كتبت : كرستين عوض
بيئة الإعلام في لبنان هي الأكثر حرية في العالم العربي، ولكن يحتاج الاعلام المرئي والمسموع في لبنان الى الرعاية والحماية والتطوير.
فقد لحق به اهمال كبير فوت فرصا عديدة على الاقتصاد اللبناني ،فالاعلام المرئي والمسموع اللبناني يعاني الكثير من المشاكل. والسبب هو تحول بعض المؤسسات الاعلامية المرئية والمسموعة الى متاريس سياسية وطائفية، فهي تبدو متلاصقة بشكل وثيق مع القوى السياسية المحلية والأجنبية الفاعلة على أرضه.
وقد تزايدت في العام الماضي ملاحقات جزائية في قضايا الرأي والتعبير وطالت عددا من ناشطي الفضاء الإلكتروني اعلاميين ومؤسسات إعلامية بجرائم مختلفة ابرزها القدح والذم والتحقير بحق شخصيات عامة في اطار برامج تلفزيونية، ابرزها برنامج كلام الناس الذي يقدمه الاعلامي مارسيل غانم وبرنامج لهون وبس للإعلامي هشام حداد، ويتم بث البرنامجان عبر شاشة المؤسسة اللبنانية للإرسال LBCI.
الاعلام المرئي ( التلفزيون اللبناني ) :
في اكتوبر عام 1954 تقدّم رجل الاعمال لبناني وسام عز الدين ،والكس مفرج ، بطلب لانشاء شركة بث تلفزيوني. وفي شهر اغسطس 1956 تمّ توقيع اتفاق مع الحكومة اللبنانية من 21 مادة، اعطيت بموجبه “شركة التلفزيون اللبنانية” ترخيصاً للارسال التلفزيوني لمدة 15 عاماً.
فانشئت اول محطة تلفزيونية في لبنان عام 1959 باسم “شركة التلفزيون اللبنانية ” في المبنى القائم اليوم في تلة الخياط في بيروت، وقد وضع حجر الاساس له عام 1957 رئيس الجمهورية اللبنانية آنذاك كميل شمعون ، وكانت تبث بلغتين: اللغة العربية فيما عرف “بالقناة 7″ وباللغة الفرنسية فيما سمي بـ”القناة 9” ويعتبر تلفزيون لبنان أول تلفزيون في الشرق الاوسط ، وتم الاحتفال في 28 مايو2009 باليوبيل الذهبي،حيث مضى على تأسيسه خمسون عاما ، وكانت الشركة مملوكة اسهمها بالكامل من القطاع الخاص، مع جهات فرنسية وشركة سوفيرات ضمن دفتر شروط يتيح للدولة اللبنانية الاشراف فقط على الاخبار والبرامج السياسية.
وفي العام 1961 نشأت شركة ثانية من قبل القطاع الخاص ايضا” مع شركاء انجليز وبنفس المواصفات باسم “شركة تلفزيون لبنان والمشرق” ومقرها الحازمية ،بدأ الرسال مايو 1961،وكانت تعرف بـ”القناة 11″ وتبث باللغة العربية .
وبعد تردي الأوضاع الاقتصادية في لبنان بسبب الحرب الاهلية، تم دمج الشركتين نهائياً وسميت الشركة الجديدة “تلفزيون لبنان” بحيث توزعت اسهمه مناصفة بين الدولة والقطاع الخاص ، وحصل تلفزيون لبنان على ترخيص لمدة 25 عاماً، ومنح احتكار البث التلفزيوني في لبنان حتى العام 2012، وبات له مجلس ادارة موحد من اثنين عشر عضواً يعين مجلس الوزراء ستة منهم، ويكون الرئيس المدير العام من بينهم. وبات التلفزيون يبث على اربعة قنوات، هي: 5 و11 و7 و9، حيث خصصت القناة 9 للغة الفرنسية.
وبعد صدور قانون الاعلام المرئي والمسموع الرقم 382/94 واثر الترخيص لعدد من المحطات الخاصة الذي افقدته بنشوئها الحق الحصري الممنوح له لغاية العام 2012 بقانون من الدولة يوم نال الامتياز، اثر ذلك اشترت الدولة حصة القطاع الخاص وباتت منذ العام 1996 تملك اسهم تلفزيون لبنان بالكامـل .
