كان فيه مرة زمان قرية غنية من زراعة المنجة وكان كل الفلاحين اللي فيها عندهم جناين منجه وبقر وفراخ وحمام وعايشين كويس جدا
وبعدين في سنة من السنين حصل جفاف للنيل وماعدش فيه مياه تكفي الزراعة يدوب على قد الشرب ومات الزرع كله وماعدش فيه اي محصول واستمر الحال كده ٣ سنين لحد ما الفقر وصل لكل بيت حتى اغني الفلاحين
واضطرت الناس تأكل كل الحمام والفراخ والبط لحد ما خلصوا كلهم وبعدين أكلوا المعيز والخرفان لحد ما خلصوا كلهم وسابوا البقر للآخر
في السنة الرابعة من الجفاف اضطروا يذبحوا البقر لان الأطفال ابتدت تموت من الجوع فاصدر عمدة القرية قرار ان كل بيت لازم يسيب بقرة واحدة بس على الاقل علشان تنتج لبن للأطفال
لكن البقر كان عنده ضعف وهزال من قلة الأكل وكان إنتاجه من اللبن يدوب يكفي البيت بتاع اصحاب البقرة بالعافية وكان ده الأكل الوحيد عندهم
وبعدين الجوع زاد واضطرت بيوت كتير تدبج البقرة الوحيدة اللي بتجيبلهم لبن وأصبحوا بدون اي مصدر للأكل وبدات الأطفال تمرض من الهزال وتموت
ساعتها قرر عمدة القرية انه يتدخل علشان ينقذ الأطفال من موت أكيد من المجاعة
فأمر بانهم يبنوا خزان يسع ٢٥٠ لتر لبن يعني ١٠٠٠ كوباية وطلب من البيوت اللي لسه عندها بقر يحط كل بيت لتر لبن في الخزان علشان يوزعوا ال ١٠٠٠ كوباية لبن على الأطفال فينفذوا بيها حياة ١٠٠٠ طفل
وكان فيه في القرية باقي ١٠٠ بيت بس اللي عندهم بقر وفعلا كل بيت منهم راح على الخزان وحط فيه لتر لبن
صحي العمدة الصبح بدري علشان يوزع كوبايات اللبن على الأطفال اللي في اخر رمق من الجوع واتجمعت الأمهات حوالين الخزان وكل واحدة معاها الكوباية اللي هاتاخد فيها اللبن ومعاها ابنها او بنتها اللي تقريبا مغمى عليهم من الضعف والجوع
لما فتح العمدة الحنفية اللي في الخزان من تحت وبدا يملا اول كوباية نزل من الخزان مياه صافية
عرف العمدة ان كل بيت كان بيحط مياه بدل اللبن على اساس محدش هايعرف
اول طفل كان مستني اول كوباية مات في حضن أمه لانه كان في الرمق الأخير وكانت كوباية اللبن دي ممكن تمنع عنه الموت
كل واحد كان فاكر ان لتر المياه بتاعه هايضيع بين لترات اللبن
لكن اللي ضاع حقيقي هو المرؤة والخير والإيثار والتكافل
ولما تروح المرؤة في قلوب الناس ها يبقى ساعتها
لبن البقر أغلى من دم البشر