أنا مع حرية الدراما، ومع ارتفاع سقفها، ومستعد لقبول مناقشة وعرض أى فكرة فى المسلسلات، ومنع الوصاية عليها، لكن بشرط أن تكون تلك الحرية غير محصورة، وليست إكسكلوسيف لطائفة أو طبقة أو جنس، من ضمن تلك الموضوعات زواج المسيحية من مسلم أو التشجيع عليه فى الدراما، والاحتفاء به كنصر مؤزّر وفتح مبين وغزوة مباركة، كما حدث فى مسلسل «ألوان الطيف»
أخيراً والسؤال: هل العكس من الممكن أن تعرضه وتناقشه الدراما المصرية بنفس الأفق المفتوح والصدر الرحب؟
هل مسموح أن يقوم منتج أو يكتب سيناريست أو يصوّر مخرج زواج مسيحى من مسلمة فى مسلسل درامى رمضانى أو حتى شعبانى؟! لأننا فى الدراما نعرض واقعاً ولا نشجع أو نحرّض على سلوك، لذلك لا بد أن نعرض الواقع بكل زواياه وأبعاده وليس بانتقائية وغرض، سينطلق الرد الهستيرى بحنجرة دولبى سيستم
مع صدى صوت محمد الطوخى فى الصوت والضوء، هذا حرام وكفر وإنكار لما هو معلوم من الدين بالضرورة
والسؤال: هل لا بد أن تخرج الكنيسة ببيان أو يقدّم المسيحيون عريضة يقولون فيها إن ما يحدث من ارتباط بين بناتهم وديانات أخرى أو مذاهب أخرى فى نفس الدين حرام من وجهة نظرهم حتى يتم المنع؟
ونظل أسرى معركة الحرام هنا وهناك، هل الحرام حلال قبوله من هذا وحرام قبوله من ذاك؟
بالطبع الزواج المدنى هو الذى سيحل كل تلك المشكلات على أرض الواقع، لنستريح من تلك المعارك العاطفية الدينية، وهذا ما لا بد أن يحدث فى أى دولة مدنية متحضرة لا تخضع لسلطة رجل الدين، لكنى أتحدث عن اللحظة الراهنة وأعرض أسئلة عصف فكرى تحتاج إلى إجابات محددة، وليس إلى مراوغات ملتفّة من أمثال الجملة الخالدة:
«نحن نحافظ على الكتابيات لكنّ الكتابيين لن يحافظوا على بناتنا!»، يعرضونها ونسمعها ونقتنع بها وكأنهم يخبروننا بأن الماء يتكون من أكسجين وهيدروجين!، كأنها حقيقة اختُبرت فى المعمل ونشرتها «الناسا»، لكن ماذا عرض مسلسل «ألوان الطيف» الذى لم يكن الأول ولن يكون الأخير؟
فهناك مسلسلات كاملة تقوم على نفس فكرة الاحتفاء والاحتفال بزواج المسيحيات من مسلمين وتغيير ديانتهن واعتبارها جهاداً مثل مسلسل «من الذى لا يحب فاطمة».
فى الحلقة 33 من مسلسل «ألوان الطيف» تذهب الأم المسلمة التى تمثل دورها إنعام سالوسة إلى إحدى بطلات المسلسل المسيحية
وتطمئن منها إلى أن الأب غير موجود بالمنزل، ثم تخبرها بأن ابنها عينه منها وعايز يتجوزها، فتخبرها البنت بأن المسألة صعبة نظراً لاختلاف الديانتين، تنتفض الأم فى خطبة عصماء عن التسامح قائلة: «يعنى لو كان ابنى سافر بره مش كان ممكن يتجوز مسيحية عادى، إيه التعصب اللى إحنا بقينا فيه ده، يا بنتى زمان على أيامنا ما كانش فيه مسلم ومسيحى»
الله على الحب والتسامح والملائكية، طبعاً الجمهور كله صفق انفعالاً بعد هذه الخطبة الدرامية، ومنكم مَن بكى وابتلت لحيته، لكن صنّاع المسلسل لم يستكملوا خط التسامح ويرسموا كل ألوان الطيف ويطرحوا سؤالاً على الأم: ماذا لو حدث العكس وتقدم لابنتك شقيق البنت جورج أو ميخائيل؟!
هل سترددين نفس أسطوانة «ليه التعصب ده وليه بقينا كده….» إلخ؟!
نريد حرية رايح جاى وليست وان واى، نريد بيتاً درامياً رحباً يسع الجميع، ولا نريد جيتو درامياً ضيقاً لا يدخله إلا مَن يحمل كارنية دين معين أو عقيدة محددة أو جنس بعينه أو طبقة محظوظة، الدراما للجميع، لكى تكون المواطنة والحرية للجميع أيضاً.