ردا علي الصديق مدحت عويضة في مقاله المنشور اليوم بجريدة الأهرام الكندي بعنوان انتخابات كندا والجالية العربية الكندية
في البداية أود الإشادة بروح التسامح والمواطنة التي تضمنها المقال في توقيت أصبحت فيه هذه القيم والمفاهيم تجد صعوبة بالغة في استيعابها من جميع الأطراف لاسيما ما تعيشه دول المنطقة من حالة استقطاب حاد جدا علي المستويات الدينية والاثنية والعرقية والحقيقة هذا الاستقطاب لا يدع ثمة أمال أو تفاؤل حول مستقبل العلاقات المشتركة بين هذه الكيانات المتصارعة وربما كان نموذج أوربا التي مرت بكل هذه الصراعات حتي تخلصت تماما من الأرث والموروث الثقافي والديني والعقائدي وكأنها حتمية تاريخية أن يتفاقم ويتعاظم هذا الصراع إلي نهايته وبجميع الأحوال جميعا يحتاج وبشده لمثل هذه الروح والعقلية المتضمنة في مقال الصديق مدحت عويضة ولكن يبقي لي ملاحظتين جوهرتين في هذا الصدد أولهما ملاحظة شكلية قد لا تكون مقصودة من جانب كاتبنا وناشطنا مدحت عويضة الا وهي مصطلح الجاليات العربية الوارد تقريبا بالمقال اكثر من خمس مواقع بما فيها العنوان نفسه
الحقيقة نحن لسنا جاليات عربية ولا أحب ولا أود ان يتم الاشارة لي باعتباري فرد من الجالية العربية بكندا نحن جاليات مصرية وسورية ولبنانية وفلسطينة وسوادنية الخ الخ
لكننا جميعا ناطقين بالعربية وجرت العادة في البحوث العلمية الرصينة أن يتم الاشارة لهذه المجموعات بانها الجاليات الناطقة بالعربية
وبالفعل فمن الناحية العلمية والثقافية الأرجح أن يتم الإشاره لهذه المجموعات بإعتبارها الجاليات الناطقة بالعربية في كندا وهذا فرق كبير جدا
فالجاليات العربية تعني ضمنا وتصريحا أننا من الناحية الاثنية والعرقية نحن عرب وهذا غير صحيح بالمرة
وتعني أيضا أننا ننتمي ثقافيا ووجدانيا وعلميا ومعرفيا للثقافة العربية وهذا غير صحيح أيضا
فنحن أبناء ثقافات ومعارف مختلفة ومتنوعة ولا يجب بحكم ما سمي بالفتح العربي أو الغزو العربي كما يحلو للبعض تسميته أن ننتجاهل او نتناسي اغفالا أو عمدا هذا الاختلاف وهذا التنوع ربما مع تحديد المصطلح بشكل أكثر دقة
الجاليات الناطقة بالعربية يعطي مساحات أكثر اتساعا في استيعاب هذا التنوع والاختلاف نفسه ومن ثم ليس كل الناطقين بالفرنسية هم فرنسيين وكذلك ليس كل الناطقين بالأسبانية هم أسبان والأنجليزية والألمانية وهكذا وتأكيد مثل هذا المصطلح من ناشط مثقف ومرموق مثل الصديق مدحت عويضة وجريدة مسئولة كالأهرام الكندي قد يحيلنا الي مناقب الثقافة والتاريخ الأكثر وهجا في ثقافات اندثرت وتم تجاهلها وأهمال عظمتها بسبب ثقافة شبة الجزيرة العربية
ولذلك يجب الدقة في المصطلحات والمفاهيم وأذا لم تتفق معي الجريدة والصديق مدحت في هذا التوجه فلا اقل من انني أؤكد في نهاية هذه الملاحظة أنني لست عربيا فأنا مصري وابن الثقافة المصرية لكني ناطق باللغة العربية
