يقول المفكر المصري الدكتور طارق حجي : ان الدولة الرخوة سريعاً ما تنهار.
وان تعيش الدولة بكل مؤسساتها حالة الشيزوفرينيا (schizophrenia )
وهي حالة من الانفصام في الشخصية ومن ثم في الآليات التي يتم بها إدارة زمام الامور.
لن أتطرق هنا الى الماضي السحيق ولكن الى عهد قريب. وبالتحديد منذ ثورة 25يناير وأكثر تحديدا منذ مذبحة ماسبيرو .
منذ ذلك الحين والدولة تتعامل بحالة من الشيزوفرينيا المطلقة وهذا امر مقصود جداً.
كانت المظاهرات الفئوية وغيرها تجوب ربوع البلاد ، فكان عمال غزل المحلة يقومون بإضرابات واعتصامات لتحسين اوضاعهم ، وجماعة 6 ابريل ايضاً كانوا ينظمون مظاهرات ، والناصريين والمنتمين لحزب الوفد وغيرهم…
كانت تلك الامور بالنسبة للمجلس العسكري آنذاك وللدولة عموما عادية جدا، ولكن عندما بدا مجموعة من الأقباط العزل السير نحو ماسبيرو للمطالبة ببعض حقوقهم المهدرة منذ مئات السنين والذي يعرفها القاصي والداني ، قامت الدنيا ولم تقعد وكانهم ارتكبوا أفظع الجرائم رغم ان التظاهر كان متاح حينذاك. فراحت وسائل الاعلام تروج ان الأقباط هاجموا الجيش وانهن قتلوا منه أعداداً كبيرة .
والعجيب وَمِمَّا لم يدع مجالا للشك ان عدد الأقباط الذين استشهدوا 28شهيداً ولم يصاب اي جندي او مدني في الأحداث بطريق او باخرى…وهذا يؤكد حتى للإنسان البسيط ان الذين خروجوا في ماسبيرو كانوا عُزل ولم يكن هدفهم سوى ان يوصلوا مطالبهم .لكن ارادت الدولة ان تصل رسالة مفادها انه ليس للأقباط اي حقوق مزعومة ومن أراد غير ذلك فمصيره الدهس تحت عجلات المدرعات.
عندما لا يقبل قاضٍ شهادة القبطي في المحكمة وذلك دون رادع من الدولة فان الدولة ليست بكامل قواها العقلية، وعندما يهاجم احدهم قبطيا فان قوات الأمن تهرول مسرعة في تصريحاتها بان الجاني مختل عقليا ، هذا وقبل ان تظهر التحقيقات اي ملابسات للحادث. وهنا يطرح السؤال نفسه متى قامت اجهزة الأمن بالكشف على أهلية الجاني؟!
واذا قبض على احدهم فانه سرعان ما يخرج حرا طليقا دون عقاب. أليس هذا خلل في سلوكيات وعقلية الدولة؟!
عندما يهاجم شخصا اجهزة الأمن او اي هيئة اخرى فانه حتما ارهابي ويستحق أقصى العقوبة ، اما عندما يهجم قبطياً فانه مختل عقلياً …
عندما يذهب قبطيا للعب في احد الأندية المصرية فلا يقبلونه لأسباب طائفية وفِي نفس الوقت يذهبون لشراء افارقة وبالعملة الصعبة…
وممارسات كثيرة من هذا القبيل لا أظن ان تسعها كتب ولا تحويها صحف.
الأقباط تأتي عليهم الايام يصلون في الشوارع واجهزة الدولة تتعسف في معاملاتهم،بينما ينعم السيخ والهندوس بدور للعبادة في دولة الإمارات العربية المتحدة.
وكل الطوائف والملل والنحل يأخذون حقوقهم في دول الغرب التي لا تعجبنا حتى الذين بلا عمل يتقاضون مرتبات رائعة ويقطنون العمارات الشاهقة وهم وافدون ليست بلادهم .
لماذا يعيش المواطن المصري بذل وهوان ؟!
الا يستحق العيش بكرامة دون ان تهدر اي من حقوقه؟!
اليست على هذا الأساس قامت الثورات؟!
لماذا تعيش اجهزة الدولة حالة من الانفصام في تعاملات مع المواطنين؟!
افيقوا فان القاع قد ازدحم…