أنطوني ولسن
يعيش الإنسان حياته مجرباً، مشاركاً، محاولاً اكتشاف الغامض منها، والإستمتاع بالحلو فيها. ولا يعرف طعم السعادة، إلا من ذاق طعمها. ولا يشعر بالألم، إلا من عانى منه، ولا يحس بالحزن، إلا من فقد عزيزاً لديه. ولا يختبر فرحة اللقاء إلا من طال انتظاره لهذا اللقاء. ولا يعرف معنى الحب إلا من عاش حياة مليئة بالحب، ولا قسوة المرض إلا من قاسى منه. ولا يعرف قيمة الصحة إلا من حٌرم منها..
هكذا الإنسان من يوم مولده الى يوم وفاته، يعيش حياة التجربة، والمشاركة، والمعرفة.
يتساءل إذا اصابته مصيبة: لماذا أنا؟!.. ظاناً انه دون سائر البشر، يجب أن يكون بعيداًعن المصائب، غير متوقع لشرور الحياة ومصائبها. إذا كان الإنسان في حالة صحية جيدة لا يتوقع المرض. يلهو ويتمتع بالحياة دون تفكير في المرض. أو ما قد يكون عليه أمره اذا مرض.
هكذا يعيش الإنسان هذه الحياة المتضاربة المليئة بالمفاجأت والمتناقضات. فهل يتعلم؟!.
قد يتعلم البعض وقد لا يتعلم البعض الأخر. من يتعلم ومن لا يتعلم في النهاية يتساويان. وهذا الجزء المحزن في قصة الإنسان قصة الحياة والموت. قصة الوجود والفناء. لكن هل وجد الإنسان ليحيا ويموت، وما بينهما يذهب مع الريح، لا قيمة له ولا حسبان؟. وإن لم يكن هذا، فلماذا ضاع ملايين الناس تحت صفحة النسيان، ولم يعرف احد عنهم شيئاً؟.
الحقيقة غير هذا. الإنسان قصة حية دائماً في العقل والوجدان. دائما موجود حتى بعد الموت.. موجود الأب في ابنه، والأم في ابنتها. ألم نسمع القول الذى يقول من أنجب لم يمت وليس في الإنجاب فقط بل في كل ما هو يفعل ويعمل اسمه مخلد. اسمه الإنسان.في وسط الأفراح واللهو دائماً يتذكر ماذا بعد هذا؟ وفي الأحزان والأكتئاب، يبتسم ويأمل. نعم يأمل.. فهذه الكلمة “الأمل”، هي مفتاح الحياة، وبلسم الجراح ومبدد الأحزان. بالأمل يرتقي الإنسان وتتغير نظرته للحياة، تضيء الدنيا أمام من يعيش بالأمل مهما كان الظلام محيطاُ به.
منذ أن وجد الأنسان على وجه الأرض، وهو في تجارب ومعارك مع الحياة ومع نفسه. يفشل ولكنه يأمل في النجاح. يمرض، لكنه يأمل في الشفاء. يموت ولكنه يأمل في الحياة بعد الموت حيث يجد الراحة من كل آلامه وأحزانه، والأمان لكل مخاوفه وظنونه.
هذا هو الإنسان الذي حباه الله كل شيء، ومنحه نعمة الأمل ليستمتع بالحياة!. يعيشها في محبة، ووئام، وسلام مع نفسه، ومع الناس، وأهم شيء مع لله.
الأمل قاهر اليأس وقاتله. فلماذا لا نعيش بالأمل وعلى الأمل؟. لماذا لا نقول لأنفسنا أن غداً يوم آخر جديد.. غداً أفضل من اليوم وبدون شك هو بعيد جداً عن الأمس!