د.ماجد عزت إسرائيل
تعددت الاحتفالات والأعياد عند الأقباط، فكان منها سبعة أعياد تعرف بالأعياد السيدية الكبرى، وسبعة أخرى تعرف بالأعياد السيدية الصغرى، وهذه الأعياد مرتبة على شهور السنة القطبية، والأعياد الكبرى هي “عيد البشارة ويحتفلون به في التاسع والعشرين من شهر برمهات، وعيد “أحد الشعانين” ومعناها بالعربية التسبيح، يكون في الأحد السابع من الصوم المقدس
ومن مظاهر الاحتفال به أن يخرج الأقباط في صباح هذا اليوم حاملين سعف النخيل وأغصان الزيتون احتفالاً بذكرى دخول السيد المسيح مدينة إورشليم، وعيد القيامة ويكون الاحتفال بهذا العيد يوم الأحد، وهو ذكرى قيامة السيد المسيح من بين الأموات كما يعتقد الأقباط، وبعده مباشرة يوم الاثنين كان المصريون من المسلمين والأقباط
يحتفلون بعيد شم النسيم، وأيضا من الأعياد الكبرى عيد الصعود وهو ذكرى صعود السيد المسيح إلى السماء، وعيد العنصرة (الخمسين)، وهو يوم الخمسين بعد القيامة المجيدة ويسمى عيد “البنطيقوستي”،ويكون في السادس والعشرين من شهر بشنس
أما العيد السادس فهو “عيد الميلاد” ويكون في التاسع والعشرين من شهر كيهك(7 من شهر يناير) وهو اليوم الذي ولد فيه السيد المسيح في بيت لحم (قرية في فلسطين)، وآخر الأعياد الكبرى هو “عيد الغطاس” (الظهور الإلهي)، ويكون في الحادي عشر من شهر طوبة، وهو ذكرى تعميد (التغطيس في الماء) السيد المسيح على يد يوحنا المعمدان (النبي يحيى عليه السلام) في مياه نهر الأردن.
أما الأعياد السيدية الصغرى، فهي عيد الختان يقع هذه العيد في السادس من شهر طوبة، وعيد عرس قانا الجليل، وعيد دخول السيد المسيح الهيكل، وعيد خميس العهد، وعيد أحد توما (الأحد الجديد) وعيد دخول السيد المسيح أرض مصر، ويقع هذا العيد يوم 24 بشنس وعيد التجلي، يوافق يوم 13 مسرى، وكان الأقباط في وادي النطرون يحتفلون بهذه الأعياد مثلما كان يحتفل بها المسيحيون في مصر بصفة عامة.
عيد الختان
عيد الختان هو عيد سيدي صغير يخص ختان السيد المسيح بالجسد في لحم الغرلة حسب وصية الله المقدسة.
كما كان عيد الختان في العهد القديم أحد علامات العهد بين الله وشعبه فهو علامة التطهير أو ختم عهد الله مع شعب إذ قال الله لإبراهيم:”هذا هو عهدي الذي تحفظونه بيني وبينكم وبين نسلك من بعدك، يختتن منك كل ذكر، فتختتنون في لحم غرلتكم، فيكون علامة عهد بيني وبينكم، ابن ثمانية أيام يُختن منكم كل ذكر في أجيالكم… فيكون عهدي في لحمكم عهدًا أبديًا، وأما الذكر الأغلف الذي لا يختن في لحم غرلته فتقطع تلك الأنفس من شعبها.
أنه قد نكث عهدي”(تك 17: 9-14). من هذه الوصية التي أعطاها الله لأبينا إبراهيم يتضح أهمية الختان كطقس كنسي يميز أولاد الله عن بقية الناس الذين في العالم..
ويتضح أيضًا خطورة عدم الختان لأن الأغلف الذي لا يختن يقطع من الشعب أي يحرم من حق البنوة لله التي ينالها المختتن. لأنه نكث عهد الرب. وكان يتم بختان كل طفل ذكر في اليوم الثامن من ولادته.حيث ذكر بالكتاب المقدس قائلاً: “وفي اليومِ الثَّامنِ يُختَنُ المولودُ” (تثنية 3:12).