ويوجد في لبنان حاليا عشر محطات تلفزيونية أرضية، وسبعة منها فضائية ، ومن أشهر محطات التلفزة اللبنانية هي تلفزيون المستقبل (Future TV) وألـ أل بي سي (LBCI) وألـ أم تي في (MTV) ، ويشتهر التلفزيون اللبناني بالبرامج الاستعراضية والمسباقات الفنية مثل “سوبر ستار” وبرامج “ستار أكاديمي “الذي تم تقديمه بعد ذلك علي قناة cbc” ” المصرية ،والذين يجذبان مشاهدين من كل العالم العربي. بالإضافة إلى تقديم برامج ثقافية .
وصنعت تلفزيون لبنان نجوما كبارا أصبحوا رواداً في عالم المرئي مثل “فيروز” و”الأخوين رحباني” و”سميرة توفيق” و”نجيب حنكش” و”منير معاصري” و”نضال الأشقر” و”انطوان كرباج” و”رضا كبريت” و “سمير شمص “و “عبد المجيد مجذوب”وغيرهم.
انجازات التلفزيون اللبناني :
1- هي المؤسسة التي أسست للإعلام المرئي في لبنان، محققة سبقا ،عربيا ،وإقليميا.
2- مجموعة كبير من الفنانين اللبنانيين في كافة قطاعات الإبداع أطل على الجمهور اللبناني ومن ثم العربي من خلال شاشتها.
3- التأسيس لبعض ما يحدث الآن (بعد مرور50 عاماً) على الكثير من شاشات المحطات الكبرى, (برامج إكتشاف الهواة على سبيل المثال) فأول ما عرض على شاشة تلفزيون لبنان في برنامج تحت عنوان “الفن هوايتي” كان المشرف عليه المرحوم رشاد البيبي.
4- كثير من وجوه المسرح الذين أسسوا الحركة المسرحية اللبنانية الحديث كانت بداياتهم من على شاشة تلفزيون لبنان.
5- حتى البرامج ال “توك شو”، التي تغطي الآن معظم الشاشات العربية بدأت من على شاشة تلفزيون لبنان، على سبيل المثال برنامج “سهرة مع الماضي”، الذي كانت تقدمه الإعلامية المصرية هند رستم .
6- تراكم أرشيف قد لا يوازي قيمة أي أرشيف تلفزيوني آخر حتى عربيا”. هذا بعض من الإنجازات التي تحققت والتي قصمت الحرب الأهلية اللبنانية ظهرها وأوقفتتطورها وأفسحت المجال للقطاع الخاص ببناء مؤسسات باتت هي في طليعة الإعلام المرئي.
إنتقلت محطات البث التلفزيوني الرئيسية في لبنان إلى البث الفضائي في وقتٍ متأخر نسبياً عام 1996، في الوقت الذي كان فيه الجمهور اللبناني قد تعرّض لمحتوى البث الفضائي من جميع أنحاء العالم لعدة سنوات. من ناحيةٍ أخرى، سرعان ما تبنت وسائل الإعلام في البلاد تكنولوجيا الإنترنت، المتاحة في لبنان منذ عام 1994، حيث بدأت ثلاث صحف يومية لبنانية بنشر المحتوى على الإنترنت عام 1996، وأصبح هناك حوالي 200 موقع إلكتروني إخباري بحلول عام 2002.
الإعلام المسموع ( الاذاعة اللبنانية ) :
أنشئت الإذاعة اللبنانية عام 1938 في عهد رئيس الجمهورية اللبنانية الراحل إميل إده باسم “راديو الشرق” ومركزها في مبنى السراي مركز رئاسة الحكومة سابقا ووزارة الداخلية حاليا. كان الأستاذ ألبير أديب أول مدير إذاعي للقسم العربي ومعه عين الشاعر الكبير سعيد عقل مذيعا باللغة العربية.
وفي ابريل 1946 تسلّمت الحكومة اللبنانية الإذاعة من الفرنسيين بموجب بروتوكولات رسمية في عهد الرئيس الشيخ بشارة الخوري وألحقت بوزارة الأنباء والسياحة تحت اسم محطة “الإذاعة اللبنانية “وعين الأستاذ محمد صبرا مديرا للدعاية والنشر والإذاعة.
وضع الحجر الأساس لدار الإذاعة اللبنانية الكبرى في محلة الصنائع في كانون الثاني 1958 في عهد الرئيس كميل شمعون، حيث تولت شركة سيمنز الألمانية تنفيذ مشروع الإذاعة الذي يضم 7 استديوهات ومكتبة تسجيلات ومحطة للإرسال في عمشيت.
