الخميس , أغسطس 15 2024
ماريا ميشيل
ماريا ميشيل اخصائية نفسية

الاكتئاب بعين الحضارة الفرعونية

 

قديم الايام منذ الانسان مجلوب،، تاريخ ميلاده بعيد يرجع لبدء اول الشعوب،، و منذ ان تأخذ عواصف الضغوط فى الهبوب،، يبدأ ان يسكن فى النفس و القلوب،، و معه الحزن و التشاؤم مصحوب،، فى ممرات الوجدان يجوب،، و ما ان تحل ريحه فى مكان الا و تبعث معها غم غير مرغوب،، و عن اولى حالات الاكتئاب سردت لنا قصاصات الاوراق تاريخه كشاهد مكتوب،، على انه ليس للتقدم و الحداثة مندوب،، و لا حكر لعصر ملئ بالعيوب،، بل معدل زيادته يرتفع مع تعقد الحياة و هموم الضروب،، فنرى الحياة باهتة بقتامة لون الغروب،، و رأت الحضارة الفرعونية سببه يرجع لامر غامض سره محجوب،، او رهن لعالم الارواح و السحر الملئ بالغيوب،، و حاولوا ان يعالجوه ليغادر النفس و يفر بالهروب،، و ان كانت محاولات تفسير اسبابه و علاجه بدائية بها العديد من الثغرات و الثقوب،، الا انها الدفعة الاولى التى انطلق منها صاروخ العلم الى ان بلغ المرجو منه و المطلوب، و الان هيا نرجع لنقطة البدء و نرى الاكتئاب بعين الحضارة الفرعونية القديمة

الاكتئاب ليس بدعة وليدة العصر الحديث او انه نتيجة لتعقد الحياة و التطور السريع بل انه قديم بقدم الانسان منذ العصور السحيقة … لكن فى كل عصر له سمات المميزة
و هذا ما برهنت عليه البرديات الفرعونية… بخبراتهم مع مرضى الاكتئاب

حيث تعتبر بردية ابرز (1600 ق.م)
اضخم وثيقة طبية فرعونية … ذكرت العديد من الاعراض النفسية و العقلية .. و فى الجزء الرابع منها (كتاب القلب) تطرقت الى وصفات تفصيلية لحالات الاكتئاب

و وصفوا الاكتئاب فى كثير من الروايات .. منها الاتى 
زوجه توصف حال زوجها ” لقد رفع ملابسه و رقد , لا يدرى اين هو… اما زوجته فممدت يدها تحت ثيابه و قالت ” يا اخى لا اشعر بالحمى فى صدرك او اطرافك و لكنه الحزن فى قلبك “

.. و ايضا مقتطف اخر يعكس اليأس و التشاؤم فى اظلم اشكاله 
“الان ..الموت بالنسبة لى كالصحة للمريض, كرائحة زهرة اللوتس, كرغبة الرجل فى ان يرى داره بعد سنوات من الاسر”
و تحت هذة الملاحظات و المدونات … نجد ما تم ذكره من مظاهر و اعراض فى هذة الروايات نطلق عليه اليوم فى عالم الطب النفسى مسمى الاكتئاب 
و بذلك يمكننا القول ان مصر القديمة توصلت الى مفهوم الاكتئاب كما نسميه فى عصرنا هذا
و ارجعوا الاكتئاب و الاعراض النفسية الى الاتى

اسباب وعائية دموية,حزن فى القلب فالقلب عند الفراعنة مركز و مربط الشخصية و الامراض النفسية , التلوث, اسباب غامضة يشيروا اليها فى البرديات ب “أ- أ-أ”
و احيانا يفسروها بعوامل تعود الى مسائل شيطانية او روحانية

و كانوا فى علاج الاكتئاب يستندوا على العلاج الجسدى و النفسى مستخدمين السحر و الدين و الاعشاب و النباتات

كثيرا ما نظن اننا فى زمان مشؤم متفردين بما نعانيه بكأبتنا و احزاننا اكثر من اى عصر سالف و لكن لكل اوان صعوباته و تحدياته اذا جسمت بثقلها على الانسان تفجر منابع الاضطراب النفسى فالبينان النفسى للانسان واحد منذ بدء الخليقة الى الان… المرض النفسى نشأ منذ وجود الانسان ككيان غامض و لكن بتطور الايام ترجمت شفراته المعقدة عرفنا سماته و وضعنا له عنوان .

اخصائية نفسية
ماريا ميشيل 
mareya2000@hotmail.com

شاهد أيضاً

الدكتور عماد فيكتور سوريال يتحدث من خلال الجزء الثالث للأحوال الشخصية عن المرأة

23 رِيحُ الشِّمَالِ تَطْرُدُ الْمَطَرَ، وَالْوَجْهُ الْمُعْبِسُ يَطْرُدُ لِسَانًا ثَالِبًا. 24 اَلسُّكْنَى فِي زَاوِيَةِ السَّطْحِ، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.