منذ أيام انتشر مقال لكاتبه سعوديه تتحدث فيه عن مصر و المصريين و كأنه كالنار في الهشيم في انتشاره ، فزاد هذا المقال من سخط جموع المصريين في كل أنحاء العالم علي اختلاف اطيافهم و اديانهم و إنتماءاتهم معربين عن غضبٍ هائل لما احتواه مقال هذه الكاتبه من إساءه لنا و لمصرنا الغاليه .
وكوني لا أنتمي إلي مدارس الردح الصحفي حاولت جاهداً عدم الرد علي إدعاءاتها و سبابها في حق المصريين جميعاً ولكنني لم أستطع فأثرت الرد دون إساءه لشخصها أو لغيرها فالحمد لله لقد نشأت علي عدم البدء بسوءٍ أبداً و أن أرد بأدب علي إساءة الأخرين و لعل هذا ما علمته لي بيئتي الصعيديه التي أفخر دوماً بها .
عرفت أصدقاء سعوديين في مختلف المجالات و كوني طبيب تعاملت مع مختلف المستويات الإجتماعيه و الثقافيه فلم أجد من الكثير منهم إلا كل الإحترام و التقدير و ما أثار دهشتي معرفة أناسٌ من بسطاء الشعب السعودي لتاريخ مصر و حبهم و تقديرهم لما قامت به مصر لخدمة الأمه العربيه أجمعين و لعلي أتذكر أحدهم و هو يحدثني عن أنه و أفرادٍ من أسرته كانوا يعملون بمصر في ستينيات القرن الماضي و ما يزال حنينه لهذه الأيام و التي وصف نفسه فيها أنه كان في بلده الثاني مصر فلم يذله أحد أو يتعالي عليه أحد و لم يقل له أحدهم لماذا أتيت لتقاسمنا قوت أولادنا!!.
و لعلي أتذكر أخراً يتحدث عن مصر الملكيه و ستينيات القرن الماضي و هو يقول كنا نري كسوه الكعبه أتيه من مصر ، كماقابلت أخرين مازالوا يتذكرون مَن عَلمهم وطَببهم أطفالاً وشباباً ويكيلون بالشكر لمن يعمل علي مساعدتهم إلي الأن في شيخوختهم من مصر في شتي مجالات الحياه .
قرأت مقالك و تعجبت أيما استعجاب من لهجة التعالي و زاد استغرابي حديثك عن المصريين بالأشقاء فلم أشعر أبداً من مقالك ببعضٍ من هذه الإخوة التي تدعين !! و لكني شعرت بإستعلاء و تعالي .
دعيني أعبر لكي عن شعوري الحزين كمصري يعشق تراب بلده و يرفض تماماً أن تمس كرامة بلاده و شعبها بأي إساءه من أي شخصٍ كان شقيقٍ كان أو غير ذلك مع ثقتي التامه أن الأشقاء (الشقيق بمعني الكلمه ) لا يقبل أبداً الحديث عن مصر بهكذا تعالي و هو يعرف دائما و أبداً قيمه مصر في الماضي و يقدرها إلي الأن شعوراً منه بدور مصر للأمة العربيه جمعاء علي مر العصور وهو ليس فضلاً ولكن واجباً عليها و لكن كيف سولت لكي نفسك حتي تتحدثين هكذا حديث عن مصر التاريخ ، أقدم إمبراطوريات التاريخ ، أقدم حضارات العالم مصر ، مهد الديانات و مسكن الأنبياء .
مصر التي أطعمت الدنيا بخيراتها وقمحها ، مصر التي علمت الدنيا الإسلام بعلماءها ، مصر التي نشرت القرآن إلي ربوع العالم بقراءها و عبر أزهرها الشريف ، مصر التي كانت يوماً رائدة الصحافه العربيه و التي كانت يوماً بلد الفن الهادف الأصيل ومصر التي علمت بلدان العرب العلم و طببتهم بأطباءها و مازالت إلي الأن .
اقرأوا التاريخ لتعرفوا من هي مصر التي حمت الأمه من التتار الذي لم يبقي علي الأرض أخضراً ولا يابس و التي حفظت المسلمين من الحملات الصليبيه الغاشمه ، فمن غير مصر من واجه الأخطار و مازال من أجل الأمه ، من غير مصر و شعبها دفع هذا الحجم الهائل من الدماء و الأرواح فداءاً لأمته ، مصر التي ساندت العراق في حربها مع إيران ، مصر التي وقفت مع الكويت حينما اجتاحتها القوات العراقيه ، مصر التي لا يوجد بيت بها يخلو من شهيدٍ من حروبها السابقه و حتي الأن في حروبها علي إرهاب قوات الظلام ، أيقال عن شعبها أنه يريضي أن يبيع أرضه و لو بكنوز الدنيا فمن إذن يدفع دمه علي مر التاريخ من أجل أرضه و عقيدته.
تلومين أهلها بأن ظروفهم الصعبه ذهبت بهم للعمل خارجها فلم لم تشكريها و قد حملت قديماً من بلدان الخليج و غيرها الكثير و تحمل إلي الأن و علي استعداد لتحمل جميع الأشقاء العرب من لم يستطع العيش في بلدانهم بعد أن أصابها الوهن و الفتن و يعيشون فيها كشعبها تماماً يأكلون و يشربون من نفس أكلنا و شرابنا دون تفريقٍ أو مهانه.
لا ألوم عليكي جهلك بتاريخ مصر فلسوء حظك أنك لم تشاهدي مصر إلا في عصور ٍ انتشر فيها الفساد فمصر منذ فتره ليست بالقصيره تعاني من فسادٍ و تراجع في دورها الإقليمي و العربي الإسلامي و لكن هذه سنه الحياه فلم يذكر التاريخ أمةً إلا و ذكر فيها فترات ضعفٍ وقوه و لكنها يوماً ما ستعود و بقوه بإذن الله .
نعم هناك ضعف حالي لكنها مصر أنبياء الله يوسف ، موسي و عيسي ، مصر الشعراوي و الغزالي ، مصر علي ومصطفي أمين ، مصر الفراعنه والتاريخ الذي يقف أمامه علماء التاريخ في اندهاش ، انها مصر عبد الباسط والمنشاوي ، مصر أم كلثوم و العندليب و مصر مشرفه ، زويل ويعقوب !! عذراً فهذه نماذج فقط فلا يتسع مقالي ولا وقتي لذكرهم أجمعين فمصر التي تسخرين من شعبها صاحبه أكبر عدد علماء في أنحاء المعموره ورغم أن هذا ليس مدعاة ً للفخر و لكنهم مصريون يعشقون تراب بلدهم مصر ولا ذنب لهم أبداً ليحملوا مسئوليه فساد عشش في بلدهم منذ سنوات مضت .
عذراً ، فالمصريون أكثر شعوب الأرض ارتباطاً و حباً لتراب وطنهم و هي عندهم أغلي من حياتهم و استعجب أنك لا تعلمين مدي حب ملوك السعوديه و شعبها في أغلبه لمصر و شعبها كما يعشق المصريون بلاد الحرمين فنحن أمةٌ واحدهٌ ضعفها و نهايتها في فرقتها و بث الفتن بين أعضائها، و قوتها في اتحادها.
حفظ الله مصر وبلاد الحرمين و سائر بلدان أمتنا العربيه و الإسلاميه .
الوسومالدكتور ايهاب ابورحمه
شاهد أيضاً
“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “
بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …