شارلي شابلن ” الحزين، الذي أسعد العالم ..
ـ شابلن من ملجأ الأطفال إلى العالمية ..
بقلم / أمل فرج
أخفى همومه ، وتعاسته ، وفقره ، ويتمه خلف تلك الملامح التي رسمها على وجهه ، والتي لا تشبهه على الإطلاق ، هو ” شارلي شابلن ” ـ سيد الشاشة الصامتة ـ كيف تعلم أجيال معنى الصمود ،والتحدي على يد شخصية تجدها هزلية ، ذات نشأة لا يمكن أن تنجب النجاح ، ولكن شابلن قد فعلها ..
ـ مولده ، وظروف نشأته :
ولد ” شارلي شابلن ” في ضاحية من ضواحي ” وريوث ” ، وهي الأكثر فقرا، وبؤسا في لندن ، في السادس عشر من إبريل عام 1889، كانت طفولته بائسة ؛ حيث ولد لأب سكير ، وأم مكافحة ، انغمست في عملها ؛ لتعوض دور الأب الغائب عن الوعي دائما ، إلا أن الأم قد خارت قواها ، ولم تسعفها قواها لاحتمال المزيد لإطعام صغارها ، فقد هزلت وأصيبت بأمراض سوء التغذية ؛ لأنه كانت تحرم نفسها الطعام ؛ لتطعم صغارها ،وقد كان والد شارلي شابلن قد انفصل عن والدته قبل أن يبلغ الثالثة عشر من عمره ، حتى كبر في كنف ، التي عاشت بصغارها في فقر مدقع ، وظروف قاسية بعد أن فقدت عملها ، وكانت تعمل مغنية ، ولكن أصيبت بمرض في أحبالها الصوتية ، وقد خرج ” شابلن “ـ وهو لم يشتد عود صباه بعد ـ للعمل مع أخيه الأكبر ـ غير الشقيق ـ ” سيدني ” في مسح الأحذية ، وعندما زاد الحال فوق السوء سوءا ، ولم تعد الأم قادرة على رعاية الأبناء ، قررت السلطات وضع ” شابلن ” و ” سيدني ” في ملجأ الفقراء ، ثم انتقلا بعد عدة أسابيع إلى مدرسة ” هانويل ” للأطفال الأيتام ، والمعدمين ، وكانت أمه حينها في مصحة للأمراض العقلية ،ويقول ” شابلن ” في مذكراته أنه لم يكن الفقر ، وقسوة حياته هي المصدر الرئيسي لحزنه ، ولكنه فقدانه لأمه ، التي لاينسى مشهدها ، وسوء حالتها وهي تحرم نفسها الطعام ؛ لتطعمهم ـ كذلك لا يتحمل أن يتذكر أن أمه كانت تعمل قبل مرضها ” فتاة للرجال ، وتتقاضى راتبها نظير ذلك ، ويبدو أن اختلاف العادات لم تجعله يتورع عن ذكر هذا ، وهذا حسب ما ذكر ” شابلن ” في مذكراته ـ كما ذكر بأن هذا ليس هو كل شيء ، ولكنه يخجل أن يذكر كل شيء .. ومع نهاية القرن التاسع عشر أصيبت والدته بمرض الزهري ، كما أدى إلى جنونها ، وكان ” شابلن ” وقتها في التاسعة عشر من عمره ، ولم يكن قادرا على نسيانها ، وعندما بلغ الرابعة والعشرين كانت بداية رحلته إلى عالمه الجديد ، حين سافر إلى أمريكا ، وكان لقاؤه الأول مع أصحاب شركة ” كيستوف ” للإنتاج السينمائي ؛ حيث تكونت هناك صورته التي انطلق من خلالها ، واشتهر بها في شخصية الصعلوك ؛ حيث القبعة السوداء ، والعصا الشهيرة ، والبنطال الواسع ، وحذائه الكبير ، فضلا عن ملامح وجهه التي لا تشبهه تماما ، وقد حقق ” شارلي شابلن ” نجاحا ساحقا ، حتى عرفه العالم بأسره ، وأصبح له جمهورا عريضا من الأطفال قبل الكبار ، وكان من أهم أسباب نجاخه أنه كان يوظف حلقاته في شكل كوميدي لتوصيل رسائل الحياة له في مأساة حياته ، ومن هنا كانت مقولاته الشهيرة التي كانت حكما يعيش بها الناس ، وتلمس حياتهم ، ويرددونها في المناسبات المختلفة . وقد عرضت عليه الجنسية الأمريكية ، ولكنه رفض ، مبررا ذلك بأنه مواطن عالمي : ” أنا رجل أنتمي للعالم كله ” ، هكذا جعل ” شابلن ” من حياته دروسا يتعلم منها البائسين ، وكيف أن العمل ، والكفاح ، والصبر ، والهدف قد يجعل منك شخصا أسطوريا ، كما أصبح “شابلن ” أسطورة لا يجهلها أحد ..
