تلخيص إكليريكى ناصر عدلى محارب
مولده وحياته :
ولد عم سعيد كيرلس سليمان ، فى 19 مارس 1905 م فى حوض الزهور بالسبتيه بالقاهرة ونشأ فى بيت مسيحي حقيقى ، ولأن أبويه يعرفون كيف يقدسون أيام الرب ويعرفون الطريق إلى الكنيسة ، تربى أولادهما فى مخافة رب المجد يسوع المسيح .
حصل عم سعيد كيرلس على الكفاءة بعد دراسته فى مدرسة الأمريكان وعين موظفا فى قسم الأرشيف بمصلحة التليفونات سنة 1928 م .
كان أمينا فى عمله فى اوقات حضوره وانصرافه ومحبوبا جدا من الجميع ، لم يكن متكلفا أو متكبرا حتى إحالته الى المعاش ، فكان التواضع سمته التى لم تتغير قط .
كان مشهودا له بأنه رجل الله الذى يقدس أيام الرب فكان رائحة المسيح الذكية لجميع زملائه فى العمل وكان لا يتنازل عن اجازته السنوية فى اسبوع الالام ، إذ كان حريصا على قضاءه فى الكنيسة يوميا صباحا ومساءا .
كان يهتم بحياته العائلية جدا فكان صديقا لأولاده فرباهم جميعا فى مخافة الرب فتقدموا روحيا وعلميا وقد ظهرت محبتهم له بوضوح أثناء مرضه ويوم انتقاله ، وكان محبوبا جدا من زوجته وأولاده وأحفاده ايضا .
خدمته :
رشم عم سعيد كيرلس شماسا سنة 1928 م على يد الأنبا سرابيون أسقف الخرطوم ، وكان حافظا للألحان والتسبحة ويرددهما كثيرا .
كان مواظبا على حضور القداس الألهى باكرا جدا ويصلى التسبحة بجوار معلم الكنيسة مرتديا التونية ، ودائم التواجد فى قداس الخامسه صباحا فى البطريريكية القديمة بالأزبكية ، حتى ان يوما سمعه القديس البابا كيرلس السادس وسال عنه المعلم قائلا ” مين يا معلم اللى كان بيصلى معاك الذكصولوجيات ” فرد المعلم ” ده عم سعيد كيرلس ” وكانت اول مره يلاحظ البابا كيرلس عم سعيد ، وبدا يلاحظه بأستمرار فى قداس الخامسة صباحا واخذ يناديه ” عم كيرلس ” تاركا أسم عم سعيد .
كان يخدم ومنضما الى كثير من الجمعيات مثل جمعية جنود مارجرجس بشبرا . وكان يبحث عن رب المجد فى المكان ولا يبحث عن المكان نفسة فيبحث عن الأماكن المجهولة والغير مطروقة من الناس فى الخدمة .
دعوته للكهنوت :
دخل الكهنوت من باب المزود اى باب الفقر الأختيارى وعدم الشهرة بدون ضجيج ولا أضواء ، وفى يوم الاربعاء 10 أبريل 1968 م فؤجى اثناء تواجده بالقداس بتليفون من السكرتير الخاص لقداسة البابا كيرلس السادس وهو الاستاذ روفائيل ” القمص رؤفائيل افا مينا حاليا ” بان سيدنا يطلب حضوره وبعد انتهاء القداس توجه عم سعيد كيرلس الى البطريريكية وهو مرتبك يفكر فى طلب البابا له ، وقابله احد الكهنة المعروفين فى ذلك الوقت وهو خارجا من عند البابا فساله ” يا ترى سيدنا عاوزنى ليه ؟
” فأشار له بوضع يده على رأسة ولكن عم سعيد لم يفهم الأشارة ، فقال له صراحة ان سيدنا يريد رسامتك كاهنا فأجابه عم سعيد كيرلس ” عاوزين أبقى شحات زيكم ” ودخل الى قداسة البابا كيرلس وقال له قداسته ” النعمة تدعوك للخدمة يا عم كيرلس ، فرد عليه ” انا كبرت يا سيدنا وصوتى راح وطلعت على المعاش ومبقاش فى صوت خالص ” فرد قداستة ” هو انت ح تغنى على المسرح ؟ .
وحاول عم سعيد ان يرفض فى ادب وينسحب فى هدوء واتضاع ولكن قداسة البابا كيرلس كلم سكرتيره الخاص الاستاذ روفائيل وقال له : حاول تقنع عم كيرلس بالرسامة وإذا وافق فسوف اسميه على اسمك .
وذهب الاستاذ روفائيل الى عم سعيد قال له ” سيدنا مصمم على رسامتك ، فلا ترفض النعمة القادمة إليك ولا ترفض طلب سيدنا ، لئلا يغضب ويزعل منك . فتراجع عم سعيد المتضع والشاعر بمسئؤلية الكهنوت ووافق على الرسامة .
