الإثنين , ديسمبر 23 2024
الملك فاروق

محمد السيد طبق يكتب من أوراق التاريخ

حينما كانت مصر تنفق ولا تنتظر شكرا من أحد .
لمن لايعرفون ” قدر” مصر , من أبناؤها ومن بعض الدول العربية .. ولمن يتطاولون على قامة مصر من ( محدثى النعمه ) , ويعايرونها بفقهرها الآن!!! فليتذكروا , أو يسألوا أبائهم عن أثر مصرى كان موجود منذ زمن بعيد فى المدينة المنورة ومكه المكرمة اسمه ( التكيه المصريه ).. وعندما كانت شعوب الحجاز وماحولها تتضور جوعا” و كسوة , لم تبخل مصر عليهم ابدا بالمأكل والملبس والمال …. ولأكثر من عشرة قرون
ودون انتظار طلب منهم , أو منة منها أو انتظار شكر , كانت تهب لنجدتهم , ولكن بدافع فقط الأخوة والأحساس بالمسؤلية تجاههم , هذه هى مصر ,,, لمن لايعرفها
فقامت بفتح ” التكايا ” بالمدينة , ومكة , وجده .. كانت التكية المصرية : أو المبرة المصرية ، مكان تصنع فيه الأطعمة وتقدم للفقراء ، وكانت في مكة المكرمة والمدينة المنورة تكايا موقوفة من مصر للفقراء هناك .
وعن هذه التكية يذكر لنا إبراهيم باشا أنها (هي من الآثار الجليلة ذات الخيرات العميمة ، وأنها نعمت صدقة جارية لمسديها ثواب جزيل وأجر عظيم ) .. وكان يصرف يومياً من العيش ما يقارب (400 أُقه) والناس حوالي (4000) شخص في ذلك الوقت بتناوبون في الأخذ ، ويزيد عددهم في شهر رمضان حتى آخر ذي الحجة لورود كثير من الحجاج الفقراء من السودانيين والمغاربة وغيرهم ، ثم يتناقص العدد بعد ذلك .. وكان فيها طاحون يتناوب إدارتها أربعة بغال لطحن القمح ، وبها فرن ومطبخ وفيها أماكن مفروشة للجلوس، وكان فيها بركة ماء ، وكان لها ناظر ومعاون وكتبة يقومون جمعياً بخدمة الفقراء ، وقد أنشأها محمد علي باشا سنة 1238هـ 1816 ميلادية أثناء حكم المصريين للحجاز .. وفيها حنفيات بتوضأ منها الناس ، ويرد إليها الفقراء في الصباح والمساء فيتناول الفقير في كل مرة رغيفين وشيئاً من الشربة .ورغم خروج مصر من شبة الجزيرة العربية عام 1840 وانتهاء السيطرة السياسية لمصر على أرض الحجاز ، إلا أن حبال التعاون ظلت ممدودة ، وظل الحجار يعتمد على ما ترسله مصر سنويا من خيرات ومخصصات للحرمين الشريفين وللأشراف والقبائل العربية فيما عرف باسم مخصصات الحرمين والصرة الشريفة.
وأقيمت هذه التكية مكان دارالسعادة التي كانت سابقاً محل حكومة بني زيد من الأشراف ، ودار السعادة بناها الشرف محمد بركات في عام 866هـ ..وكان موقعها في أجياد من الجهة الجنوبية ، وبجوارها دار الحميدية ، مقر الرئاسة التركية الرسمية ، والتي أصبحت مقراً لدوائر الحكومة في العهد السعودي .
وقد هُدمت في أيام الملك سعود عام 1375هـ وتم إدخال مكانها في توسعة المسجد الحرام ، وأعطت الحكومة السعودية لوزارة الأوقاف المصرية مكاناً ممتازاً بمحلة أجياد لإقامة هذه التكية ، عوضاً عن محلها القديم . فبنيت على حساب وزارة الأوقاف المصرية .. ومما يجدر بالذكر أنه بعد قيام الثورة المصرية وإخراج أسرة محمد علي باشا من الحكم استبدلت وزارة الأوقاف اسم التكية المصرية باسم (المبرة المصرية) وذلك عام 1374هـ .
إن مصر لم تبخل ابدا علي اشقائها العرب ولا جيرانها الأفارقة أنها لم تبخل علي العالم حين كانت دائما هي سلة غذائة ودرعة الواقي لقد منحها الله خصوبة وقوة وذكرها ونظر اليها أنها كانت دائما حصنا للانبياء ومسكن القديسيين ومنازل الصحابة .. إنها ليست محدثة نعمة فهي اصيلة غنية باقية بأمر الرب الواحد وهي ليست منانة ولا فاجرة ولا تعاير أحد أبدا لكنها تبقي أكبر شاهد من التاريخ نفسة تبقي أهم كتاب واعظم صفحة لكن اكثر الناس لا يفقهون

1 3 2

 

شاهد أيضاً

“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “

بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.