الأحد , ديسمبر 22 2024

اتجاه برلماني لحبس المتزوج عرفيا لمدة عام كأقل عقوبة ..

 

تعد قضية الزواج العرفي إحدى القضايا الاجتماعية التي تحتاج إلى وقفة، بعد أن أصبحت لها تداعيات خطيرة، سواء على النشء أو على النسيج المجتمعي بشكل عام، ولعل من يرصد حجم القضايا والحوادث، بل والجرائم الناتجة عن الزواج العرفي، سيكتشف حجم القضية وتداعياتها المخيفة.

 وتعد التحركات البرلمانية في مواجهة الزواج العرفي إحدى الأدوات التشريعية التي تتصدى لهذه الظاهرة.
 
تقول الدكتورة آمنة نصير، أستاذ الفلسفة والعقيدة، إن الزواج العرفي “أحد أشكال التخلص من مسئولية الزواج، ولا شك أنه يُضيع حقوق المرأة والأبناء، ولهذا جاءت فكرة تشريع قانون خاص بالزواج العرفي”.

وأوضحت أنها بصدد إعداد تشريع بشأن ضبط عملية الزواج بالضوابط الشرعية، ومعاقبة الخارجين على نطاق الزواج الرسمي أمام المأذون، وأن المسئولية الأولى داخل هذا التشريع “ستقع على الشاب المتزوج عرفيًا بحبسه عامًا على الأقل”.

وعن سبب توقيع العقوبة على الشاب فقط بالرغم من أن الفتاة تشاركه هذا الزواج، قالت نصير إن “الشاب هو المُغري الأول للبنت التي دائمًا ما تكون الجانب الأضعف والتي يُغريها حلو الكلام، ويكفيها في الأخير أن تكون الضحية، لأن الولد يأخذ ما يُريد ثم يتركها”، مستشهدة بمثال حي: “أحد الرجال ترك البنت وسافر خارج مصر دون أن يعترف بزواجه رسميًا أو يُطلقها، وللأسف تبيّن أنهاحامل ،  وهنا أتساءل: أين مستحقات الطفل القادم وما مصيره؟ لذا سيتضمن مشروع القانون الجديد الذي أقوم بإعداده حاليًا تحميل المسئولية للرجل، ومن ثم توقيع العقوبة عليه، لأنه هو الذي بيده ناصية الزواج وناصية الإغراء”.

وأشارت نصير إلى الأسرة المصرية، فقالت إن عليها جزءًا من المسئولية تجاه الشباب، حيث “المغالاة في المهر وإعدادات الزواج أو جهاز العروسة، فنجد بعض الأُسر يطلبون أرقامًا مبالغ فيها من الأجهزة الكهربائية والمفروشات والملابس وأدوات المطبخ، فضلًا عن أمور كثيرة يتعنت الأهل في إيجادها ولم يكن لها استخدامات ضرورية في الحياة اليومية، وهو ما يُشكل عبئًا ثقيلًا على عاتق الشاب الذي هو في بداية طريقه وقد لا يجد دعمًا ماديًا من أحد فيدّخر كل ما يستطيع من أجل توفير متطلبات الزواج، إلا أن مغالاة الأهل في المهر وجهاز العروسة يًكبّل ساعديه ويضطره إلى أحد الطرق التالية: يلجأ للزواج العرفي أو ينحرف أخلاقيًا وقانونيًا ويسرق أو يصرف النظر عن الزواج”.

وطالبت الأهل بالإشفاق على الحالة المادية للشباب، “تحقيقًا لسنة الرسول صلي الله عليه وسلم حيث قال: إذا جاءكم من ترضون دينه فزوّجوه إلا تفعلوا يكُن فساد عظيم”. مضيفة أن “مغالاة الأسرة في مطالب الزواج جعلت بعض الشباب يذهبون للزواج العرفي حتى لا يتحملون مسئولية مطالب الأسرة… أرجو من الأسر أن تستيقظ وتعي أن الزواج ليس صفقة تجارية بل صفقة إنسانية” مشددة على اختيار من “يُحسن معاشرة البنت ويكون رفيقًا بها، فالزواج لم يكن بعدد الغرف وارتفاع المهر والمؤخر، وإنما بالاختيار الصحيح للزوج الذي يٌقدر قيمة البنت ويتعهد بصونها وتحمل مسئوليتها دون تقصير أو تقليل من شأنها، وعلينا أن نستخدم البساطة في الزواج حتى نحجب الشباب عن الذهاب إلى طرق غير شرعية للاحتيال على بناتنا والتمتع بهن من وراء ستار”.

ووجهت نصير رسالة إلى الفتيات قائلة: “أوصي البنات بألا يُغريهن أي قول بعيد عن حقوقهن القانونية في حماية هذا الزواج وثماره، مهما كانت الإغراءات من الوعود البرّاقة التي لا تراها في لب القانون الذي يحميها”، مؤكدة أن التشريع الجديد الذي تعمل على الانتهاء منه حاليًا لصالح الفتاة: “هو حماية للبنت من ضعفها أمام الولد ورادع له في الوقت ذاته”.

يقول الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه والشريعة الإسلامية، إن ما يسمي الزواج العرفي يليه أنواع وصور كثيرة، و”لكلٍ حكمه، فلا يجرؤ إنسان أن يعطي حُكمًا عامًا سواء أنه حلال أو حرام”.