ـ الزواج في حياة ” شابلن “:
كان شابلن رجلا مزواجا ، تزوج أربع مرات ، ولكن لم يوفق في أي من زيجاته غير الأخيرة ، والتي أنجب منها ثمانية أبناء ، فضلا عن إنجابه من الثانية طفلين ، والتي كانت تشكوه للقاصي ، والداني بسبب امتناعه عن الإنفاق على أبنائه ، مما دفع نجمات السينما وقتها للتبرع للإنفاق على ابني ” شابلن ” وقد أطلق على هذا التبرع : ” لإطعام أطفال شابلن ” ؛ وكان لهذا أثره العميق في تراجع شعبية “شابلن” ..
ـ وفاته: توفي” شارلي شابلن ” عام 1977 عن عمر ناهز ثمانية وثمانين عاما ، في منزله ، أثناء احتفال أبنائه ، وأصدقائهم بأعياد الميلاد ، وفي أثناء الاحتفال اتجه ” شابلن ” لغرفته ، ونام حتى الصباح ، وعندما توجه الأبناء في الصباح لإيقاظه ، وتهنئته بعيد الميلاد ، كان ” شابلن ” قد فارق الحياة ، وكانت جنازة الفقير جنازة خيالية ، حضرها رؤساء أكثر من عشرين دولة ، فضلا عن حضور ثلاثة ملايين شخص ، يرفعون صوره ، ويبكون فراقه .
ـ سرقة جثة ” شابلن ” :
استمرت غرائب حياة ” شابلن ” تلاحقه حتى بعد وفاته ؛ حيث سرقت جثته ، في أحد أعياد الميلاد ، التي كان يطوف بها أهله بجثمانه ، خاصة وأنه قد مات في ليلة الميلاد ، وأرادوا أن يحتفل شابلن معهم رغم وفاته ، إلا أن بعضهم اتفق على سرقة الجثمان ، ومساومة الأهل مقابل فدية مالية ؛ فقد توفي ” شابلن ” والجميع يعل أنه من الأثرياء .. وقد تمكنت الشرطة من استرجاع الجثمان بعد أحد عشر أسبوعا من رقتها ، والقبض على سارقيها .
ـ من أشهر أقوال شارلي شابلن :
ـ لا تبالغ في المجاملة ؛ حتى لا تقع في بئر النفاق ، ولا تبالغ في الصراحة ؛ حتى لا تسقط في بئر الوفاحة ..
ـ لن تجد قوس قزح مادمت تنظر إلى أسفل ..
ـ يوم بلا ضحك ، هو يوم ضائع ..
ـ نحن نفكر كثيرا ، ونشعر قليلا ..
ـ الجوع لا ضمير له ..
ـ يجب أن يكون الجسد العاري الخاص بك ينتمي فقط إلى أولئك الذين يقعون في الحب مع الروح المجردة.