جهزت الإذاعة بتجهيزات جديدة قامت بتوريدها وتركيبها شركة شتودر السويسرية، وقد تمّ حفل تدشين هذه الأستديوهات وبوشر العمل فيها في عهد الرئيس إميل لحود عام 2007. وهي تعمل على موجتين 98,1 و .FM 98,5.
وتعد من أقدم محطات الإذاعة العربية. تتألف الإذاعة من قسم عربي وقسم البرامج الغربية الذي يبث باللغات الفرنسية، والإنكليزية، والأرمنية، والأسبانية والبرتغالية، وهي تتبع اليوم وزارة الاعلام. تمتلك الإذاعة اللبنانية في مكتبتها عشرات آلاف التسجيلات من برامج مختلفة تؤرشف تاريخ لبنان الحديث، إضافة إلى مواد موسيقية وغنائية ومسلسلات نادرة.
أما مكتبة التسجيلات الموجودة في إذاعة لبنان، فتعتبر من أهم المكتبات الإذاعية في الشرق الأوسط حيث تحتوي على آلاف البرامج والتسجيلات الموسيقية والغنائية لكبار الفنانين والمطربين اللبنانيين والعرب والأجانب الذين مرّوا في تاريخها الذهبي وسجلوا في استديوهاتها، وتركوا بصماتهم عبر أثيرها.
ويوجد في لبنان عشرات المحطات الإذاعية الخاصة، التي تبث الأخبار أو المحتوى السياسي هي : ” صوت الغد، صوت لبنان،
صوت لبنان الحر، صوت المدى ، راديو أورينت ، راديو لبنان ” .
وتقسم المحطات الإذاعية إلى ثلاث فئات:
الفئة الأولى هي التي يسمح لها ببث الأخبار السياسية. ومعظم هذه الإذاعات تتبع جهات سياسية أو طائفية.
الفئة الثانية هي التي تبث البرامج الفنية فقط.
الفئة الثالثة هي إذاعات (إف أم FM)التي يغطي بثها بضعة كيلومترات مربعة.
وسائل التواصل الاجتماعي في لبنان :
تحظى وسائل التواصل الاجتماعي بشعبية كبيرة في لبنان. ومع ذلك، تشير البي بي سي إلى أن سرعة الإنترنت بلبنان “بطيئة بشكل كبير،” مما يعني أن تطبيقات الرسائل البسيطة هي الأكثر استخداماً.
وتعد لبنان من الدول العربية الأكثر نشاطا على مواقع التواصل الاجتماعي وبشكل خاص “فيسبوك” و”تويتر”، فلم تعد الأحداث والجرائم، حكراً على نشرات الأخبار والبرامج. فتأثير الحدث، فرض على الدولة تواجداً فعالاً لها على تلك المواقع، لخلق مساحة من النقاش والتفاعل، كونها جزءا من المجتمع.
يتم استخدام منصات وسائل التواصل الاجتماعي بشكل متزايد كوسيلة للنشاط الجماعي وتنظيم الحملات في البلاد. وفي عام 2015، وفي الاحتجاجات على سياسة الحكومة غير الملائمة للتخلص من النفايات في بيروت، إنتشرت حملة “طلعت ريحتكن” التي أطلقها المواطنون، عبر عدد من المنصات. وبحلول فبراير 2017، حظيت صفحة طلعت ريحتكن الرسمية على الفيسبوك أكثر من 220 ألف متابع، ونمت حركة الاحتجاج لتتطرق لعدد من القضايا المتعلقة بالفساد وعدم الكفاءة بين النخبة السياسية في لبنان. ومع ذلك، فقد أبدت الحكومة تساهلا محدودا تجاه الحركة، فقد تم محاكمة 14 مدنيا في محكمة عسكرية في يناير 2017 بسبب مشاركتهم في احتجاجات طلعت ريحتكن عام 2015 في ساحة الشهداء.
وتقدر منظمة فريدوم هاوس أن 50 موقعا على شبكة الإنترنت قد تم حجبها في لبنان في عام 2015، إذ كان معظمها مواقع إسرائيلية أو تحتوي على محتوى يتعلق بالإباحية أو الدعارة أو المقامرة. وبشكلٍ عام، يسمح للمواقع الإخبارية على الإنترنت بالعمل دون رقابة، على الرغم من أن الحكومة تصدر أحياناً طلباتٍ لإزالة المحتوى، والذي يتم عادةً بالإشارة إلى قانون التشهير.