والختان كان طقس ديني يجب ألا يقتصر على الختان الجسدي بل ليمتد روحيا إلى القلب والضمير، فذكر موسى النبي قائلاً: ويختن الرب إلهك قلبك وقلب نسلك لكي تحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك فتحيا” (تث 30: 6) و….”ختان القلب بالروح هو الختان الذي مدحه ليس من الناس بل من الله” (رو 2: 29).. وقد ورد عن القديس إستفانوس أول الشهداء أنه اجتمع باليهود في مجمعهم ذكر لهم قائلاً: “يا قساة الرقاب وغير المختونين بالقلوب والآذان أنتم دائما تقاومون الروح القدس” (أع 7: 51).
وفي محادثته للسيد المسيح مع اليهود، ذكّرهم لهم قائلاً: “أمَركُم موسى بالخِتانِ، وما كانَ الخِتانُ مِنْ موسى بل مِنَ الآباءِ، فأخَذتُم تَختُنونَ الإنسانَ يومَ السَّبتِ” (يوحنا 22:7).
على أية حال، رغم أن السيد المسيح لم يكن محتاج للختان لأنه ابن الله الحقيقي والوحيد الذي من طبيعة الآب السماوي ومولود منه قبل كل الدهور أي من الأزل(المولود الإلهي).. إلا أنه اختتن لأسباب كثيرة نذكر منها: الختان طقس خاص بالذكور فقط دون الإناث،وتنفيذ وصية الله حيث ذكر لإبراهيم قائلاً:” وهذا هوَ عهدي الذي تحفظونَه بَيني وبَينكُم وبَينَ نسلِكَ مِنْ بَعدِكَ….” (تك 17: 10-12).
لقد أوصى الله بالختان حتى للعبيد المبتاعين بفضه: “ابن ثمانية أيام يختن كل ذكر في أجيالكم، وليد البيت والمبتاع بفضه من كل ابن غريب ليس من نسلك” (تك 17: 12) وهكذا الله لا يفرق في العهد الذي يقيمه مع البشر بين الغني والفقير فهو يحب الجميع ويريد أن يخلصهم من الخطية ومن الموت الأبدي ويمنحهم الحياة الأبدية.
كما كان من سمات التوبة في القديم ثلاثة أمور هي: ختان كل ذكر لم يسبق له الختان وقراءة الشريعة لأن كلام الله ينقي الفكر والنفس، وأيضًا حفظ السبت إشارة للراحة الأبدية.
من الجدير بالذكر،كان طقس الختان جرحاً مؤلِماً وخاصةً بالطريقة التي كان يجري فيها في تلك الأيام. حيث كانت الوسائل المُستَعمَلة سكيناً وموسى وحجراً حادّاً.
ونذكر هنا على سبيل المثال استعمال صفورة لحجر حاد لختان ابنها كما ذكر في سفر الخروج (25:4) قائلاً: “فأخذَت صَفُّورَةُ اَمرأتُه صَوَّانَةً فختَنَتِ اَبنَها ومسَّت بِها رِجلَي موسى وقالت: “أنتَ الآنَ عريسُ دَمِ لي” وأيضاً ذكر بالكتاب المقدس عن يشوع قائلاً:”فصنَعَ يَشوعُ سكاكينَ مِنْ صَوَّانٍ وختَنَ بَني إِسرائيلَ عِندَ جبعَةَ هاعَرلوتَ” (يشوع 3:5).هنا نذكر حقيقة علمية أن عملية الختان كانت عملاً مؤلِماً للطفل ابن الثمانية أيام من عمره.
الخلاصة… أن ختان الطفل يسوع تم بعد ثمانية أيام من الميلاد أي يو(٦ طوبه) طبقاً للتقويم السنة القبطية
كما أن الختان تم في البيت لأن أمه لم تكن قد تطهرت من نفاسها حسب ما ورد بالكتاب المقدس.أما دخول الطفل يسوع المسيح الهيكل فكان بعد أربعين يوم (٨ امشير) بعدما كملت أيام تطهيرها وهناك دخلا به أبواه يوسف ومريم وقدما عنه التقدمة.
وهناك قابلا سمعان الشيخ وحنه النبية بنت فنوئيل.وهنا لابد أن ننتبه ونفرق ما بين عيد الختان وحمل سمعان الشيخ الطفل يسوع،حيث دائما ما يحدث خلط بينهما.
كل عام وأنتم بخير بمناسبة عيد الختان،هذا العيد الذي يتم الاحتفال به في 6 طوبة من كل عام
نطلب من الله سلاما لمصرنا الحبيبة، وللعالم أجمع، في ذكرى ختان الطفل يسوع.