الملاحظة الثانية وهي الصراعات بين الأطياف المختلفة تحدثت وكأنها رأس بلا قدمين فتاريخ هذه الصراعات طويل وما يؤخذ عليك في المقال انك أغفلت أن هذه الصراعات هي انعكاس مباشر وحتمي ولحظي لما يحدث في داخل بلداننا من اضطهاد وتمييز وعنف وقهر وقمع تقوم به السلطات الحكومية والجماعات غير الحكومية ضد الأقليات الدينية او العرقية ولا اخفي عليك اندهاشي من منطق المقال الذي يلوم ويعاقب الضحايا بينما في ذات الوقت أنت من أكثر المؤيدين للجلادين والسفاحين الذين يعمقون ويرسخون لهذه الصراعات بشكل يومي فأنت مؤيد للنظام الحاكم ورأسه في مصر
وهو الذي يضطهد الأقباط ويتواطيء علي حرق كنائسهم وتشريدهم من قراهم ومنازلهم وخطف بناتهم وحرمانهم من الوظائف والمناصب العليا في البلاد والتعامل معهم باعتبارهم مواطنين من الدرجة الثانية وتؤيد كل هذه الممارسات ومن ثم تأتي إلي كندا لتعاقب ضحايا ومظاليم هذه الأوضاع سواء كانوا ضحايا جسدا أو ثقافة فمن ذا الذي يصنع كل هذه الفتن بشكل يومي أنهم السيسي وحسن نصر الله وحميدتي في السودان وحماس في فلسطين والعدالة والحرية في المغرب وأمثله أخري كثيرة وأجمالا أرجو محاولة وضع أقدام لهذه الرأس الشاردة صراعات وفتن طائفية وتمييز ديني وكراهية غير مسبوقة
في تاريخنا فمن المؤكد أنها ستجد صدي قوي وممتد في جميع أصقاع الأرض بما فيها كندا فلا ينسجم يا صديقي تأييدك لأنظمة حكم تزرع وتحصد الفتن والمؤامرت والكراهية كل يوم وتحاسب ضحايا هذه الفتن في الانتخابات الكندية فالمرشحة المذكورة في مقالك هي ضحية أيضا والإسلاميين المتحالفين مع الليبرال هم أمتداد لأنظمة حكم سلفية ووهابية متخلفة وداعمة لكافة أشكال التمييز ضد المسيحيين وضد المرأة وضد الفقراء وضد ذووي الاحتياجات الخاصة وضد الأعراق المختلفة ( النوبة – سيناء ) وكثير منهم عاني من الاضطهاد والتعذيب والتشريد في مجتمعات ديكتاتورية
في الختام أشكالية التعايش والتسامح بين الجاليات الناطقة بالعربية في كندا أشكالية كبيرة وضخمة جدا جدا لاسيما مع نزوح الالاف من دول المنطقة بثقافتهم غير المتسامحة والقائمة علي التمييز والكراهية ولابد وحتما أن يتدارك المجتمع الكندي والمسئولين فيه هذه القنبلة الموقوته قبل أن تنفجر
فزوجتي علي سبيل المثال لم تتعرض لانتقادات في طريقة لبسها او عدم ارتدائها الحجاب في مصر أكثر من هنا في كندا للأسف الشديد الجميع يتعامل مع هذه الإشكالية باستخفاف وسطحية بالغة هذا في حدود الجيل الأول القادم بهذه الثقافة أما عن الأجيال القادمة فكندا تتوهم أنها سوف تعلم هذه الأجيال ثقافة التسامح والمواطنة في المدارس وفي المجتمع وكندا لم تنتبه إلي أن مشروب الكراهية والتمييز يتم تغذيته في المنازل كل يوم كثقافة مضادة او معاكسة ولنا الله جميعا
تحياتي
ناشط حقوقي مصري
كندا – اتاوا
أحسنت سيدى الناشط الحقوقى المصرى الأستاذ حجاج نايل ..كلمات من ذهب ووصف حقيقى دون رتوش ودون تزويق ..حياك اللة .