وليد وصفي
أصدر مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء المصرية، تقريرًا تناول فيه الحديث عن تصاعد جماعة أنصار المسلمين في بلاد السودان “أنصارو” بنيجيريا، حيث أوضح التقرير أن هذا التصاعد يأتي في الوقت الذي تعاني فيه غرب أفريقيا من اضطرابات عنيفة تسببها الجماعات الإرهابية المنتشرة هناك سواء المنتمية إلى “القاعدة” أو تلك المبايعة لتنظيم “داعش”.
وأشار التقرير إلى أن هذه الجماعة أعلنت عن ظهورها في إصدار مرئي تحدث فيه أحد قادتها عن شن حرب ضد المصالح الغربية في جميع أنحاء العالم من أجل “نصرة الإسلام والمسلمين”، وذلك في يونيو 2012 وتتشابه الأيديولوجية الفكرية لهذا التنظيم مع أيديولوجية تنظيم “القاعدة” وتحديدًا “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي”، في حين تشير تقارير أخرى إلى أن هذا التنظيم هو جزء من جماعة “بوكو حرام” وأن هناك تنسيقًا بينهما. وتقول هذه الجماعة إنها تسعى إلى استعادة “الكرامة المفقودة” لخلافة الإمبراطورية الفولانية المسلمة التي كانت قائمة حتى عام 1804 ويتزعمها “عثمان بن فودي” وكانت تضم شمال الكاميرون وشمال نيجيريا وجنوب النيجر واستمرت حتى الاستعمار البريطاني والفرنسي للقارة الأفريقية.
وذكر التقرير في بيانه أن هذه الجماعة دخلت في صدام مع جماعة “بوكو حرام” خاصة في إطار الغلو في القتل الذي تتبعه الأخيرة، حيث أشارت في عام 2014 عبر إصدار مرئي إلى أن “الإسلام يحرِّم قتل المسلمين الأبرياء”، وأنها تركز عملياتها على استهداف الأجانب في البلاد. وبالرغم من أنها أعلنت عن رفضها قتل الأبرياء المسلمين فإنها تسببت في قتل عدد كبير من المواطنين النيجيريين، حيث أعلنت عن مسئوليتها في 25 يناير 2013 عن استهداف رتل عسكري كان متجهًا إلى مالي أدى إلى سقوط عدد كبير من القتلى كان من بينهم مدنيون. وتشير تقارير إلى أن هذه الجماعة قد تلقت تدريبات على أيدي عناصر حركة الشباب المجاهدين الصومالية في شرق أفريقيا، ويعد “مامان نور” أحد الأشخاص الذين شاركوا في تشكيل هذه الجماعة، وكان على علاقة قوية بحركة الشباب إلى جانب الدعم والتدريبات التي تقدم من القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.
وأوضح المرصد أن الجماعة عام 2015 حاولت تجنيد عدد كبير من الشباب النيجيريين بهدف إرسالهم للقتال في سوريا والعراق، ونجحت السلطات الأمنية في التصدي لذلك، ومنعت عددًا كبيرًا من الشباب للسفر إلى هناك بعد أن ثبتت علاقتهم بشخصيات متطرفة تابعة لهذه الحركة، وكان التنظيم في ذلك الوقت يقوم بإصدار التأشيرات ووثائق السفر المطلوبة لعناصرها، وفي يناير من عام 2016 تمكَّنت السلطات الأمنية من القبض على شخص يدعى “عبد السلام إينسي” المسئول عن عمليات تجنيد الشباب لدى الحركة من أجل إرسالهم للقتال بسوريا والعراق، وألقي القبض على زعيم التنظيم في أبريل من نفس العام ويدعى “خالد البرناوي”. وفي يناير 2017 نشرت إحدى المنصات الإعلامية التابعة لتنظيم القاعدة مقالًا لزعيم التنظيم الجديد “أبو أسامة الأنصاري” يهاجم فيه تنظيم بوكو حرام ويؤكد تبعيته للقاعدة فكريًّا وأيديولوجيًّا، وقد أدرجتها الولايات المتحدة على قائمة المنظمات الإرهابية إلى جانب الأمم المتحدة.
وقال البيان: إن هذا التنظيم بعد أن اختفى عن الساحة لفترة ليست بقليلة عاد مرة أخرى للظهور، حيث تشير تقارير إلى أنه يسيطر على مساحات شاسعة في شمال نيجيريا ويحاول التمدد عبر مساحات أخرى خارج الحدود النيجيرية، وبدأت قواته تتزايد مع مطلع عام 2019، ويرى البعض أن جماعة “بوكو حرام” في الفترة الأخيرة تلقَّت عددًا من الضربات التي أثرت على انتشارها وبدأت تجري عمليات خاطفة على بعض المناطق والقرى الحدودية البعيدة عن قوات الأمن، ويربط هؤلاء بين هذا التراجع والصعود الذي شهدته جماعة “أنصارو” بالإضافة إلى الانخفاض في عدد الوفيات التي سجِّلت جراء العمليات الإرهابية التي نفذها عناصر “بوكو حرام” من عام 2015 حتى نهاية 2018؛ إذ انخفض العدد من 11500 حالة إلى 2700 حالة وفاة.
وذكر المرصد أنه من بين العوامل الأخرى التي تساعد هذه الجماعة على الظهور أن غالبية المجتمع النيجيري لا يعرفها مثل جماعة بوكو حرام؛ ولذلك تمثل عودتها إلى الساحة توسيعًا من نطاق التطرف والعمليات الإرهابية في نيجيريا، ومن المحتمل أن تزيد الجماعة من عمليات خطف الأجانب في البلاد، كما أنها قد تزيد من عملياتها في المناطق الشمالية للبلاد مثل مناطق يوبي وباوتشي، وقد يمتد التهديد إلى شرق البلاد حيث قد تزيد من الهجوم على المؤسسات الحكومية والأمنية، وقام التنظيم في يناير 2019 بتنفيذ خمس عمليات إرهابية نُفذت في نيجيريا مما يشير إلى تصاعد التنظيم.