جورج حبيب بباوي كان رأيا شخصيا أم بناء على هرطقات وأخطاء بحق العقيدة والطقس ؟!
٥- ترسيخ مبدأ جامعية الكنيسة، وضرورة عدم عبادة الأشخاص، والتحزب لهم، بل ان نلتزم بالكنيسة ككيان روحي الهي إنساني.
* أما بالنسبة للمشكلة الأخرى التي طلب نيافته من جورج حبيب بباوي وضع حلول لها هي : ( ترسيخ مبدأ أن الكتاب المقدس، هو مرجعنا الأول، وأن الليتورجية مصدر أساسي لفهم ايمانياتنا. وإن نبتعد عن الفلسفة، وزخرفة الكلام؛ لكي نفهم ايماننا الثمين، في بساطة التعبير الليتورجي، بعيداً عن متاهة التعبيرات الفلسفية) . وأقول هنا لنيافة الأنبا رافائيل لماذا لم تجعلون من التقليد والطقوس الكنيسة وقوانين المجامع المسكونية مصدرا لفهم إيماننا السليم بجانب ترسيخ أن يكون كتابنا المقدس مرجعنا الأول هو الليتورجية ، أم أن جورج حبيب وتلاميذه سيغضبون من هذا المطلب ؟
* ويدعو نيافته جورج حبيب بباوي أن يتبنى دعوة لعمل حوار مفتوح حول فهم المصطلحات اللاهوتية، على ضوء ثقافة عصرنا، كمثل التأليه، والبدلية، والنيابية، والفداء ) ! . وأنا هنا أسأل نيافة الأنبا رافائيل بخصوص هذا الاقتراح الذي اقترحه على جورج حبيب بباوي : ( هل سنخترع دين جديد بعيدا عن اللي تسلمناه من الكنيسة ؟ ) وللعلم هذه السؤال ورد على فمكم الطاهر بالنص في احد الحوارات ، وأنا أعيد تكراره على نيافتكم : ( هل سنخترع دين جديد ؟ ) فالمسائل اللاهوتية البحته كالجدلية والفداء لا اجتهاد فيها ولا تحريف لها بمد اليد عليها لتطويعها وفقا لأراء بعض المذاهب فما تسلمناه وتعلمناه من كنيستنا فيما يتعلق بهذه القضايا اللاهوتية لا توجد قوة على الأرض تجبرنا على تغييره تحت ستار الحداثة والمعاصرة ) ، ” الرب يسوع هو هو أمسًا واليوم و إلى الأبد “، وأيضا يقول معلمنا بولس الرسول في رسالته الثانية إلى أهل تيموثاوس : ( كل الكتاب موحى به من الله ونافع للتعليم والتوبيخ ، للتقويم والتأديب الذي في البر ) . فهل
* كما طلب نيافه الانبا رافائيل من جورج حبيب بباوي طرح حلول في مسألة : ( الاختلافات الحديثة، داخل كنيستنا، ومواضيع الصراع الوهمي التي اثيرت في الكنيسة، لا تمس خلاص الناس، ولا تمس أساسيات الإيمان، لكنها فقط تؤدي إلى انشغال الناس عن فرحهم بالمسيح في الليتورجيا، وثقتهم في الكنيسة وآبائنا، وسلامة تسلسل التسليم الرسولي، وهذا يصب فقط في صالح الخارجين عن الارثوذكسية، والملحدين) . وإنني هنا أتساءل: كيف يصف نيافته جورج حبيب وكأنه أصبح عضوا في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية وكأنه تم رفع الحرم عنه حيث يخاطبه بعبارة ” الاختلافات الحديثة داخل كنيستنا ” ، وما هو الصراع الوهمي الذي لا يمس إيمان الناس الذي يقصده نيافة الانبا رافائيل ؟ كما ان نيافتكم تقول أن هذه الصراعات الوهمية لا تصب في صالح الخارجين عن الكنيسة الأرثوذكسية ، فهل تخاطب نيافتكم جورج حبيب وكأنه عضوا في الكنيسة الأرثوذكسية مع أن نيافتكم شخصيا أكدتم انه طعنها في إيمانها ،ويجب أن يقدم اعتذارا عن كل اخطاؤه ويتراجع عنها ، أم تخاطبونه كرجل تحت العقوبة الكنسية ، وكيف يحل جورج حبيب بباوي مشكلة الصراع الوهمي في الكنيسة ؟مع أنه جزء أصيل وترس من تروس العجلة الدائرة في منظومة الصراع الممنهج ضد الإيمان الأرثوذكسي .