ثم ذهب الى البابا يطلب منه يعطيه فرصة من الوقت يعد لنفسه ملابس الكهنوت فقال له البابا كيرلس ” لا داعى ، سوف اعطيك الملابس الخاصة بى وقت أن كنت راهبا قبل رسامتى بطريريكا ” ، واهداه البابا كيرلس ملابسه الكهنوتية وتمت سيامته فى يوم جمعة ختام الصوم المقدس الموافق 12 من ابريل 1986 م على مذبح المستشفى القبطى بدون شعب وبلا ضجيج ولم يحضر الرسامة سوى زوجته وزوجة ابنه ونيافة الحبر الجليل الانبا مكسيموس الذى وضع العمة على راسه ودعى اسمه القس روفائيل كيرلس .
وبدأ ابونا فى الصلاة فلم يعجب السكرتير الخاص للبابا الاستاذ رؤفائيل وعلق قائلا ” انه يتهته اثناء الصلاة ” .
ولم يجيبه البابا كيرلس وبعد مرور زمن على هذا الموقف كان قدس ابونا روفائيل كيرلس يصلى القداس الألهى فى حضور البابا كيرلس السادس فنادى قداسته على سكرتيره ودار بينهما الحوار التالى :
رجل الله : هل هذا الكاهن يتهته فى الصلاة ؟
الاستاذ روفائيل ( القمص روفائيل افا مينا ) اسف جدا يا سيدنا .
أنا اراه منطلقا فى الصلاة بمنتهى القوة والدقة ، انه خادم نشيط يصلى التسبحة عربى وقبطى ، خادم حلو خالص بيصلى من كل قلبه .
رجل الله : صدقنى يا ابنى لو فيه عشرة من الراجل ده كان ربنا يرفع غضبه عن العالم كله .
ثم بترتيب من الله تمت دعوتة للخدمة فى كنيسة الشهيد العظيم مارجرجس بالمطرية ، فكان قد انتدبه البابا كيرلس لهذه الكنيسة لعدم وجود كاهن بها ، وثم بعد ان احس شعب الكنيسة بأبوته وقداسته طلب اعضاء لجنة الكنيسة من قداسة البابا كيرلس السادس اختيار ابونا روفائيل كيرلس للخدمة بكنيستهم وحين سالهم لماذا اخترتموه ؟
قالوا ، لاننا سمعنا انه رجل قديس وطاهر ولا ينظر الى المادة ،
فرد قداسة البابا ” هو فعلا كذلك ” .
وبالفعل شكل قداسة البابا كيرلس السادس مجلس الكنيسة وقال للاعضاء ” سوف اعطيكم ابونا روفائيل بس تبسطوه وتعطوه حق المواصلات ” وهكذا اصبح قدس ابونا روفائيل كيرلس كاهن كنيسة الشهيد مارجرجس بالمطرية .
مقتطفات من فضائله :
• رجل تسبيح ومواظبا على حضور التسبحة فكان فما دائم التسبيح والتراتيل وكان فى الطريق مرنما للرب .
• كان يخدم فى اى مكان يحتاج اليه فى محبة وتواضع ، فى اماكن وكنائس المعادى ومصر القديمة وشبرا .
• كان علاقته باخوته الكهنه علاقة تملاؤها المحبة ولا يتاخر عن خدمة اى كاهن حين يطلب منه الصلاة بدلا منه اثناء سفره .
• كان متفانى فى عطاياه واعتاد اول كل شهر عندما يصرف معاشه من البنك المجاور لجمعية المساعى الخيريه للبنات اليتيمات بشبرا ، ان يذهب الى اليتيمات ويعزيهم ويدفع لهم مبلغ من المال ويحدثهم عن محبة الرب .
• كان عطوفا على الشعب والشمامسة والخدام وحتى على الحيوانات والقطط ، فكان يعطى للقطط طعامة فى اوقات كثيرة .
• كان يهرب من الشهرة والأضواء وعاش بعيدا عنهما ، فكان يردد عبارة انه غير مستحق لنعمة الكهنوت واثناء عظاته كان يخلع العمامة ويقول بتواضع ” انا لا استحق هذا العمل الكهنوتى ” .
• محبته للافتقاد والعمل الرعوى حتى ان قداسة البابا كيرلس قال لاعضاء الكنيسة ” يا أولادى أشفقوا على شيخوخه ابونا رؤفائيل ” .
• كان سبب بركة فى تكمله بناء الكنيسة واتم رفع المنارات وثبتت الهياكل واكملت المقاعد والانوار بعد ان كانت الكنيسة عبارة عن الطوب الاحمر وبالحصير ، تم كل هذا دون ضجيج .
• كان محبا وعاشقا للمذبح والذبيحة ، يحضر القداس معظم ايام الأسبوع ، وأن لم يكن فى كنيسته ففى كنائس شبرا حتى ان معظم كنائس شبرا المحيطة بشارع العطار تعرف جيدا من هو ابونا رؤفائيل كيرلس .
• كان يهتم بالخدمة الشماسية ويرحب بالخدام ويناديهم بالأبطال ويقول لكل شماس انت جندى المسيح هل انت مستعد ؟ وعند رشم التوانى يسال عن استعدادهم للخدمة . وعن محبته ايضا للخدام ويدعوهم بالابطال ويطلب منهم ان تكون قلوبهم نظيفة ويكونوا باستمرار فى طهارة ، وكان يشارك اولاده الخدام والشمامسة فى كل المناسبات وفى صباح العيد ليشجعهم .
• كان يعيش حياة القداسة ومفاعيلها الروحية ، فكان يفيض برائحة المسيح الذكية ويشعر بها كل من يتعامل معه .
• كان بسيطا فى ارشداته واجوباته ، الا ان كل اولاده اللذين اطاعوها ونفذوها شهدوا انهم كانوا يشعرون ان هناك قوة تسندهم ، ويتابع معترفيه ويسال عنهم وكانت مع البساطة حكمة شديدة فى حلول المشاكل او التدريبات الروحية ، ويحكى احد الشمامسة القريبين منه انه كثيرا يشم رائحة بخور تخرج من فمه اثناء الإعتراف .
• كان امينا مع نفسه حتى ان احد من اعضاء الكنيسة قدم فيه شكوى وطلب منه ان يرسلها الى قداسة البابا وبالفعل سلم الشكوى الى البابا كيرلس فقال له قداسة البابا ” هذة الشكوى مكتوبه ضدك فهل تعلم هذا ؟ فاجاب قدس ابونا رؤفائيل ” نعم يا سيدنا ولكن الامانة تقتضى منى توصيلها مهما كان محتواها ، فتعجب البابا كيرلس من هذا الرجل القديس البسيط الذى دفعته امانته لتوصيل شكوى مكتوبة ضدة للبطريرك .
• محبته وفرحته برسامة كاهن شريك معه فى الكنيسة لا توصف وكان يدعوه أبنى وأخى و أبى ، وفى كل مرة يرسم كاهن جديد يكون فرحا ويتهلل وكان يتمنى رؤية اكبر عدد من الكهنة بالكنيسة وكان دوما يقول ” أن الحصاد كثير ولكن الفعلة قليلون ” مت 9:37 ” .
• ممارسته لاسرار الكنيسة ومنها سر مسحة المرضى والافتقاد وعمل القناديل فى المنازل ، بتدقيق وبصلاة قلبية وطقسية حتى ان كثير من المرضى نالوا الشفاء بصلاته ، وايضا كثيرين من المرضى كانوا يطلبونه بالاسم مؤمنين بقوة وإقتدار صلاته التى يصليها من كل قلبه من أجل المريض ، وكان امينا فى أفتقادة وزيارته واستمر امينا فى زياراته وافتقاده حتى شيخوختة وكم من مرة يسقط على الارض اثر تعثره بحجر فى الطريق وعدم قدرته على حفظ توازنه ويقول عبارته المشهورة ” لك الحمد والشكر يا رب “.
• كان عفيف الروح والنفس والجسد محلقا فى السموات فلم تعد للارضيات اى جاذبية نحوه ، لم يثقل على احد وكان يعيش على لقمه قليله أو قرباتنة صغيرة حتى يعود الى منزله .
• هناك معجزات كثيرة يحكيها اصحابها وتلاميذه ومرافقية اثناء فترة خدمته منشورة بكتاب ” رجل الله وابونا روفائيل كيرلس ” الكتاب التاسع .
نياحته :
فى ايامه الأخيرة أشتد عليه المرض جدا ، فحول منزله الى كنيسة فكان الانجيل المقدس والاجبية مفتوحين دائما الى جواره حتى مع الآم المرض المبرحة ، ونقل الى مستشفى القبطى حيث خرجت روحه الطاهرة تحملها الملائكة وانطلقت الى السماء وكان ذلك يوم الخميس الموافق 13 اكتوبر 1988 م ، وكان قبل الوفاة يردد ” خلاص انا مروح كفاية كده ، مبقاش فيه فائدة أنا مسافر إلى فوق ” .
معجزاتة بعد وفاته :
كثيرة وتحدث حتى الأن حتى ان حفيدته اخبرتنى أنه كثيرا عندما تات سيرته وهى تتحدث مع والدتها عنه يشتمان رائحة البخور ، ومن الجميل فى نياحته ، انه حينما وصل جثمانه الطاهر الى مدافن مارمينا بمصر القديمة وجدوا نعش لطفل صغير منتظرا ولما سالوا عن حكايته قالوا لهم ” ان هذا الطفل قدم الى القاهرة من بني سويف وكان يعانى من فشل كلوى وتعب من العلاج وقبل وفاته بالأمس قال لأبوه : خدنى الى دير مارمينا بفم الخليج ، علشان فيه ملاك اسمه رؤفائيل سيأخذنى من هناك “
وفعلا بعد ان مات الطفل ذهب الأب الى المكان حاملا جثمانه وظل فى انتظار الملاك القادم الذى حدثه أبنه عنه ، ولما جاء ابونا روفائيل ، فرح الآب جدا لأن أبنه كان صادقا فى رؤياه الإلهية ، وطلب بالحاح أن يدفن مع ابونا وسمحت له الاسرة .
بركته تكون معنا امين