ويوضح أن “العرفي هو كل اتفاق أو عقد بعيدًا عن محررات ووثائق الدولة الإسلامية، فمثلًا عقود بيع العقارات إذا سُجّلت في سجلات الدولة صارت عقودًا رسمية، وإذا كانت بالتراضي أو في أوراق عادية تصبح عرفية”.

ويضيف أستاذ الشريعة: إذا أُريد بالزواج العرفي ما استكمل الأركان والشروط ولكن لم يُسجل في وثائق الدولة  لأي اعتبار مثل ما يقع في الريفأو الصعيد أو البدو أو اتّقاء مشاكل معينة فهذا الزواج صحيح، لأنه يُحكم بصحة العقد في الفقه الإسلامي إذا استجمع الأركان والشروط، فإذا حصل إيجاب وقبول بين طرفي العقد وتسمية المهر أو الصداق والشهود والإعلان والولي عند جمهور الفقهاء هذا زواج صحيح تمامه وكماله التوثيق كعمل إجرائي إداري، لا يؤثر على صحة العقد، وهكذا كان الزواج منذ عصر النبوة إلى الآن في مجتمعات كثيرة”.

يتابع: إذا كان القصد من العرفي علاقة سرية فاقدة للأركان والشروط فهذا زنا، ويجب معاقبة الطرفين بعقوبة الزنا في الشريعة الإسلامية وهي رادعة لقول الله تعالي: “فاعتبروا يا أولي الأبصار”.

وعن مشروع القانون الجديد الذي تستعد الدكتورة آمنة نصير لتقديمه إلى البرلمان بهدف معاقبة الشاب المتزوج عرفيًا بالحبس لمدة عام، قال كريمة “تعميم الحكم وإطلاقه والخلط بين المشروع وغير المشروع يُعد تعسفًا”، مؤكدًا أن “الزواج إن اكتملت اركانه عدا فقط ركن التوثيق في الشهر العقاري يُعد زواجًا حقيقيا وشرعيًا ولا يجوز معاقبة أي من الزوجين حينها، أما إذا كان سريًا دون علم الولي وإشهار ذلك فلا يُعد زواجًا في الأساس، وإنما علاقة سرية يجب معاقبة الزوجين حينها معاقبة الزنا… هذا الزواج يجب أن يُقنَّن.. أرى إعادة المحاكم الشرعية لتختص بالأحوال الشخصية وفقه الأسرة”.

ويبرهن أستاذ الفقه والشريعة على ما سبق بقول الله تعالي: ” فانكحوهن بإذن أهلن”، لافتًا إلى أن “الأهل هنا… المقصود بهم ليس فقط الأب أو الأم وإنما الخال أيضًا أو العم أو الأخ أو الأقارب من الدرجة الأولى على الأقل”، مؤكدًا أن “من يتزوج من فتاة دون علم وليّها أو أحد أقاربها من الدرجة الأولى وإشهار هذا الزواج فهو شخص يحتال على علاقة آثمة تحت غطاء وهمي عرفي بعيدًا عن الولي والمهر والشهود”.

تؤيد سامية الخضر، أستاذ علم الاجتماع، مشروع القانون الذي يقضي بعقوبة الشاب المتزوج عرفيًا بالحبس لمدة عام، قائلة في تصريحات لـ”بوابة الأهرام”، إن “المجتمع بلا قوانين يتحول إلى غابة، ويذهب كل فرد فيه إلى فعل ما يرغب”.

وأشارت إلى الثقافة، قائلة: يجب قبل العمل بهذا القانون الجديد توعية كافة أفراد المجتمع به وبالهدف من تشريعه وبالعقوبة التي يتضمنها… يجب توضيح هدف القانون والعقوبة التي ينص عليها من خلال المؤسسات التعليمية والتجمعات الشبابية والمصانع وغيرها من الأماكن التي تشهد تجمعات سواء للطلبة أو العاملين في الدولة”.

وعن الحد من ظاهرة الزواج العرفي التي تتزايد، تساءلت أستاذ علم الاجتماع عن دور المجلس القومي للمرأة في مواجهة ذلك، من خلال شن حملات توعية للفتيات في المؤسسات التعليمية وأماكن العمل بقيمة الزواج الرسمي ومخاطر الزواج العرفي النفسية والاجتماعية، فضلًا عن القانونية، حيث يُهدر جميع حقوقها: “أين دور المجلس القومي للمرأة في حماية الفتيات من الزواج العرفي؟”

وفي السياق ذاته، أضافت أن الجمعيات الأهلية  والنسائية والمجتمع المدني والأحزاب “كلٌ له دور في نشر الوعي المجتمعي بمخاطر الزواج العرفي والأضرار التي تلحق بالفتاة والأسرة والمجتمع أيضًا من خلال تكدس قضايا إثبات النسب داخل محكمة الأسرة، والتي تنتقل خلاله الفتاة أعوامًا بين المحاكم للحصول على شهادة ميلاد رسمية في حالة إنجابها من هذا الزواج، حيث الغالبية من الرجال يُنكرون علاقتهم بالفتاة بعد حملها”.

شاهد أيضاً

كندا

ليبراليون يؤيدون ترشيح كريستيا فريلاند خلفا لترودو بعد استقالتها من منصبها

الأهرام الكندي .. تورنتو بعد استقالة كريستيا فريلاند من منصبها كمنصب نائب رئيس الوزراء ووزير …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.