والعجيب أن يصف الانبا رافائيل جورج حبيب بباوي بـ ” المخلص والمحب للكنيسة” ويقول لـ “جورج حبيب بباوي” : أن الكنيسة كانت على وشك التحزب للأشخاص ” ، ولعل كثيرين يتعجبون من هذا الوصف لشخص عزلته وفرزته الكنيسة ولم يرفع عنه أي حرم للآن ؟ كما أن كلام نيافتكم عن أن الكنيسة كانت على وشك التحزب للاشخاص فليس صحيحا في الغالب أن يُعمم هذا الاتهام ليشمل الكنيسة كلها ، لأن الكنيسة القبطية الارثوذكسية تتحيز للحق والغيرة المقدسة والامانة في التعليم الأرثوذكسي التي يحملها الشخص في داخله أيا كان هذا الشخص ، فالبوصلة دائما في كنيستنا ليست نحو الأشخاص بقدر نحو قيم وسمات روحية وأخلاقية وتعليمية لدى الشخص .
وفي ختام مقالي أحب أن أوجه عتاب لنيافة الأنبا رافائيل على بعض العبارات التي وردت في بيانه وهي كثرة تكرار تعظيم د. جورج حبيب بباوي ، بعبارات لا يجب أن تصدر من أسقف كبير له مكانته العالية في قلوبنا مثل أستاذي ووأستاذنا الحبيب و وصف بباوي بـ ” عامود في الكنيسة ” ، وأنا استند في هذا العتاب عليكم مما طالبتمونا به إذا رأيناكم ضعفتم أو عايزين تغيروا عندما قلتم للشعب بالنص : ( لو لقيتنونا ضعفنا وها نغير ثوروا علينا وقولوا لنا ما تغيروش ، احنا تسلمنا إيمان عظيم .. احنا مش ها نخترع دين جديد ) . وأنا عاتب على نيافتكم هنا أن تصفوا مبتدع على أنه عامود في الكنيسة وأنكم تلميذ له ، فالجهر بهذه العبارات على العامة تجعل الناس تتجرأ وتعظمهم وتتخذهم قدوة وتسير وراء تعاليمهم الخاطئة !!! ، فإن كنتم تظهرون تعاطفا وحبا هذا مقداره كما قال بعض الناس نحو مبتدع ومعزول ومفروز من الكنيسة فهذا شيء محير ويطرح كثير من علامات الاستفهام التي يجب على نيافتكم أن تجيبوا الناس عليها لئلا يعثروا ، كما افرزت اشادتكم المبالغ فيها نحو جورج حبيب بباوي عدة شائعات تداولت مؤخرا مثل سماحكم بمناولة المرأة الطامث أو عن دوركم فيما اسماه البعض في صياغة وثيقة توحيد المعمودية مع الإخوة الكاثوليك إلى غيرها من الشائعات التي تحتاج من نيافتكم إلى رد ، خاصة لما لمسناه فيكم من غيرة مقدسة على الإيمان وسلامة التعليم.
حفظ الله مصر والكنيسة وأساقفتها الأجلاء وكل الشعب المصري من كل سوء . ونصلي أن يعود المبتدعين إلى حضن الكنيسة .