كتب: مدحت عويضة
خبر صادم ومخزن تلقيته برحيل أبونا مرقس عزيز، بكيته وبكاه معه الملايين من أولاده في شتي بقاع الأرض، رجل من الزمان الجميل صعب تعويضه ، وصعب أن يملئ أحد الفراغ الذي تركه، الفيلسوف اللبق المثقف العالم بكل كبيرة ، وصغيرة تحدث في بلادة، الجسور الشجاع الذي لا يهاب أحدا ولدية القوة ليقول كلمة الحق في أي مكان وزمان، الذي كان معلما وملهما ، وتربي علي يديه شجعان وطنيين مخلصين أحبوا بلادهم وأحبوا كنيستهم أتشرف بأنني واحد من هؤلاء الذين تعلموا الشجاعة والجرأة من هذا العظيم.
كنت أتابع ظهوره علي شاشات التلفزيون واستمع لكلماته ويدهشني دفاعه عن الحق بجسارة لم نتعودها، تسحرني عباراته، وكلماته وكأنها نغمات من الموسيقي الراقية الرائعة.
في أحد المرات كنت أشاهد له حلقة مسجلة علي اليوتيوب قبل هيصة القنوات الفضائية، وأذ به يقرأ مقال من مقالاتي وهو في الاستوديو ويسرد قطعة كاملة، لم أصدق آداني جريت لأحمل بنتي مارينا التي لم تكن تتعدي العام في ذلك الوقت تغمرني السعادة ! أتحدث إليها أسألها أتسمعين ما يقوله أبونا مرقس أنه يقرأ مقالي أكيد لم تفهم ما أقول ولكنها كانت تبتسم لسعادتي المفرطة!
لقد أعتبرت قراءة بعض الكلمات من مقال لي علي فم الأسد أبونا مرقس هي أعظم وسام وأعظم شهادة لي وشئ لا أستحقه.
دفع القمص مرقس عزيز ثمنا باهظا لدفاعه عن أولاده الأقباط، فلم أرض الوطن الواسعة لم تطيق وجوده ولم يستطيع الظلمة تحمل جرأءته، فصدر قرار غير معلن بنفيه، وتم نفيه هو وأسرته خارج الوطن وجاء إلي الولايات المتحدة والشئ الذي سبب لنا ألما كبيرا أن قياداتنا لم تكن رحيمة به فتم وضعه في كنيسه صغيرة لا يتعدي شعبها بعض الأسر.
مع صحوة القنوات الفضائية وظهور القنوات المسيحية واصل نضاله وأشعل حماس الكل وشجع الجميع ليس بكلامه وكتاباته فقط، بل كان له علاقة خاصه بكل واحد من أولاده يتصل بنا واحد واحد يحسنا علي تكملة المشوار، يغضب جدا عندما نتخلي في كتاباتنا وأقوالنا عن تعاليم كنيستنا، ويقول قضيتنا قضية طاهرة لا ينبغي أن نستخدم لفظا خارجا عن تعاليمنا، في كل عيد أتلقي اتصال هاتفيا منه، وعندما نغيب فترة يسأل علينا ليحسنا للعودة لنشاطنا.
له ألاف المقالات وألاف الساعات التلفزيونية المصورة التى كان يدافع فيها عن أولاده ولم تصدر منه مرة واحدة كلمة نابية ولم يستطيع أحد أن يمسك عليه غلطة واحدة.
ياله من حكيم ! مملوء من روح الله.
أضطهد كسيدة لينال أكليل الإضطهاد ويفضل أن يذل مع شعبه من أن يكون منافقا ويتنعم برضاء الدولة وقياداته. هاجر وهو مرغم علي ترك وطنه بعد الستين من عمره، ومع ذلك لم يشتكي ولم يتزمر ولم يتكلم عن إضطهادة بل كان يحسبه فرحا وأكليا جميلا وهدية من الله لا يستحقها، كان يدافع عن كل المظلوم ولم يدافع عن نفسه يوما ياله من قديس عظيم.
رحيل مرقس عزيز منفيا ودفنه في أرض غريبة هو وصمة عار علي الوطن وعلينا وستظل عالقة بنا ولن يرحمنا التاريخ عليها، وهي رسالة لأولاده لتكملة المسيرة فلو يقيس كل واحد فينا المتاعب التي تحدث له مقابل ما حدث لمرقس عزيز لشعرنا بأننا ولا شئ ولخجلنا من أنفسنا.
أمتداد مدرسة مرقس عزيز رسالة للطغاة والمنافقين أن نور الشمس لا يطفئ وكلمة الحق قادرة علي أن تؤتي ثمارها مهما حاول الجبابرة وعديمي القلوب.
أبونا مرقس عزيز أو أبويا كما كنت أناديه، نعم لك أيها العبد الصالح والأمين، مبروك عليك الفردوس لقد أرتحت من الظلم والظلمة، وجاء الوقت لتجني ثمرة تعبك من أجل أولادك وتنعم بالنعيم الأبدي الذي أعد لك ولآمثالك.
عذائي لبناته ولعائلته التي تحملت معه تعب شهادة الحق، وعذائي لكل تلاميذة ومحبيه في العالم كله، لقد خسرنالك معلما وملهما وقائدا ولكن كسبناك شفيعا تشفع لنا أمام العرش ليعينا الله كما أعانك ولنكون أمناء كما كنت أنت أمينا ألي المنتهي فألي اللقاء أبويا الغالي.